إن كان الإهتمام الدولي بحقوق الأطفال جديداً في شكله لكنه قديم في معانيه، فقد كرست الشريعة الأسلامية منذ الأزل لصيانة حقوق الأنسان ومنحت حقوق الطفل قدر كبيرا من الأهمية، وذلك لأنهم ضعاف لايقدرون على مواجهة ما يحيط بهم من أخطار، وهو ما يجعلهم في حاجة لمن يرعاهم ويوفر لهم الحماية والأمن والأستقرار والحياة الكريمة. كما نجد أن الأتفاقيات والقوانين الدولية حرمت استغلال الأطفال في النزاعات وسعت لتوفير الحماية لهم من كافة أشكال الاستغلال. وخلال الإحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرا، تلاحظ مشاركة عدد كبير من الاطفال فيها، وظلت مواقع التواصل الأجتماعي تتداول الكثير من مقاطع الفيديو والصور لأطفال اثناء مشاركتهم في هذه الإحتجاجات، بعضهم يحمل الشعارات او اللافتات وآخرون يتواجدون وسطها مما يعرضهم للخطر، فضلا عن أن هناك بعض المقاطع التي يتم تصويرها لاطفال خلال تلقينهم الهتافات والشعارات التي تدعو للتحريض وهم يرددونها ولايعون مايقولون. هذه الخطوة ووجهت بالسخط والرفض القاطع من قبل قطاعات المجتمع التي استنكرت الزج بالأطفال في الإحتجاجات، استغلالا لهم في قضايا سياسية لا يستوعبونها وهم في مثل هذه السن الصغيرة. تعزيز الحقوق الأمانة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة أشارت لخطورة لخطوة وأصدرت بيانا حذرت فيه في انتهاك حرمة الأطفال واستغلالهم واستخدامهم في المظاهرات، وقالت الأمانة في بيان لها “ظللنا في المجلس القومي ومجالس الولايات نتابع ونرصد بقلق بالغ سعي البعض لإستغلال الأطفال وأستخدامهم في الأحتجاجات الأخيرة والحرص على إظهارهم خلالها في مختلف الأعمال سواء برفع الشعارات، أو تقديم الخدمات ، أو حتى جرهم للعنف، عن طريق إشعال الحرائق والحصب بالحجارة”، ووأشار البيان الى محاولة البعض لأستدرار التعاطف باستغلال الأطفال وأظهارهم بمظهر الضحايا، واصفا الخطوة بالسلوك غير السوي المتنافي مع طبيعة الأطفال وتكوينهم النفسي والعقلي والبدني في انتهاك واضح لحقوقهم الأساسية التي تعمل لتحقيقها كافة مؤسسات الدولة والمجتمع. وشدد البيان على إن قانون الطفل لسنة 2011 يمنع هذا السلوك تسنده في ذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان. مسؤولية المجتمع بيان مجلس الطفولة أكد أن تعريض الأطفال لمشاهد العنف يؤثر سلبا على سلوكياتهم وصحتهم النفسية قاطعا بأن واجب المجلس حمايتهم من ذلك بكل السبل والأستعانة بشرطة حماية الأسرة والطفل ونيابة ومحكمة الطفل وكشف عن وجود باحثين إجتماعيين في الميدان بكل الولايات يعملون على رصد أي استغلال أو إستخدام أو تعنيف للأطفال او استغلال المدارس والمستشفيات والتعدي عليها، منوها الى إنه سيتم اتخاذ كافة الأجراءات القانونية اللازمة تجاه كل من يثبت تورطه في ذلك. وابان البيان ان المجلس يتابع مع وزارتي العدل والداخلية ولجان التحقيق مستجدات اوضاع الأطفال بالمركز والولايات وانه سيساند اي مسعى لحماية حقوقهم. وكانت اللجنة المركزية لأطباء السودان التي تتبع لتجمع المهنيين اعلنت مقتل طفل يدعى محمد العبيد يبلغ الرابعة عشرة من عمره في إحتجاجات بري في السابع عشر من يناير الجاري، وتداولت المواقع صورا للطفل المزعوم قتله قبل أن يتضح أن الصورة المتداولة ليس لها علاقة بطفل سوداني وهي لطفل برازيلي، وهناك كالعديد من الشائعات على هذه الشاكلة منها تداول ناشطون صورة لطفل قالوا إنه قتل خلال الإحتجاجات، حتى باتت صورته أيقونة مستخدمة في مختلف الحسابات التي تدعو للخروج في مسيرات يومية، لكن لاحقاً إتضح أن الصورة تعود لطفل حي ويقيم مع أسرته في منطقة الجزيرة أبا بولاية النيل الأبيض. المؤسسات المعنية بتعزيز حقوق الأطفال في السودان تؤكد دوماً أنها تعول في المقام الأول على وعي المجتمع والآباء والامهات والمسؤولين في المؤسسات التعليمية في القيام بواجبهم تجاه حماية الأطفال مسبقا، وتوفير الأجواء المناسبة لهم في العملية التعليمية سيما وأنهم مقبلون على نهاية العام الدراسي.