لم تختلف إجتماعات قادة تحالف نداء السودان المعارض بباريس منتصف هذا الشهر عن سابقاتها من حيث إتساع حجم هوة الخلافات بين التيارات المكونة للتحالف علي المستوي الفكري وتزايد أزمة الثقة بين قياداته العسكرية والمدنية. ويري المراقبون المتابعون للحراك المعارض للحكومة بالخارج، أن إجتماع نداء السودان الأخير الذي إنعقد بالعاصمة الفرنسية باريس في الفترة من"15 19″ أغسطس الجاري، برئاسة زعيم حزب الأمة القومي المعارض، الصادق المهدي ومشاركة مني أركو مناوي الأمين العام للتحالف، أظهر بجلاء أن التهديد بالتصعيد ضد الحكومة أصبح نغمة مكررة ودليل علي إفلاس مكونات التنظيم، حيث أظهرت أجندة اللقاء مدي بعد التنظيم عن هموم ومشاغل المواطنين والمتاجرة بمعاناتهم، وذلك بالدعوة للتصدي لما أسموه "ميزانية الفقر"، دون توضيح رؤيتهم للحل في الجانب الإقتصادي ،فضلاً عن افتقاد التحالف للبعد الجماهري. و دعا الإجتماع لإعتماد خطة لمقاومة ورفض تعديل الدستور، وذلك بالعمل المشترك مع كافة المعارضين لتعديله، وإبتدار ما أسماه بالحملة الجماهيرية والقانونية الإتصال بالمنظمات الدولية والبرلمانات، مع العلم بأن نداء السودان ليس لهم تواجد داخل مجلس الوزراء أو أي مشاركة بالبرلمان، تتيح لهم فرصة تعطيل أي تعديل للدستور من داخل الجهاز التنفيذي او الهيئة التشريعية. كما نشط قادة المعارضة المجتمعون بباريس في إظهار أن هنالك إقبالاً للإنضمام لتجمع نداء السودان من قبل ما أسموه بكتلة النازحين واللاجئين، دون التوضيح عن اعطائهم حق تمثيل هذه الشريحة.. هذا الإعتقاد يشير الى إستمرار الجماعات المعارضة في إستغلال قضايا النازحين واللاجئين ومحاولة المتاجرة بها، وايضاً من الواضح أن المعارضة تخشي من فقدان ورقة اللاجئين والنازحين، خاصة بعد نجاح الحكومة في معالجة الكثير من مشاكل المواطنين المتأثرين بالحرب في الفترة السابقة وإستمرار الدولة في تنفيذ برنامج العودة الطوعية للراغبين منهم إلي مناطقهم الأصلية. ولكن من أكثر المفارقات التي لفتت نظر المهتمين بالعمل السياسي بالبلاد، أن إجتماع نداء السودان توجه بالتهنئة الحارة لشعب جنوب السودان وقادته بما أسموه بالخطوات الهامة علي طريق السلام، كما دعا الإجتماع الفرقاء الجنوبيين لتكملة الإتفاق وإنهاء الحرب وإستعادة العلاقة الإستراتيجية بين دولتي السودان، وكانت المفارقة أن مجموعة نداء السودان عجزت عن تطبيق أي من القضايا التي دعت الفرقاء الجنوبيين لتطبيقها، وأصبح حالهم أقرب للقول الشائع "فاقد الشئ لايعطيه". وجاءت المفارقة الثانية بإصدار التحالف لقرار بعقد مؤتمر وورشة للنساء السودانيات لتفعيل دورهن بشكل حاسم في العمل المعارض، وذلك ما خلص اليه بعد إستعراضه لما أسماه ب "سلبيات العمل المعارض" فيما يخص قضايا المرأة السودانية، وهو ما إعتبرته بعض التنظيمات النسوية بالداخل قمة الإنصرافية والمتاجرة بقضايا لاتمت للواقع بصلة، حيث أن دور المرأة السودانية واضح وجلي في كافة مناحي الحياة. كانت الإجتماعات بحسب الكثيرين بلا هدف معين وليس لها أي تصور أو رؤية للحل العاجل في المجال الإقتصادي أو السياسي، أو القضايا الإنسانية، وأيضاً لم يستطع المجتمعون ردم هوة الخلافات بين الحركات المسلحة والصادق المهدي رئيس نداء السودان، حيث إنتقد الأخير بشدة عدم دعوته للورشة التي عقدتها المجموعات المسلحة المنضوية تحت جناح الجبهة الثورية، مؤخراً بالعاصمة الفرنسية باريس، وعدم إحاطته بالأجندة بوصفه رئيساً لتحالف نداء السودان، كما إنتقد المهدي المهدي بشدة دعوة مجموعات سياسية مدنية للمشاركة في إجتماع الجبهة الثورية بإعتبارها تحالف حركات مسلحة، وهو مايشير بوضوح لأزمة الثقة التي باتت تعاني منها المجموعات المكونة لنداء السودان، وفشلها المستمر في تطوير هيكلها التنظيمي، وحسم العلاقة بين المجموعات السياسية وجماعات المعارضة المسلحة.