هناك استخدام اعتباطي لكلمات مثل الحرية ، الحقوق، القانون ، من قبل النشطاء الحقوقيين والسياسيين ، جملة مثل الحقوق والحريات تؤكد الفكرة المرتبكة لدى الناس تجاه هذين المصطلحين ، حق وحرية . واقعيا لا توجد حرية ، لكن توجد حقوق هي نطاق هذه الحرية ، فالحق دائما ما يقابله التزام او واجب بعدم تعديه الى حقوق الآخرين .. ولكن دعنا نستخدم كلمة حرية داخل نطاق هذا الحق.. فحق الملكية هو عبارة عن مكنة استعمال واستغلال والتصرف بشيء معين .. (منزل ، سيارة ..الخ) . هذه المكنات نفسها لا يمكن ان يتم تفعيلها بحرية.. فالقانون مثلا يرتب حقوق ارتفاق easement على عقارك الذي تملكه لمصلحة عقار آخر مملوك لشخص آخر طبيعي أو معنوي.. كحق المطل وحق المرور ..الخ .. فجارك صاحب الأرض الحبيسة عن الطريق العام يستطيع أن يجبرك بالقانون على فتح طريق له يمر عبر ارضك وصولا الى الطريق العام ... إذا فحتى مكنات حق الملكية لا تتضمن الحرية (فالحرية هي مكنات مطلقة) ، انما يتضمن حق (أي مكنات مقيدة) ...وبهذا الارتداد الجذري نستطيع أن نقول بأن كل حق يتضمن داخله مجموعة حقوق أخرى ولا يتضمن حريات.. ومن ثم فالقول بأن حريتك تقف عند حرية الآخرين جملة غير صحيحة والصحيح هو أن حقوقك تقف عند حقوق الآخرين. مع ذلك يسود مصطلح الحقوق والحريات لدى الناشطين الحقوقيين على وجه الخصوص ، اولئك الذين هم أكثر اهتماما بحقوق الانسان وعلاقة السلطة بالفرد. ولذلك فقد اكتسب مصطلح الحقوق والحريات شرعية تداولية وصار علما. وتفرع عن ذلك استخدامات اخرى خاطئة كحرية التعبير ، بدلا عن الحق في التعبير ، فحتى في أكثر الدول ديموقراطية لا توجد حرية تعبير (بمعنى المكنة المطلقة) وانما يوجد حق التعبير... ولذلك فكلمة حرية -فيما يبدو لي- كلمة دعائية من قبيل الأدب السياسي لا أكثر ولا أقل ..وهي بالتالي حصلت على حمولة معنوية أكثر منها قانونية صرفة ، فعندما نقول حرية التعبير فنحن نمني أنفسنا بقدوم ذلك اليوم الذي نستطيع فيه قول كل شيء وكسر كل التابوهات بلا خوف..مع ذلك فكل شخص حقوقي او غير حقوقي يستخدم مصطلح حرية التعبير هو اول من سيبدأ في غلق افواه الآخرين حين تمسه هذه الحرية في مقتل .. وبالتالي يصادر على معنى (الحرية) المطلق وينقله الى معنى (الحق) النسبي. ايضا استخدام الحرية بهذا المعنى الادبي موجود لدى الفكر السياسي والاقتصادي المعاصر خصوصا لدى الليبراليين حين يتحدثون عن حرية السوق والحرية الفردية ، الاستخدام في الواقع المراد به الحق وليس الحرية ، ولكن هذه الرغبة العارمة في استخدام كلمة حرية من قبل الليبراليين تنبع من فكرة ضرورة توسعة دائرة الحقوق لدى الفرد في مقابل تضييق حقوق الحكومة. ولذلك فالليبراليون يميلون الى استخدام كلمة حرية لتبيين أن الحقوق الفردية هي الأصل وأن الحكومة هي الاستثناء ، وأن الحرية هي الأصل وأن الحق النسبي هو الاستثناء ، لكن طبعا لا توجد في الحقيقة حرية بكل هذا الزخم المطروح.. فحياتنا ليست مضيئة كما نتصور ، وارادتنا ليست مطلقة كما نعتقد وطريق اشباع حاجاتنا ليس مفروشا بالورود ... عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.