قالت وزارة التجارة ان هناك اتجاه لدى مجلس الوزراء بحظر استيراد الفول المصري. الفول المصري هو في الواقع طعام الغلابة ؛ فرغم ارتفاع سعره حيث صارت كمشتان من الفول تساوي عشرة جنيهات بالاضافة الى ان ماء الفول نفسه -والذي كان زمان- يمنح مجانا صار هو ايضا بثمن اقل طبعا من فول (منو وفيه). الفقراء كانوا يقطعون رغيف الخبز وبقليل من الفول وكثير من مائه المجاني يتم اختراع وجبة تصلب الطول بعد اضافة ملح وشمار (كمون اخضر) ، وزيت. اما اليوم وقبل حتى صدور القرار المرتقب فقد ارتفع طلب الفول الى خمسة وعشرين جنيها ومعه رغيفتان صغيرتان لا تشبعان طفلا. وارتفع سعر الزيت الى ستين جنيها للتر ، اما الجبن فتجاوز المائة جنيه للكيلو. في حين احتفظ البيض بالصدارة في استقرار قيمته الى خمسة وسبعين جنيها للطبق (ثلاثون بيضة) ، الطماطم وصل تسعين جنيها في حين هبط البصل الاحمر الى سبعة عشر جنيها للربع. وبقرار مجلس الوزراء المرتقب بمنع استيراد الفول المصري فسنتوقع ندرة في طعام الغلابة والعمال والموظفين البائسين واطفال المدارس .. فهو طعام الشعب الذي لو نزل انتخابات لفاز بالتزكية. ستحدث ندرة في الفول المصري وربما سنشهد ضبط الامن الاقتصادي لمن يخزنون فول او يبيعونه في السوق الاسود ، وربما سنشاهد صفوفا وطوابير امام قدرة الفول كما هو حال البنزين والغاز والجاز ، وهكذا فإضافة الى ندرة طاقة المحركات سيندر محرك طاقة الجسد اي الفول. وكالعادة لم تضع الحكومة البديل المناسب للفول ، ولقد فكرت كثيرا في بديل للفول فلم اجد. يقال ان الفراعنة بنو الهرم الاكبر بتوزيع بصلة لكل عامل ، وبما ان سعر البصل منخفض هذه الايام فاقترح على الحكومة -عبر شركات احد النافذين فيها طبعا- ان تخزن كميات ضخمة من البصل لتوزع بصلة لكل مواطن مسحوق بديلا عن الفول. وهكذا يسير الشعب وهو يقرمش البصل في الشارع والمواصلات والمكاتب والمستشفيات والمدارس. وسيتطلب ذلك ان تقوم الدولة باستيراد معطرات فم ايضا لتبيعها للمواطنين واقترح ان تقوم احدى شركات احد النفاذين (كالعادة) بعملية الاستيراد هذه كما يفعلون دائما بما انها ستحقق ارباحا من جيوب اربعين مليون مواطن. واذا لم تجد الدولة عملة صعبة لاستيراد معطرات فم فلا بأس في ذلك فانتشار رائحة البصل من افواه المتكرعين والمتجشئين ستجعل الشعب يعتاد على الرائحة والمصائب يجمعن المصابين. هكذا تصدر الحكومة قراراتها غير المدروسة ، وذلك لأن اغلب المسؤولين يأكلون اللحوم وما طاب لهم من الطعام ، متجاهلين مأساة شعب يموت بأمراض الفشل الكلوي من قلة الماء النظيف وبالبلهارسيا من القاذورات وبالسرطان بما يتم دفنه من بلاوي مشعة لحساب دول اخرى وبالملاريا والسحائي وفقر الدم والانيميا ، وكما صدر قرار حظر الاكياس وتم منح مصانع خاصة ببعض النافذين تصريحا بانتاج اكياس يتم بيعها باسعار خيالية وغير منطقية حيث يبلغ سعر الكيس الصغير جنيهان والمتوسط خمسة جنيهان ، سيقوم احد النافذين ايضا باستيراد الفول وبيعه باسعار عالية بعد صدور القرار. هكذا تصدر القرارات لتحقيق مصالح النافذين ، حتى لو ترتب عليها تجويع وإمراض الشعب المسحوق. ماذا سيأكل العمال؟ ماذا سيأكل الموظفون؟ ماذا سيأكل العاطلون عن العمل؟ ماذا ستأكل الاسر الفقيرة؟ ماذا سيأكل طلاب المدارس؟ ماذا سنأكل يا مجلس الوزراء؟ اننا كطبقة مسحوقة يجب ان نتكاتف سويا وان ننشيء تحالف مستهلكي الفول دفاعا عن الفول وسيكون اكبر تحالف جماهيري في تاريخ السودان ، إن الحق في الفول حق دستوري، نعم يا سادة انا لا امزح، فبدون الفول تنتهك حقوق اخرى كثيرة كالحق في الحياة نفسها والحق في جسد سليم ، والحق في دماغ قادر على التفكير والحق في العمل ، الا يجعل ذلك من الحق في الفول حقا دستوريا. ماذا سنأكل حينما تحرمنا الحكومة من الفول؟ هل ستوزع علينا الحكومة طعاما اخر؟ بالتأكيد لا. فلا يوجد ارخص من الفول. (فول مغموس في ماء يتم تسخينه وشكرا) ، لا يحتاج الفول لبصل ولا ثوم ولا صلصة طماطم ولا اي شيء... يحتاج فقط الى بطن جائعة ، وروح متفائلة بالحياة رغم بؤسها. فما هو البديل؟ أين البديل؟ مكانو وين...مكانو وين...مكانو وين..مكا..... عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.