كلام الناس نور الدين مدني * لا يمكن تجاهل ما جرى في مصر منذ ثورة الخامس والعشرين الشعبية التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، وحساب الخيار الصعب في انتخابات الرئاسة الذي رجح كفّة الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي، والممارسات السياسية الخاطئة التي جددت المظاهرات الشعبية في الشارع المصري ودفعت الجيش للتدخل واتخاذ قرارات مصيرية بحضور ومباركة ممثلين للأزهر والكنيسة ورموز المعارضة وحزب النور (السلفي)؛ لكن استمرار تظاهرات أنصار الرئيس السابق الدكتور مرسي وما تخللها من عنف جعل الفريق أول السيسي وزير الدفاع المصري يطلب من الشعب النزول إلى الشارع لتفويضه لمحاصرة الإرهاب على حد تعبيره. * لن نخوض في جدل نظري حول طبيعة ما حدث في مصر وهل هو انقلاب أم ثورة؛ لأنه بالفعل حدث انقلاب مفاهيمي أحدث (ربكة) في التصنيف السياسي، وأصبح المحك للسياسات ليس الشعارات والأهداف التي ترفع وإنما الأثر الاقتصادي والاجتماعي على المواطنين جراء هذه السياسات، إضافة إلى ظهور عامل جديد قلب الموازين عملياً وهو الخروج الجماهيري الظاهر للعيان الذي شجع الجيش المصري على التدخل بالنحو الذي تم. * شهدت (جمعة التفويض) حشوداً جماهيرية ظاهرة للعيان في ميدان التحرير وفي ميادين أخرى بمحافظات مصر المختلفة أكدت لأول مرة في تاريخ الشعوب ما يمكن أن نطلق عليه (انحياز الشعب للجيش)، على عكس ما كان يقال لتبرير الانقلابات العسكرية بمختلف أسبابها السياسية والاقتصادية والأهداف واللافتات التي ترفعها. * شهدت "جمعة التفويض" تلاحماً مشهودا وسط أهل مصر من المسلمين والأقباط، بل صام بعض المسيحيين مع إخوانهم المسلمين تضامناً معهم في هذا اليوم، ودقت أجراس الكنائس مع آذان المؤذنين في الجوامع ساعة الإفطار.. وسط ارتفاع الأعلام المصرية معلنة وحدة الإرادة الشعبية. * صحيح كانت هناك تظاهرات أخرى موالية للرئيس السابق الدكتور محمد مرسي، وحدثت هناك اشتباكات مؤسفة وعنف غير مبرر ولا طائل من ورائه، وليس من مصلحة الذين يدعمونه ويقفون خلفه الاستمرار فيه؛ لأنه يؤكد الاتهامات التي بدأت توجه لهم وتصفهم بالإرهابيين. * كما ننصح الحكومة والقوى المساندة لها إعطاء المعارضين فرصة للتعبير عن رؤاهم سلمياً وعدم إقصائهم بالقوة، دون تفريط في أمن وسلام مصر والمصريين، وإذا ثبت تورط البعض في جرائم يعاقب عليها القانون يقدموا إلى محاكم علنية ويمنحوا كل حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم وتأمين كل حقوق المواطنة لهم دون تصنيفات و أحكام مسبقة.