في الاسبوع الاول من يوليو الجاري، وفي قروب (صحافسيون) بتطبيق (واتساب)، تبادل المهندس الطيب مصطفى والاستاذ مبارك الكوده الرسائل التالية وقد إبتدرها الطيب مهاجما الكوده وما ورد في مقاله الذي رفعه للقروب ونشرته الصحف الالكترونية بعنوان "وهذه هويتي": * الطيب مصطفى: "مراجعات الكوده" عزيزي الكوده.. احمد لك انك قلت انك تتقبل النقد ولذلك ارجو ان تتقبل هذه المناصحة من انسان يريد لك الخير، كل الخير، ويخشى عليك من الهوى الذي حذرنا الله من الانصياع لمرجعياته الضالة. اولا.. من قال لك ان ما سميته بالاسلام السياسي لا يؤمن بالدولة القطرية؟ انه يؤمن بها لكن ذلك لا ينفي اممية المسلم، فكلها درجات من الولاء يعلو بعضها على بعض. فالرسول صلى الله عليه وسلم - الذي وحد الامر كله بما فيه السياسة - يحب موطنه مكة، وصرح بذلك كما تعلم سيما وان فيها بيت الله تعالى، لكنه هجرها وهاجر منها من اجل الدين الذي يعلو على الوطن او قل على الدولة القطرية التي رسمها لنا المستعمر مؤخرا.. ولذلك فاننا نحب وطننا السودان ولكننا لا نقدمه على ديننا الذي نحاسب به يوم الحساب ولا نحاسب بجنسيتنا القُطْرِية او اثنيتنا العِرْقية او قبيلتنا. اذن لا مجال لحديثك عن تعارض الاسلام السياسي مع الدولة القطرية التي اصبحت امرا واقعا لا مفر من التعامل معه، فهلا راجعت نفسك اخي الكريم؟ عجبت من قولك انك تركت اخوتك في التنظيم وانحزت الى الصف الوطني العريض، ولكنك نسيت انك انتظمت في تنظيم اخر (لاصلاح الان). فهل صحيح قولك انك انتظمت في الصف الوطني العريض دون غيره، وهل نسيت ان كل او معظم الناس متحزبون، فما الضير في التحزب؟ ولماذا يعاب التحزب فقط عندما يتعلق الامر بالانتماء الى الحركة الاسلامية التي بت لاترى فيها الا شيطانا رجيما؟! اماقولك عن انحيازك الى الانسانية بمفهومها الشامل فغريب! يا اخي كما قلت لك انها درجات، فانحيازك الى الاسلام مقدم على ماعداه، لكنه لا ينفي انحيازك للوطن وللانسانية. اما استشهادك ببيت دريد بن الصمة فارجو تصحيحه، فقد قال الشاعر الفحل: (ان غوت) وليس (ان غزت).... (وما انا الا من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد) لان الرشد ضده الغواية وليس ضد الغزو! كذلك عجبت لخطئك في الاية القرانية، فالصحيح (فمن شاء فليؤمن) وليس (ومن شاء). اما قولك (فلست في حلبة صراع مع بني وطني حتى اجاهدهم وانتصر عليهم او اموت شهيدا، فمردود سواء في التجربة الانسانية او في المنهج الاسلامي الذي تسعى بكل الوسائل الى مجانبته.. فقد حاربت سريلانكا ثوار التاميل واسبانيا ثوار الباسك وبريطانيا ال IRA او الجيش الجمهوري الايرلندي، فهل ينخذل جيش الوطن عن مواجهة من يشنون الحرب عليه وعلى الدولة وينكسر ويسلم الدولة للمتمردين والبغاة التزاما بمرجعيتك العرجاء؟! رسولك الذي قال لست عليهم بمسيطر هو الذي امره الله تعالى بان يجاهد الكفار والمنافقين وان يغلظ عليهم، وقال الله تعالى (وجاهدوا في الله حق جهاده)، وقال (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)، واعجب ممن يدعو الى التخلي عن الجهاد والى الاستسلام للاعداء في زمان تحتل فيه اسرائيل اقدس مقدساتنا (القدس والاقصى) وتحتل فيه امريكا ارضنا وتحتقرنا! اسالك بالله يا كوده ان تخبرني عن يوم واحد منذ ان اخترت مرجعياتك العجيبة كتبت فيه مهاجما ما تفعله امريكا واسرائيل بالأمة؟ هذه نتيجة مراجعاتك التي زينت لك حتى رايتها دينا وليتك لو احتفظت بها لنفسك حتى لا يتعاظم اثمك.. للاسف انك تنشرها كما كان يفعل محمود محمد طه وهو يدعو الى (الرسالة الثانية) التي جعلته يستنكف ان يصلي او يسجد لله رب العالمين كما كان يفعل محمد رسول الله حتى تتورم قدماه. عجبت يا كودة من بداية مداخلتك وانت تقول ان مرجعيتك (فطرتي وعقلي وتجربتي التنظيمية والسياسية)! يا كوده..مرجعية المسلم القرآن والسنة والسيرة وليس عقلك ولو تُرِك كل انسان لعقله لضَلَّ الناس، ولذلك بُعِث الرسل والانبياء، فهلا تواضعت يا اخي وثُبْتَ الى الحق وتخليت عما املاه عليك هواك؟ سؤال اخير للكوده.. هل صحيح انك كنت شيوعيا؟ ان كنت كذلك فانا لا استغرب ما تتفوه به الان فربما (فارت) تلك الخزعبلات من جديد وجعلتك تهرف بهذه الافكار الغريبة. وتقبل تحياتي. * مبارك الكوده: "ظاهرة الطيب مصطفي" التحية لأخي الطيب مصطفي وهو في مداخلة معي في قروب صحافسيون معلقاً علي مقالي بعنوان (وهذه هويتي) وواضح جداً ان الاخ الطيب يعتقد انه ينطلق من منصة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ويبدو انه قد حسم أمره في معرفة الدنيا والاخرة، فأصبح يخاطب من خالفه بلغةٍ وحججٍ لا تقبل التعقيب. حاول الاخ الطيب في رده إبتداءً ان يُجَهِّلَنِي ببعض ما اعتبره أخطاء معرفية في مقالي، وهذا منهج يصلح لأركان النقاش، فأنا لم ادعي يوماً انني أحطت بما لم يحِط به الأوائل فالخطأ وارد، وكان عليه أن أراد نصحاً أن يتجاوز المباني الي المعاني، ثم أني لم أقل قال الله ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنما قلت (.... فإنه من الخطل أن أرفع هذا الشعار في وطني من أجل فكرة تقوم أساساً علي مبدأ ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فالمعني واضح انه من عند الله والصياغة مني فأنا اتحدث عن معنيً قرآني ولم أنقل آيةً قرآنية. أنظروا معي اخوتي الكرام لهذه الجملة في بداية مداخلة الاخ الطيب وهو يقول: "اولا من قال لك ان ما سميته بالاسلام السياسي لا يؤمن بالدولة القطرية؟ انه يؤمن بها لكن ذلك لا ينفي اممية المسلم". انا شخصياً لم أفهم شيئاً من هذه الجملة الغير مفيدة، والتي تشبه بالضبط لغة الهناي والبتاع! أين دليلك أخي الطيب الذي استندت عليه في ان الاسلام السياسي يُؤْمِن بالدولة القطرية، وانت تقول في مداخلتك معي عن الدولة القطرية الآتي: "..... من اجل الدين الذي يعلو على الوطن او قل على الدولة القطرية التي رسمها لنا المستعمر مؤخرا" ثم تُضيف: "اذن لا مجال لحديثك عن تعارض الاسلام السياسي مع الدولة القطرية التي اصبحت امرا واقعا لا مفر من التعامل معه". يعني ذلك أخي الطيب ان الدولة القطرية لا وجود لها في نصوص الاسلام