ما كنّا نعلم أن يكون من بعض واجبات المحاكم الدستورية في أي بقعة من هذا الكوكب منع أي إنسان من الوصول للعلاج والدواء! (هذه جديدة) وهي من الأخبار التي يصعب تصديقها إذا سمع بها أي أحد من غير السودانيين؛ حيث أن الحق في العلاج هو الشئ الوحيد الذي لا تقوى النفس البشرية على ممانعته أو إهماله، بل هو ما تلزم الطبيعة البشرية و(الجِبِلّة الانسانية) بالتعاطف معه وبذل كل ما في الوسع لتيسيره والمساعدة عليه.. وحتى المجرم (تحت حكم الإعدام) لا يستطيع أي قانون في الدنيا أن يحرمه من العلاج إذا مرض قبل نصب حبال المشنقة! ثم أنه لا يحق لأي شخص غير الطبيب تكييف العلة التي يشتكى منها أي شخص ويطلب بموجبها تلقّي العلاج، وحتى إذا اشتكى شخص من جرح سطحي بفعل (حلاقة ذقنه) فله الحق أن يطالب بالاستطباب! وكل شخص هو الذي يحدد حاجته لمقابلة الطبيب (إلى أن يثبت العكس)! فما هو الضرر في تمكين أي شخص من مقابلة الطبيب؟ وكيف إذا كان هذا الشخص حبيساً بأمر حابسيه؟ وكيف يجوز لأى كائن من كان أن يقول لشخص ما: أنت لست في حاجة للعلاج.. و(بالأمانة) هل هناك مواطن سوداني واحد تعدى الأربعين ولا يشكو من علّة؟! من يتحمّل وزر منع مريض حبيس من العلاج إذا تدهورت حالته الصحية؟ أو إذا شارف الوفاة؟ أو إذا بلغته؟ وحتى إذا لم تتدهور حالته ألا يعنى أن المانع يكون قد تسبب في هبوط نوعية حياته؟ ألا يعني ذلك معاناته من الكآبة وقلة الحيلة والتضييق والمهانة؟ ومن يدري عن المضاعفات الداخلية وما يقود إليه تأخير العلاج و(تربية المرض) أو بقاء المريض في أجواء قاتمة وظروف حبس قاسية ومناخ انقباضي (يكتم الأنفاس)! وهل يعني السجن أو الاحتجاز المنع من العلاج؟ لا نرى أن ذلك يكون حتى في (الإمبرطوريات العمياء) والدول الهمجية الغازية من لدن مجاهل التاريخ وحتى القرون الوسطى! فأين بالله أخلاق الفرسان؟ وأين حقوق الأسرى في (شريعة) الأديان وفي (شرعة) حقوق الإنسان؛ أيمنع الأسير من الأكل والعلاج حتى يموت بالأوبئة والفيروسات فلا طب ولا تطبيب إلى أن تزهق روحه! وإذا كانت شرف الحرب يمنع قتل الأسير ومولي الأدبار والشيخ والطفل وقطع الأشجار فهل تبلغ المكايدة السياسية منع العلاج من (الأعزل الحبيس) صاحب الرأى المخالف الذي يعتمد سبيل المنافحة المدنية السلمية؟ هذه قضية كبرى (سيكون لها ما بعدها) في الواقع السوداني وفي الفضاء الإنساني والسوابق الكونية! وما كان الظن ان يكون القرار بمنع العلاج عن المُحتجزين المرضى من شؤون ترتبط بإسم الدستور، فهذا المنع قد يصدر من مجموعات العنف والهيئات السياسية غير المنضبطة ومن المتطرفين المغالين ولكن لا يمكن تصدر من أي كيان ذي صلة بالقانون، فما بالك بالمرجعية الدستورية؟ حتى إشعار آخر سنمتنع عن تصديق ما تناقلته الأنباء عن هذه الاحدوثة حتى يفصح عنها أصحاب المنع وحتى نسمع حيثيات المنع من تلقي العلاج، وهل كان ذلك قرار هيئة أم دولة أم حزب أم فرد.. أم أنها حكاية من غرائب الأساطير! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.