* بدأ السودان (بدعم وعون من هيئة الأممالمتحدة – هيئة الصحة العالمية) مبكراً في الانشغال بمرضي "البلهارسيا والملاريا" ومحاربتهما بشتى السبل، وقد شمل الاهتمام مرض "البلهارسيا" بنوعيه "المعوي والبولي التناسلي" حتى حصره في مناطق محدودة من الجزيرة المروية وامتداداتها، وتم انشاء "مشروع النيل الأزرق الصحي – مقر رئاسته بمدينة مدني" لمحاربة المرضين القاتلين (قام المشروع بدعم كامل من هيئة الصحة العالمية 1979 – 1992 ثم آل برمته وانجازاته التي لا تخطئها عين إلى الحكومة السودانية – العهد الانقاذي) ليقوم بأعباء الدراسة والمتابعة وتصحيح البيئة وعلاج حالات الاصابات المختلفة، ركز المشروع على تصحيح البيئة بمحاربة مناطق توالد البعوض وردم البرك والمستنقعات والجمامات (أماكن تجمع المياه)، ولمحاربة طفيل البلهارسيا اتجه نحو المكافحة الحيوية باستجلاب فصائل من الاسماك تتغذي على القواقع التي تلوذ بها طفيليات البلهارسيا في برك المياه التي يحتاجها الناس ولا يمكن ردمها حتى يمكن القضاء على هذا الطفيل القاتل والمدمر بنوعيه المعوي والبولي، ولما كان لابد من معالجة السبب الآخر لانتقال الطفيل واستمراره وتركز الأمر في توعية المواطنين بضرورة الامتناع عن قضاء الحاجة في تلك الترع، وسعى المشروع في انشاء مراحيض داخل منازل المواطنين بدعم كامل من المشروع من ما ساعد على كفكفة دورة توالد الطفيل وانتقاله، من ما قلل من الاصابة، والمعلوم أن مرض البلهارسيا يحتل المرتبة الثانية بعد الملاريا في السودان!!.. طفيل البلهارسيا * تنتمى ديدان البلهارسيا الى طائفة تريماتودا Trematoda شعبة الديدان المفلطحة Platehelminthes وهى تصيب الانسان والحيوان وتسسبب مرض البلهارسيا Schistosomiasis أو ما يعرف أيضاً بداء المنشقات. . * تقدر هيئة الصحة العالمية عدد المصابين فى العالم بنحو 200 الى 300 مليون شخص فى أكئر من 70 بلداً فى أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وتعده من أهم الأمراض الطفيلية التى تؤثر فى الصحة العامة للانسان ويقع الثانى بعد الملاريا من حيث الأهمية والانتشار. * توجد ديدان البلهارسيا فى الأوردة البابية وتضع الاناث بيضها فى الاوعية الدموية المنتشرة فى المستقيم كما فى حالة بلهارسيا المستقيم Schistosoma mansoni أو المثانة البولية كما فى حالة بلهارسيا المجارى البولية Schistosoma haematobium . يخترق البيض جدر هذه الأعضاء بواسطة شوكته الجانبية أو الطرفية ليصل الى تجاويفها ومن ثم يخرج مع البراز أو البول لتستمر دورة حياة الطفيل وخلال اختراقه لهذه الأعضاء يسبب تهتك جدرها وحدوث نزيف دموى ولذلك عادة ما يصاحب حالات الاصابة خروج دم مع البراز والبول وهذا يحدث بوجه الخصوص فى حالة بلهارسيا المجارى البولية Schistosoma haematobium ولكن ليس هذا هو الضرر الرئيسى للطفيل ولكن الاضرار الرئيسية تظهر فى الكبد حيث يحمل الدم بعض البيض الى الكبد حيث يترسب هنالك وقد تؤدى الإصابات الحادة بالمرض الى تضخم وتليف الكبد والطحال وحدوث الاستسقاء Ascites وقد تقود هذه الحالة الى وفاة المصاب. كما ويمكن أن يؤدى ترسب البيض وتصلبه فى المثانة الى تعطلها وأحياناً حدوث أورام سرطانية، (http://www.hakeemnews.com/ar/news/24374). بدايات توطن المرض * يعود تاريخ مشكلة البلهارسيا الحديث في السودان الي قيام خزان سنار عام 1924 وماترتب عليه من قيام مشروع الجزيرة حيث تمت زراعة 2 مليون فدان بالري الانسيابي واوجد ذلك بيئة صالحة لنمو العائل الوسيط (القواقع) ومع توافد العمال من مناطق موبؤه ومع عدم الاهتمام بالمشكلة نتج عن ذلك ظهور النسب العالية لمرضى البلهارسيا وفي بداية السبعينيات من القرن الماضي وصلت النسب لدرجة الوبائية الا ان المعالجات اختصرت في وضع بعض المبيدات بقنوات الري. في عام 1980 قام مشروع النيل الازرق الصحي واستمر لمدة عشر سنوات حيث تمكن من خفض نسبة الانتشار في الجزيرة والمناقل من 3ر54% الي 6% فقط توقف المشروع في عام 1990 وبتوقفه بدأت نسبة الاصابة في الارتفاع مرة اخرى اضافة الي هذا سجلت كل ولايات السودان نسبا مرتفعة تناسبت وطبيعة كل ولاية ماعدا ولاية البحر الاحمر التي لم تسجل نسب اصابة تذكر حتى الآن. وفي عام 1997 وفي دراسة ممولة من البنك الدولي قدر عدد المعرضين للمرض بنسبة 80% من السكان والمصابين بعدد 5 مليون مصاب وفي عام 2000 أنشأ البرنامج القومي لمكافحة البلهارسيا كبرنامج لمكافحة البلهارسيا والديدان المعوية حيث بدأ في تكوين ازرع له بالولايات وتم تكوين 11 منسق بالولايات الشمالية حتى نهاية 2007 وفي الفترة من 2003-2007 استطاع البرنامج عمل المسوحات الوبائية والعلاج الجماعي بعدد من الولايات والتي اوضحت ان نسبة الاصابة تراوحت مابين 90-10% واظهرت المشاريع الزراعية للسكر اعلى نسب حيث سجلت عسلاية 80% وكنانة 60% وسكر الجنيد 60% وحلفا الجديدة 50% وسنار 37% .. الوضع الحالي * مرض البلهارسيا الذي يحوِّل المصاب في نهايات أمره إلى هيكل عظمي مع انتفاخ مرضي في منطقة البطن، هو المرض الذي أصاب العندليب الأسمر المصري "عبدالحليم حافظ" ثم أودى بحياته في نهاية المطاف (يرحمه الله) رغم العناية التي أحيط بها الفنان الذي دندن وأطرب الكثيرين، هذا المرض الآن عمى القرى والحضر وانتشر في جميع أنحاء البلاد، في آخر تقرير حكومي صحي احتلت محلية الخرطوم صدارة المحليات في انتشار البلهارسيا بنسبة 15.1%، (صحيفة التغيير الالكترونية – 28 أغسطس 2017 - تقرير حكومي يكشف حقائق "صادمة" عن الوضع الصحي في الخرطوم)، أما عن الهامش والأطراف فحدث ولا حرج!!.. الملاريا في الصدارة * البعوض: "الأنوفليس – ناقل الملاريا، الكيوليكس – ناقل مرض الفيل، الايديز – ناقل مرض الحمى القلاعية"، تحتل الملاريا المرتبة الأولى في عدد الاصابات في السودان، السودان يعانى من عبء كبير للمرضى والوفيات المتعلقة بالملاريا، غير أن البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا، بدعم من منظمة الصحة العالمية، نجح في خفض عدد حالات الملاريا من أكثر من أربعة ملايين حالة عام 2000م، إلى أقل من مليون حالة عام 2010م. وفي مابين العامين 2000م، و2010م، انخفض عدد الوفيات بنسبة (75%)، إلا أنه الآن عادت الملاريا للمربع الأول، ووصلت عدد الحالات مليون و(200) ألف حالة بنسبة (8.7%)، وتقول منظمة الصحة العالمية أن الملاريا تصيب أكثر من (50%) من سكان السودان، كما أن (43%) ممن يترددون على المستشفيات يذهبون إليها بسبب الإصابة بهذا المرض، (http://www.sudafax.com/54620). * عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.