السياسي، ولكنها أصبحت أمراً واقعاً فرضه عليك المستعمر وارتضيته لانه اصبح واقعاً لا مفر منه. أخي الطيب.. انحيازي لحركة الاصلاح الان انحيازاً سياسياً وانحيازي للحركة الاسلامية كان انحيازاً عقدياً، فليس هنالك وجه شبه للمقارنة بينهما، واذا كنت تعتقد أن حركة الاصلاح الان حركة ذات مرجعية إسلامية كالحركة الاسلامية فهذه رغبة ترجوها وتسعي اليها، فأنا من المؤسسين لهذه الحركة فهي مشروع سوداني للإصلاح السياسي، يقوم علي قِيَم كل الرسالات السماوية وكريم المعتقدات كما يقوم الحزب الجمهوري في الولاياتالمتحدة علي قيم الدين وكريم المعتقدات، وكما يقوم حزب النهضة في تونس علي قيم الدين وكريم المعتقدات. أما التحزب اخي الطيب فهو عملية تنظيمية وضرورية للحياة ولكن الله سبحانه وتعالي ذَمه في آيتين كريمتين عندما أستغل الدين لصراعات ومصالح خاصة حيث يقول: (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)، ويقول: (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)، فالتحزب الذي يقوم عليه الاسلام الْيَوْمَ تحزبٌ يأباه الله. اما الشهادة من اجل الوطن لم أنكرها ولكني ربطتها بإذا تعين القتال لسد الثغور وليس لقضايا سياسية داخلية كان يمكن ان نتجاوزها دون هذه الخسائر التي لا تحصي ولا تعد. سأتجاوز بعض النقاط والتي أري ان الخلاف بيني وبينك فيها واسع جداً فأنا لا أؤمن بقتال الكافرين والمشركين ولكني أؤمن بقتال من اعتدي عَلَيَّ كَمُسْلم مشركين او كافرين، وعندي قولاً وآحداً انه لا قتال في نشر الدعوة الاسلامية. يقول الطيب: "اسالك بالله يا كوده ان تخبرني عن يوم واحد منذ ان اخترت مرجعياتك العجيبة كتبت فيه مهاجما ما تفعله امريكا واسرائيل". ودعني أسألك بالله يا الطيب.. هل حَرَّرَت كتاباتك العجيبة اسرائيل؟ أم هل استمعت امريكا لما تقول؟ يبدي الاخ الطيب استغرابه لقولي ان مرجعيتي هي الفطرة والعقل والتجربة! وليتك أخي الطيب جعلت الفطرة مرجعية لك وفيها يقول الحق عز وجل (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). وليتك اتخذت العقل كذلك مرجعية لك (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون). وليتك اتخذت من تجربتك مرجعية لك (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). الاستاذ سيد قطب رحمة الله لم يسمي كتابه تفسير انما سماه (ظلال) فلا تظنن أخي الطيب انك تفسر القرآن حتي يكون لك مرجعية فهو مائدة للرحمن، كل يأخذ منها بفطرته وبعقله وبتجربته. يقول الطيب: "ولو ترك كل انسان لعقله لضَلَّ الناس". سبحان الله، اتعي ما تقول أيها الطيب؟ كيف يضل من يفكر بعقله؟!! يسألني الاخ الطيب هل كنت شيوعياً. والاجابة نعم، وكنت احمي اجتماعات خلية عسكرية تعقد بمنزل شقيقي الأكبر عثمان الكوده وانا طالب في الخرطوم الأميرية الوسطي في منتصف الستينات وعمري بين الثانية عشر والخامسة عشر وكان دوري الذي أديته بكل مسئولية هو اخطار المجتمعين اذا اشتبهت في ان هنالك قادم ليقوموا بإجراء اللازم. هل يقدح هذا الانتماء في ديني أخي الطيب؟ ولك التحية والود.