رجاءً تغيير صياغة الشرط الثاني للشعار يا الهيئة العامة للمساحة رأيت في الإنتباهة، عدد الثلاثاء 26 رجب 1432ه ، الموافق 28 يونيو 2011م «ص 12»، إعلانًا من الهيئة العامة للمساحة لتصميم شعار لها، من مواصفاته، الفقرة الثانية، أن يشتمل على «تاريخ السودان النوبي، وكلمة السودان باللغة النوبية» «انتهى النص». أولا ً: من الناحية العلمية، «السودان النوبي» تعني السودان في فترة السيطرة النوبية البادئة من نحو القرن الرابع الميلادي والمنتهية بسقوط مملكة علوة في القرن الخامس عشر الميلادي؛ أي «السودان المسيحي» بلغة أخرى. ولا تمس أي فترة قبل ذلك. ثانيًا: إن كان المقصود شمل ما قبل السيطرة النوبية المذكورة في الفقرة أولاً هنا، أي ما قبل القرن الرابع الميلادي، فذلك ليس بالصحيح لأن ما قبل ذلك لم يكن نوبيًّا لا لغة ً ولا حضارة ً. والأدلة عليه كثيرة ومقنعة، يمكن أن تكون موضوع محاضرة لي في الهيئة العامة للمساحة نفسها إن شاءت. وإن كان بعض الباحثين في تاريخ السودان القديم وحضارته يصفون ملوك السودان القدماء بأنهم نوبيون، وتاريخ البلاد آنذاك بأنه نوبي والحضارة بأنها نوبية، فإن ذلك لا يعني صحة نسبتهم، مهما كثر عددهم، وعلت مراتبهم العلمية أنفسهم وكان احترامنا لها. وكنت قد اعترضت على هذه النسبة وبيّنت خطأها في مؤتمر جمعية الدراسات النوبية في وارسو قبل أربع سنوات، ولم يرد عليّ أحد. بل إن آدمز، وهو من أكبر المروِّجين لهذه التسمية الخاطئة، قال علنًا إنه يتفق معي تمامًا.. وسمع ذلك كل الحضور.. كان حاضرًا وشاهدًا في ذلك المؤتمر كلٌّ من البروفسير يوسف فضل حسن، والبروفسير عمرحاج الزاكي، والأستاذ حسن حسين، والدكتور صلاح محمد أحمد والدكتور عبدالرحمن علي. كما أن اعتراضي مثبت في وقائع المؤتمر نفسها. ثالثًا: ليس في اللغة النوبية القديمة، التي سادت في الفترة الموصوفة في أولا ً، أي اسم شامل للسودان. وإنما الذي كان بها هو أسماء ممالكها غير الموحدة. وهي نوباديا/ نوباتيا والمقرة وعلوة، إلى أن ذابت نوباديا في المقرة. ثم إن الحرف الذي كتبت به لغتها لم يكن سودانيًّا، بل يونانيًّا، جاء عن القبطي. رابعًا: أما إذا أريدت التسمية الصحيحة، فهي «كوش»، ويمكن كتابتها بالكتابة السودانية القديمة من الفترة المروية. ويمكن أيضًا اتخاذ رمز سوداني قديم مصاحب لها، يكون معبِّرًا مأخوذًا من أي فترة من فترات السودان القديم من 760 «سبعمئة وستين» قبل الميلاد إلى 300 «ثلاثمائة» ميلادية. ولا مانع لديّ قط في أن أعين من يود تصميم الشعار على نحو ما ذكرت. والله المستعان، ومن وراء القصد. البروفسير عبدالقادر محمود عبدالله أستاذ الدراسات السودانية والمصرية القديمة تعقيبنا: ما على الهيئة العامة للمساحة إلا الامتثال لرأي هذا العالم الفذّ.