لقد بدأ العد التنازلي لإجراء استفتاء تقرير المصير في الجنوب المقرر أن يكون موعده اليوم الحادي عشر من يناير 2011. وكافة المؤشرات المتوافرة داخلياً وخارجياً تفيد بأن الخيار سيقع على الانفصال وبالتالي إنشاء الدولة المستقلة. بل أن قادة الحركة الشعبية الحاكمة يتصرفون الآن وكأن الانفصال قد وقع فعلاً. إجراء الاستفتاء سيعني نهاية مرحلة انتقالية امتدت لست سنوات منذ إبرام اتفاق السلام في عام 2005. وطوال هذه الفترة وبموجب الاتفاقية انفردت الحركة الشعبية بالسلطة في ظل نظام حكم ذاتي للجنوب. والمشكلة التي ظهرت بوادرها منذ بدء تطبيق الاتفاقية وتصاعدت الآن إلى اقتتال دموي هي أن الحركة الشعبية لا تمثل من أعلى مستواها القيادي إلى مستوى قاعدتها سوى قبيلة واحدة هي قبيلة الدينكا. ورغم أنها القبيلة الأكبر في الجنوب إلا أن القبائل الأخرى مجتمعة هي التي تشكل الأغلبية السكانية. من هنا نفهم لماذا نشأ تذمر بين صفوف القيادات السياسية للقبائل المعارضة. وبما أن لدى هذه القبائل ميليشيات مسلحة فإن حالة التذمر تحولت إلى حالة قتال من المحتم أن يتفاقم فور قيام الدولة الجنوبية المستقلة. فهل تنعكس هذه الحرب سلبا على دولة الشمال إذا وقع الانفصال؟ رغم أنه قد يكون من المبكر البحث عن إجابة قاطعة عن هذا التساؤل إلا أن ما يمكن قوله دون تردد منذ الآن هو أن الاقتتال القبلي في الجنوب سوف يفرز مشكلة نازحين بسبب فرار المدنيين عبر الحدود إلى الشمال طلبا للأمن والاستقرار مما سوف يشكل عبئا ماليا وأمنيا على الدولة الشمالية. هناك أيضا بعد خارجي للمسألة بسبب الخط السياسي الذي أخذت تنتهجه الولاياتالمتحدة تجاه مصير جنوب السودان. فهي أولاً تؤيد انفصال الجنوب وثانياً تدعم الحركة الشعبية. فماذا سيكون الموقف الأميركي في حالة قيام الدولة الجنوبية المستقلة؟ هل تتخذ واشنطن موقفاً انحيازياً للحركة في الحرب القبلية أم تقوم بدور وسيط بغرض وقف الحرب توصلاً إلى حل سياسي لمعضلة الحكم في الجنوب يوفر توافقاً قبلياً على نحو أو آخر. لا نملك إلا أن ننتظر لنرى. المصدر: صحيفة الوطن القطرية