سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخرطوم كانت خالية من الناموس: تجربة فريدة وناجحة في القضاء على الناموس في خرطوم العشرية الاولى من القرن العشرين قبل نحو 110 عاما .. تأليف: بروفيسور احمد عديل .. ترجمة: بروفيسور عوض محمد
تأليف: بروفيسور احمد عديل (جامعة الملك سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية) ترجمة: بروفيسور عوض محمد احمد (جامعة نجران، نجران، المملكة العربية السعودية) هذه ترجمة لمقتطفات من مقال مطول للبروفيسور احمد عديل من جامعة الملك سعود في الرياض، و احد علماء العالم المعدودين في علم الطفيليات عن حياة العلامة اندرو ويلكم مؤسس مختبرات ويلكم في الخرطوم، و قد نشر في مجلة دورية "طب الاطفال السودانية" العلمية المحكمة في المجلد الاول للعام 2013 م الشكر يمتد للبروفيسور مصطفى عبد لله محمد صالح استاذ طب الاطفال بنفس الجامعة و المحرر الدولي للدورية لاهتمامه بترجمة المقال للعربية لمن يرغب في الاطلاع على المقال كاملا، الدورية متاحة في النت في الرابط ادناه: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4949968/ ان تاريخ مختبرات ويلكم و دورها في تطور الطب و الخدمات الصحية في السودان و على مستوى العالم قد سبق للمؤلف كتابته من خلال سيرة مدرائه الثلاثة الاوائل. كان السير اندرو بلفور هو اول مدير لمختبرات ويلكم، و هو يستحق التنويه لان جهوده في تطوير الخدمات الصحية و البحث العلمي في السودان قد هيات البئية الصالحة للمدراء اللاحقين لمزيد من التطوير، كما انها شكلت نموذجا لمؤسسات طب المناطق الحارة (الطب المداري او الاستوائي) على مستوى العالم. ولد بلفور في ادنبره (اسكتلنده) في مارس 1873م، حيث كان والده طبيبا (ممارس عام) في نفس المدينة. كان بلفور منذ يفاعته متعدد المواهب، ملاكما و لاعب رجبي و روائيا. بعد تخرجه من كلية الطب العام 1894م التحق مع والده لممارسة الطب العام، بيد انه لم يجد نفسه في هذا التخصص، بل كان اميل لتخصص الصحة العامة. لهذا التحق بجامعة كيمبردج و نال منها دبلوما و من بعد دكتوراة في الصحة العامة و لتميز ابحاثه تم منحه ميدالية ذهبية. كانت اول تجربة مهنية لبلفور بعد اكمال تخصصه في الصحة العامة هي تاسيسه معسكرا لمعالجة و عزل مرضى التايفويد في بريتوريابجنوب افريقيا بين عامي 1900 و 1901م. كانت التجربة ملهمة و شكلت علامة فارقة في حياة الرجل المهنية. بعد انتهاء مهامه في جنوب افريقيا ذهب بلفور الى السودان (الداخل حديثا وقتها تحت الانتداب البريطاني) كاول مدير لمختبرات ويلكم (قيد التاسيس). بدا بلفور مهمته الجديدة من لندن بالاجتماع الى هنري ويلكم لتدبير تاثيث و تجهيز المختبرات (من الصفر). حرص ويلكم على وداع صديقه بلفور عشية سفره للخرطوم بحفل عشاء فاخر دعا اليه نخبة المجتمع البريطاني من نجوم الطب و العلوم و رجال الاعمال. كان الحفل المغطى صحفيا مناسبة جيدة لتقديم العالم الشاب للحضور (النوعي)، حيث تحدث عن الوضع المفزع للخدمات الصحية في السودان و عن الصعوبات الكبيرة المتوقعة في سبيل تاسيس خدمة طبية حتى بمستوى مقبول في الحد الادنى. وصل الدكتور بلفور الى الخرطوم في فبرائر 1903 و بدأ من توه في تجهيز المختبرات و فحص العينات المرضية يساعده طاقم من ثلاثة اشخاص، مساعد مختبر انجليزي و محضران سودانيان. احتلت مختبرات ويلكم الجناح الشرقي من مبنى كلية غردون التذكارية في شارع السردار (شارع القصر فيما بعد) التي تزامن انشاؤها مع تاسيس المختبرات. تزامن استلام بلفور لمهامه في الخرطوم مع فوز العالم البريطاني رونالد روس بجائزة نوبل ثمرة لجهوده في مكافحة الناموس الناقل لمرض الملاريا في عدة دول، مما ألهمه للبدء في مشروع مماثل في الخرطوم حيث كان مرض الملاريا واحدا من اكثر الامراض انتشارا في ذلك الوقت في السودان. لم يضيع بلفور وقتا كثيرا اذ سرعان ما بدأ مشروع مكافحة الناموس بامكانية محدودة و ميزانية فقيرة لا تزيد عن مائة جنيه استرليني في العام. كون بلفور فريق المكافحة الاول من مساعد المختبر الانجليزي نيولف يساعده عاملان سودانيان. يعمل الفريق على فترتين، صباحا و بعد الظهر في معاينة النهرين و التجمعات المائية و مظان المياه الراكدة. تدريجيا زاد عدد أفراد فريق مكافحة الناموس الى تسعة، ملاحظا صحة بريطانيان و سبعة عمال سودانيين، اضافة لعامل سوداني كان مسؤلا عن معاينة البواخر و المراكب (و كانت وسيلة نقل و مواصلات شائعة في ذلك الزمان). نسبة لقلة الميزانية المرصودة للمكافحة لم تشمل حملة المكافحة منطقة ام درمان، حيث اقتصرت على الخرطوم و بحري. تم وضع دليل محكم لموجهات مكافحة الناموس في المنازل و البواخر و المشاريع الزراعية. اثبت برنامج المكافحة نجاحا متزايدا، حيث بدأ، مثلا، قاطنو الخرطوم في التخلي عن استعمال الناموسيات اثناء النوم ليلا. في العام الرابع من اقامته في الخرطوم اصدر بلفور التقرير السنوي عن مختبرات ويلكم حيث جاء فيه ان الخرطوم خالية تماما من الناموس. في عام 1910م زار الرئيس الامريكي تيودور رزفلت الخرطوم و كان من ضمن برنامج زيارته المرور على مختبرات ويلكم، حيث ابدى اعجابه بالمختبرات و انجازاتها و بالاخص مشروع مكافحة الناموس. بل ان الكونقرس الامريكي دعا هنري ويلكم لجلسة استماع في لجنة الشئون الخارجية لتنويره عن المختبرات و منجزها في مكافحة الناموس. انتهى الجزء المترجم من مقال البروفيسور احمد عديل من المترجم: اين كنا و الى اين صرنا. بلفور نجح بامكانيات بشرية محدودة و ميزانية فقيرة في القضاء على الناموس في الخرطوم منذ 110 سنوات، و لا يزال الناموس بكل انواعه يشكل الخطر الصحي الاكبر في سودان اليوم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.