كتبتُ فيما مضي من أيام قليلة مقالين مخاطباً فيهما السيد الرئيس بأن يذهب بشخصه وبنفسه من أجل وطنه وشعبه للمحكمة الجنائية، والتي أعلم جيداً أنها جائرة وظالمة، ولكنها واقعٌ له وجوده المؤثر، ولا يمكن تجاوزها بأي حالٍ، ولابد من ابداء التنازلٍ حتي نتجاوزها، وقد رأينا كيف كان التكالب بلا رؤية من النظام علي أمريكا والغرب والخليج لتفادي هذه الآثار، فالقوة لا تقابل بالشعارات والنظريات المجردة، والحكمة في مثل هذه المواقف ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، ولذلك جاء مقترحي ( مجرد مقترح ) من باب الحكمة استجابة لهذا الواقع الذي يفرض نفسه علينا رضينا أم أبينا، وينبغي علينا أن نتعامل معه بكل صدقٍ وشجاعة وشفافية مقدمين مصلحة الوطن علي الشعارات التي ما قتلت ذبابة، ولن تقتلها ما حيينا. وقد وجدت نصف الإجابة من قبل عند الأخ وزير المالية الذي قال أمام المجلس الوطني أن الاحجام عن التمويل الخارجي سببه الحصار، وبالطبع قد أنعكس ذلك سلباً علي الاقتصاد الكلي وعلى حياة الناس في أمنها وخدماتها ومعاشها، وبما أن النصف الثاني من الإجابة لتكتمل به الصورة عند السيد الرئيس جاء مقترحي له مبتدئاً بأداة الشرط ( إذا ) مما يلزمنا تحليل ودراسة السؤال الذي يقع بعد أداة الشرط، فإذا كان هذا الحصار الواقع سببه الجنائية أو الشريعة فأقترح أن يذهب الرئيس في حكم المضطر بنفسه رافعاً رأسه للمحكمة الجنائية، وربما يعود سالماً غانماً كما عاد الرئيس الكيني من قبل، وإذا كانت الشريعة هي السبب فلتذهب الشريعة أيضاً فداءً لوطنٍ يحتضر ولشعبٍ يموت، فالشريعة خُلقت من لدن حكيمٍ خبير من أجل الإنسان، وقولاً واحداً لم يُخلق الإنسان من أجلها، وينبغي الّا يكون الإنسان مهما قَلَّ قَدَره طرفاً في معادلة أحد خياراتها حياته، فالذي قتل فرداً عند الله فكأنما قتل الناس جميعاً، فحياة الناس مقدمة علي الدين والعقيدة وعلي الشريعة وعلي كل القيم الإنسانية، وفِي تقديري أنه من الشريعة أن نتجاوز كل مهددات بقاء الإنسان من أجل أن يحيا، ولا شك أن حياة الجماعة مقدمة علي حياة الفرد مهما كانت رمزيته، وهذا هو مقتضي الدين، فما لكم كيف تحكمون. وبما ان النصف الثاني من الإجابة عند السيد الرئيس من حيث المعلومات والاستعداد النفسي فعليه أن يقدر الظرف الحالي ويتخذ ما يراه مناسباً بغض النظر عن حيادية المحكمة وعدالتها، فواقعنا الْيَوْمَ كالظمآن، والذي بين يديه أم الكبائر فهل يشربها خوفاً من التهلكة ام يحَدِّث من معه عن خبثها وحرمتها؟ أعجبتني جداً مداخلة لأحد الأصدقاء على مقالي السابق إذ يقول: "المصلحون الاجتماعيون وأصحاب الفكر من السياسيين هم الذين يقدمون أنفسهم فداءً لأوطانهم وشعوبهم من أجل كرامتهم وعزتهم، وليست الشعوب هي التي تقدم نفسها قرباناً للرؤساء من أجل ذلك". لك التحية اخي الكريم وليتنا ارتفعنا بقيمة الحوار الي ما يفيد وينفع هذا الوطن المكلوم، فعلى المرء المسلم ان يقول خيراً او فليصمت. لك السلام ورحمة الله وبركاته أخي حميد وانت تقول: تعالوا بدل نبني ساتر نخيب ظن الصدام نطيِّب للعازه خاطر نقوم لأطفاله سام والسلام علي من اتبع الهدى،،، مبارك الكوده، امدرمان، الثورة - 21/ يونيو 2018