مقدمة: بعد موافقة عمر بن الخطاب علي اختيار موقع الكوفة الحالية عاصمة اقليمية للعراق وفارس وخرسان أمر سعد بن أبي وقاص راميا ماهرا باطلاق سهم في كل الاتجاهات لتخطيط ساحة دائرية يكون مركزها حيا حكوميا وتجاريا تنتظم حوله الأحياء السكنية، ولم يكن ذلك حاضرا عند تخطيط القرى والحواشات في مشروع المكابراب الزراعي، وتم تعيين أبو الهياج الموكلي مخططا ومفتشا ومسجلا للأرضي الشوارع الرئيسية أربعون ذراعا والمناهج ثلاثون والأزقة سبعة أذرع، وفي ذلك الميدان بركت ناقة محمد بن مسلمة الذى أرسله عمر لاحراق أبواب سعد بن أبي وقاص بطل القادسية وخال النبي لأنه اتخذ لنفسه أبوابا وحجابا كالقياصرة والأكاسرة، ولا يمكن اقناع الناس في عصرنا هذا بأن الارهاب ليس الاسلام وانقاذ الاسلام من مصير اليهودية الا بتشخيص أبوبكر وعمر في عمل سينمائي ضخم وبكل اللغات الحية، ولو كان المخطط العمراني في نهاية القرن التاسع عشر في مستوى أؤلئك الأعراب الذين جاءوا من أعماق الصحراءلامتد ميدان الأممالمتحدة من شارع علي عبد اللطيف غربا الي شارع المك نمر شرقا، والمخطط العمراني يقف في الحاضر ويتطلع الي المستقبل البعيد فالحاضر نقطة ينتطلق منها لأنه لا يخطط لحاضره وزمانه فقط، ويقاس فشله ونجاحه علي مدى قدرته علي استقراء الحاضر لاستكشاف المستقبل وصولا الي متطلبات الأجيال القادمة، لكن هؤلاء المخططين الذين درسوا التخطيط العمراني في أرقي الجامعات وعاشوا في لندن التي سبقت الخرطوم في الوجود بمئات السنين لم يكونوا يتصورون ان سكان الخرطوم سيرتفع عددهم من 15 ألف في نهاية القرن التاسع عشر الي 7 مليون في الألفية الثالثة لأن ذلك تضخما مرضيا وورما سرطانيا، وكانت لجنة تخطيط المدن المركزية هيئة مستقلة يحكمها القانون كالهيئة القضائية وديوان المراجع العام تختص بالتخطيط وتخصيص واعادة تخصيص الأراضي للأغراض السكنية والتجارية والزراعية والصناعية، وفككتها الانقاذ الي لجان اقليمية ومحلية، وفي غياب المؤسسية ودولة القانون تنشط المصالح الخاصة وهي كالخفافيش لا تستطيع العمل الا في الظلام، وتلتقي النظم الشمولية في قابليتها للفساد والافساد. اعادة تخطيط مدينة الخرطوم: في كتابه آثار في الرمال قال السير أبيل قوين ان السيد علي الميرغني كان يفكر في علاقات خاصة مع مصر ولم يكون من دعاة الوحدة الاندماجية، فقد كانت الحركة الاتحادية عمالة وارتزاقا بدليل ان اعلان الاستقلال من داخل البرلمان أحدث انشقاقا في الحركة الاتحادية ودعاة وحدة وادى النيل تحت التاج المصرى وانتهي الي قيام الحزب الاتحادى الديموقراطي وحكومة السيدين لعزل الأزهرى الذى التقي مع حزب الأمة في اعلان الاستقلال من داخل البرلمان فلماذا شارك حزب الأمة في التآمر ضده سؤال لا يتسع المجال للاجابة عليه، وكان الدعم المصرى للحركة الاتحادية الذى بلغ 500 ألف جنيه يقدم نقدا للتسوية بالمستندات وأوجه الصرف ما عدا مبلغ 45 ألف جنيه تسلمها الأزهرى، وكلما سألوني من أين لك هذا أجبتهم بطابق آخر، وتكون الحزب الوطني الاتحادى في القاهرة برعاية الصاغ صلاح سالم عضو مجلس الثورة لشئون السودان وكان الأزهرى عضوا نشطا في حزب الوفد المصرى لشئون السودان أيضا