القاهرة:سليمان سري روايتان للكاتب السودانى عبد العزيز بركة ساكن أُثار قرار حظرهما جدلا واسعا في الاوساط الثقافية والسياسية والاعلامية خلال إنعقاد الدورة الثامنة لمعرض الخرطوم الدولي للكتاب في الفترة من (6 الي 18أكتوبر الماضي ) والذي شاركت فيه (115) دار نشر من (30) دولة عربية واجنبية. والروايتين (مسيح داروفور ) و(مخيلة الخندريس ) صدرتا عن دار اوراق المصرية للنشر والتوزيع ، وتم تدشينهما ضمن مجموعته القصصية بالقاهرة ، وكذلك في معرض الشارقة الدولي الذي اختتم دورته هذا الاسبوع، ويتوقع عرضهما في كل من المغرب والجزائر ، وتجرى ترجمة بعض روايات بركة ساكن الى عدة لغات ف(مسيح دارفور) الى الفرنسية و(مخيلة الخندريس) الي الالمانية بينما ستترجم رواية (الجنقو مسامير الارض) والتي أيضاً تمت مصادرتها مع بقية المجموعة ستتم ترجمتها الي الانجليزية ، بينما ترجمت بالفعل رواية (أمرأة من كمبو كديس ) الي اللغة التشكية. وبينما تجد راويات الكاتب بركة ساكن ذلك الاهتمام بعرضها في الدول العربية وترجمتها في دول اجنبية ، تتم مصادرتها من عيون القراء ويحظر توزيعها بقرار من السلطات الأمنية دون أي سابق إنذار أوأي أسباب ، وقد شاركت دار النشر وفقاً لمراسلات مسبقة مع ادارة المعرض وبعد موافقتها بالكتب التي ستعرض حتي إذا ما كان هنالك إخطار بحظر كتاب معين كان يتعين للناشر إبعاده قبل الحضورالاأن ذلك لم يحدث ، وبعد الموافقة طبقاً للمراسلات حزم الناشر حقائبه وتوجه نحو الخرطوم ، ليفاجأ (بكمين) من جهات غير تلك التي راسلها ونال موافقتها بالمشاركة، تمنع عرض الروايات للكاتب وتخطره بالحظر.ثم يتم إستجعاء الكاتب الي جهاز الامن والمخابرات للتحقيق معه لساعات طويلة بينما يعود الناشر الي وطنه بعد رحلة عمل فاشلة. ويقول الناشر هشام ابوالمكارم صاحب ومدير دار اوراق للنشر ل(الشرق) أن السلطات الامنية حظرت توزيع روايتي (مسيح داروفور) و(مخيلة الخندريس) ، ثم قامت بحظر توزيع رواية (أمرأة من كمبو كديس) تدريجياً الي أن منعت بقية المجموعة بكاملها والتي تضم (7) روايات مطبوعة (3الالف و500) نسخة ،لينسحب الناشر (دون أن ترد اليه بضاعته) ويعود الي القاهرة محملاً بخسائر مالية كبيرة ويقول ابو المكارم أنه فقد السوق السوداني وأن خسارته لاتعوض في أي بلد أخر ، ويضيف (ليست لدي أزمة في النسخ التي تمت مصادرتها ولكن المشكلة في أننا لن نستطيع أدخال كتب للسودان فهذه اصبحت إستحالة)، وعلي الرغم من رهانه بتوزيع مجموعة بركة ساكن في المعارض التي سيشارك فيها في الدول العربية ، ألاأنه أكد بأن التوزيع الناجح في بلد الكاتب نفسه ، لكنه يعتقد أن هنالك موقف مسبق من قبل السلطات ويقول بإستنكارشديد (إنهم لاينتظرون ليقرأوا ماذا كتب عبدالعزير فلديهم أنطباع بأن هذا الكاتب خطر علي المجتمع وعلي النظام السوداني )، فيصادروا كتبه ربما دون قرأتها والدليل علي ذلك أنهم كانوا يريدون مصادرتها من المطار. وفي رده علي سؤال حول ماإذا كان يتوقع تلك المصادرة في ظل الاوضاع الراهنة خاصة صدور كتاب باسم (مسيح داروفور) ، يقول أنه لايضع أحكام مسبقة علي النص وتابع (اناعقيدتي بانه لاسلطان علي الاديب يكتب مايشاء ، لاأستطيع أن أحكم علي اي عمل أدبي من منطلق سياسي أو أحكم عليه بمنطقة الخطورة) ،ويضيف (فأنا لوكنت سأتعامل بمنطق (براغماتي ) أو بمنطق المصلحة ،كنت سأفضل مصادرتها) ويشير الي أن هنالك ناشرين يبلغون ضد كتبهم لكي تصادرلان المصادرة تروج أكثر للكتب ويقول (أنا أعمل عكس ذلك لاني كنت أتمني أن تكون تلك الكتب في السودان). أما الكاتب عبدالعزيز بركة ساكن فقد رأي أن مشاركته من مبدأ أنه دأئماً يضع حسن النية ويقول ل(الشرق) أنه كلما كان هنالك معرض سيشارك حتي بعد تلك المصادرة ، ويشدد (سأشارك في أي فعالية تقام وانا لدي حقوقي الدستورية في هذا الوطن (السودان) وبالتالي