فالاتحاديون أول من استعان بالخارج علي الداخل، وجاء في كتاب سير قوين ان حزب الأمة طلب من الحكومة البريطانية دعمه وجاءت الاجابة بأن حكومة صاحبة الجلالة ليس لديها أموال خارج الميزانية كالحكومة المصرية، وكان من الطبيعي أن يعارض الاتحاديون قانون الجمعية التشريعية الذى أصدرته الادارة البريطانية وأيدته الحركة الاستقلاية بزعامة عبد الرحمن المهدى، وكانت الجمعية التشريعية مرحلة اعدادية ومكسبا سياسيا، فقد أصبح لبدية الخرطوم مجلسا سودانيا منتخبا وسلطات وصلاحيات محلية ولا تختلف في ذلك عن بلدية لندن، ومن أعضاء المجلس ممد أحمد محجوب وابراهيم أحمد وغيرهما من رجال الحركة الوطنية، وأصدر المجلس قرارا باعادة تخطيط مدينة الخرطوم يبدأ بنقل محطة السكة حديد خارج المدينة ومنع قطارات الشمال من عبور كبرى النيل الأزرق نهائيا، واعترض مدير السكة حديد البريطاني ووقف حمار الادارة البريطانية في العقبة وتجاهلت السلطات التي تضمنها قانون الحكومة المحلية وأوامر تأسيس المجالس المحلية وهو القانون الذى أصدرته الادارة البريطانية، ومحاضر اجتماعات مجلس بلدية الخرطوم والمكاتبات التي دارت بين المجلس والسكرتير الادارى ومدير السكة الحديد لدى دار الوثائق المركزية لشبابنا من الباحثين فقد أصبحت طائرا محبوسا في قفص، ولم يفتعل المجلس معركة مع الادارة البريطانية لأن التشوهات التي لاحظها المجلس لا تزال قائمة تزداد آثارها حدة عاما بعد عام، وجاء صبية الترابي الذين شبوا وشابوا في عباءة الترابي بعقولهم الصبيانية وهم لصوص لئام يصنعون الفرص ويهتبلونها ويمدون الجسور ويسهلون الأمور، وشعارهم المعلن من أخطأ وأصاب له اجران ومن أخطأ لو أجر المحاولة، وقد يكون الخطأ متعمدا بالفعل أو الامتناع عن الفعل لأهداف غير مشروعة وليّس يطلع كويّس، ويقوم مشروعهم الصبياني علي نقل الوزارات والمؤسات الحكومية الي أطراف المدن الثلاثة وبيع اسم جامعة الخرطوم التاريخي أو نقلها خارج المدينة، ومؤسسات الدولة مؤسسات مهنية تختلف وتأتلف وتتكامل كجوقة موسيقية تعزف لحنا واحدا وهو التنمية المستدامة ووجودها في وسط الخرطوم كحي حكومي يساعد في عملية التواصل والتكامل، وليس لذلك علاقة باختناقات حركة المرور في وسط الخرطوم وحيها التجارى والحكومي وقلبها النابض، ويتلخص السبب الحقيقي في عدم وجود شوارع طولية وعرضبة مباشرة وقد امتدت المدينة جنوبا وشرقا فوسط الخرطوم جسر عبور جنوبا وشرقا، ولا اعتقد ان ادارة حركة المرور كمؤسسة مهنية كان لها يد في قرار نقل مواقف الحافلات من ميدان الأممالمتحدة الي استاد الخرطوم والسكة حديد غربا وشرقا فقد انتقلت الاختناقات الي كبرى الحرية وشارع الحرية وشارع الامام المهدى وقد أصبحت القرارات تضبخ خارج مؤسسات الدولة وتتنزل من الأعلي الي الأسفل وتشارك في صنعها المصالح الخاصة، وكانت وسائل المواصلات تلتقي في ميدان الأممالمتحدة من أطراف المدن وصبية الترابي اللصوص اللئام لا يكترثون بامرأة تحتضن طفلا وتجر طفلا وتحمل الثالث في بطنها من استاد الخرظوم الي السكة حديد شرقا أو العذير والشخ الكبير، وكان من الممكن الاستفادة من أرض مطار الخرظوم في تعويضات أهالي الخرطوم تلاتة والعمارات والخرطوم اتنين في عملية اعادة التخطيط لكنها بيعت علي الورق لتمويل المطار الجديد فمن هم المشترون؟ ومن دقنو وفتلو. واحة الخرطوم: بدأ التعدى علي الساحات والميادين العامة بقيام البنك العقارى وبالبنك التجارى شرق ميدان أبو جنزير وشركة السودان والأمارات وبنك الخرطوم في ميدان السوق العربي، وكانت ولاية الخروم في ميدان الأممالمتحدة وميدان أبو جنزير كطفل يهدم الحياة ويبني علي حد تعبير التجاني يوسف بشير، وكنا نعتقد ان الغاء سوق الخضر واللحوم الهدف منه توسيع مواقف الحافلات بميدان الأممالمتحدة، لكننا فوجئنا بالجرافات تعمل والمجسمات تعرض علي شاشة التلفزيون وتدعو القادرين الي امتلاك الشقق والمتاجرفي وسط الخرطوم، ولا توجد دولة في العالم تشجع مواطنيها علي تجمد أموالهم في العقارات، ورأس المال مثل الطائر الحذر لديه حاسة سادسة تساعده علي قراءة الواقع السياسي والهروب في الوقت المناسب، فقد كان أغنياء السودان أما خيارين اما تهريب أموالهم الي الخارج أو تجميدها في شكل عقارات في أسواق العاصمةوشوارعها العامرة وأحيائها الراقية، فقد كان وسط الخرطوم وحيها التجارى والحكومي يتمدد جنوبا وشرقا وغؤبا والعرض من الشقق والمتاجر أكثر من الطلب، فلم يكن يخفي علي أحد أن الجبهة الاسلامية التي باعت السودان والسودانيين في سوق النخاسة العربية وقبضت الثمن ريالات ودولارات بترولية واستولت هلي السلطة وجمعت بين السلطة وأس المال تخطط لاحتكار الدوائر المالية والاقصادية، ولنا أنتساءل ما هي الغلاقة بين الدوحة وأعمدة الحديد والأسمنت والخرصانة، ويتجلي العقل البدوى الذى جاء مهاجرا من صحراء الجزيرة العربية الي السودان في الأسماء والمسميات كالدوحة والرياض والواحة ، وأشجار النخيل في شوارع الخراطيم طوطم عربي بدليل أنها لا تصلح كأشجار ظل وهي كالمرأة تفقد جمالها ورونقها كلما تقدم بها العمر، وكان مشروع جون قرنق وسودانه الجديد مساجته 616 مليون فدان وغاباته ومستنقعاته 200 مليون فدان ومراعيه 20 مليون فدان وجباله وصحاريه 156 مليون فدان وأراضيه الخصبة 200 مليون فدان، أما سودان الترابي القديم فكله صحراء مع أحزمة من السافنا الفقيرة تتآكل بسبب الرمال المتحركة والزحف الصحراوى عاماما بعد عام، والعرب يعشقون الصحراء مثلما يعشق النوبة في شمال السودان وجنوب مصر شاطيء النيل، وفي الفتنة الكبرى هاجر سعدبن أبي وقاص الي الصحراء ولا يزال العرب في الجزيرة العربية يعشقون الصحراء ولهم منتجعات صحراوية لتربية الابل والأغنام ورعاة من عبيدهم بالميلاد في السودان أحفاد عنتر بن شداد وأمه زبيدة التي كان الساق منها مثل ساق نعامة والشعر منها مثل حب الفليل، وامعنا في اهانة وهوان الشعوب السودانية المغلوب علي أمرها فتحت حكومة الكيزان أبواب الوطن للسوريين والخرطوم في نظر أطفالهم بطيخة سكانها عبيد، حلال علي الطير من كل جنس حرام علي أهلنا في الجنوب، ومن يهن يسهل الهوان عليه فقد أصبح السودان وطنا بلا وجيع، فهل اعتاد السودانيون علي الذل والهوان والقهر والاستبداد مصداقا لما قاله الترابي قي سجن كوبر يوم الي القصير رئسا والي السجن حبيسا؟ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.