من حقي أتبع السبل الي يمكن أن توصل أفكاري) ، ويضيف (من حقي أن أعرض كتبي اتواصل مع قرائي ومحبي ، ومع الناس الذين أصلا أستهدفهم في كتاباتي) ، وقال أنه يتعلم من كل عسرة تحدث له أي أنه أستفاد من قرار حظر اعماله ، وقال أن المرة القادمة سيبحث عن كيفية المشاركة بطريقة جديدة ومختلفة ، وكل تلك المحاولات في النهاية لايصال كتبه الي قرائه في الخرطوم ،ويعتبر حالياً ماحدث في معرض الكتاب أفاده في أن يوزع (الف) كتاب من الكميات المصادرة ، ويعتقد أن الكتاب في السودان يقاس بحجم التداول فمثلاً الكتاب الواحد يمكن أن يطلع عليه (20 30 شخص ) قارئ ، كما أن تلك الكميات ستظل موجودة ومتداولة ولايستطيع اي شخص مصادرتها من ايدي القراء بعد أن أنتشرت ، وقال (حتي لو وزعت (10) كتب هذا يكفي لتوصيل رسالتي) ، ويصمم علي أنه سيتبع كل السبل لتوصيل كتبه للسودان وكونها محظورة لاتمنعه من توصيلها مما يعني أن قرار حظرها لايعنيه بقدر مايهمه توصيل رسالته الي قرائه. وفي حين تلقي الناشر خسارة مالية كبيرة بجانب الشحن والتفريغ هنالك تذاكر الذهاب والأياب ونفقات الاقامة للموظفين ، فأن الكاتب بركة ساكن نفسه منية بخسارة تقدر بحوالي (15) الف دولاركانت نصيبه من عائد التوزيع ، ولكنه يري أن الخسارة ستعوض من خلال المشاركة في معارض أخري مثل معرض الشارقة كما ستقام عدد من الفعاليات في الدول العربية ستعرض فيها مجموعته القصصية كما يضيف في معرض الرياض بالمملكة العربية السعودية ، في مارس القادم ، واخر في كل من الجزائر المغرب، ويشير عبدالعزيز الي أنه لايوجد حظر في الوطن العربي ، ويؤكد بأنه سبق وأن شارك في معرض الجنادرية بدعوة من وزارة الثقافة السعودية ، كتبي متوفرة في مكتبة فيصل كل المكتبات الملاحظ أن السعودية دولة ملكية اسلامية هذا يوضح نمط التفكير ، السعودية فيها فهم متقدم للثقافة والفنون علي عكس نظرائهم في السودان الذين لايمتون بصلة للاسلام ، ولم يتوقف الامر حد المصادرة فقط بل مارسوا معه أبشع الانتهاكات كما يقول وبدا يردد بغضب (صادروا رواياتي ، قاموا باستدعائي في مكتب الامن لساعات طويلة ، حذروني من محاولة توزيع كتبي ومارسوا ضدي أبشع الانتهاكات). وبالعودة الي ما يحمله النص (قصة مسيح دارفور) يقول عبدالعزيزأن الفكرة نبعت من خلال تواجده في دارفور حينما كان يعمل مستشاراً للامم المتحدة في 2008م ، فكان يدرب أفراد القوات المسلحة عن حقوق الانسان حقوق الطفل والمرأة ، ويقول (عايشت الحرب بعيني وزرت المعسكرات ، أستطعت التوصل الي فهم أن الحرب التي تدور بين العرب والقبائل الافريقية (الفور الزغاوة المساليت) أو (مزارعين ورعاة) كما تردد الحكومة ، بأنها دعاية أطلقتها واصبحت تروج لها لخلف فتنة بين تلك القبائل وتستخدم العرب لضرب الزغاوة والعكس كذلك ، ويشير الي أن العلاقة بين العرب والقبائل الافريقية تاريخية تمتد لمئات السنين ، ويقول (انا حاولت ان أبرز هذه العلاقة الجميلة العريقة )، تلك القبائل لو حاولت تفهم حقيقة الصراع ستكتشف بانتباهة بسيطة بأن الحرب ليست بينهم ، ويعيد عبدالعزيز طبيعة الصراع الي المركز الذي تسبب في تأجيج الصراع وليس ما يروج له من أكاذيب (علي حد وصفه).ويعتقد عبدالعزيز أن الراوية تعتبر رسالة سلام وقال أنه وضع إسم (المسيح) كرمز ومخرج من كل تلك الصراعات ولبث روح التسامح والتعايش، ولكنه يتهم المسئولين في الخرطوم بأنهم يقرأون قرأءة مختلفة لذلك تمت المصادرة قبل الاطلاع علي النص أو حتي مساءلت الكاتب. أما الرواية الثانية (مخيلة الخندريس ) والخندريس (الخمور) (الايثانول) يقول أن تلك الراوية تدور أحداثها حول مقتل (77) من الاطفال المشردين ، بسبب تناولهم كميات من (الايثانول) ،ويعتقد أن تلك الحادثة إجرامية ومدبرة وخطط لها من قبل جهات مسئولة بالدولة ، وحتي أن لم يكن كذلك فمقتل أطفال بهذا العدد هومسئولية الدولة.