ثمة لوائح خاصة في معظم جيوش العالم مُتعلقة بسياسة الزي الموحد ،ويمكن بمُقتضي القوانين مُعاقبة الجنود في حالة إرتداء زي عسكري معين بصورة غير مشروعة ، وكذاك يُحظر بغير ترخيص من الجهة المُختصة انتاج او حيازة او بيع او تداول الزي الرسمي المخصص للقوات النظامية او أي زي عسكري اخر ، ومنذ صلح وستفاليا، يُستخدم الزي العسكري الموحد كعنصر رئيسي للتمييز ،وتٌشير الزي الموحد بشكل عام زيا مصنوعا من قماش معين وبتصميم او لون او علامات معينة ، تنص عليها اللوائح او تقاليد تنطبق علي جميع افراد أي وحدة عسكرية ،وتُشتق كلمة يونيفورم باللغة الإنجليزية Uniform من كلمتي una واحد ،وفورما forma شكل ، ويُقصد من الزي العسكري المُوحد توضيح ان مُرتديه ينتمون لقوات المسلحة لدولة ما ،وقد يختلف زي فروع خدمات الجيش ، فقد يختلف لون زي القوات البحرية عن زي القوات الجوية، غير ان التصميم يكون غالباً متماثلاً، وتكون الشارات او العلامات المميزة ذات صلة بأسلوب الحرب او الأسلحة المستخدمة. بجانب التبعات القانونية لارتداء الزي العسكري الموحد علي صعيد القانون الدولي الإنساني والمًتعلقة بالحروب المسلحة الدولية وغير الدولية ومبدأ التمييز ، تعكس الزي الموحد النظام والانضباط ، ويحث علي التبعية والخضوع ،باستخدام مختلف العلامات ،بما ذلك الشارات التي تدل علي الرتب وتعزز من هيكل الجيوش الهرمي ، كما يحث أيضا علي الاحترام والرهبة ويرمز الي القوة والسلطة ، ويساعد الزي علي خلق هُوية قائمة علي تماثل المظهر وتعزيز روح الانتماء للمجموعة كوحدة واحدة مما يوطد الترابط فيما بين افراد المجموعة ،ويميز الزي الموحد افراد القوات المسلحة عن بقية السكان في المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية . على الرغم من ان القوات المسلحة في دول العالم وفقا لسياقات وظروف محددة تستخدم زي تمويهي، وذلك لمتطلبات تكيف الزي بدرجة كبيرة مع لون البيئة التي يعمل فيها الجيش، لتقليل إمكانية رؤية مُرتدي الزي في ساحات العمليات العسكرية والمعارك، ولا يُوجه الا بقدر هامش نحو استيفاء مُتطلبات الانضباط، وبقدر اقل نحو الوفاء بمتطلبات قانون الحرب، وفي كل الأحوال يجب الحفاظ على الحد الأدنى مما يجعل التمييز بين الوحدات والأسلحة المختلفة للقوات النظامية في أي دولة. وفي سياق النزاع المسلح في دافور نجد ان هناك فسيفساء الأزياء العسكرية للقوات النظامية والميلشيات التابعة لها ،مما تكون عصية علي العقل تحديد هُوية الأشخاص الذين يرتدون هذه الأزياء العسكرية المختلفة والمتنوعة ، حيث يوجد جميع الأزياء العسكرية لمعظم دول العالم منها الإيراني ، العراقي ، التشادي ، الصيني ، الأمريكي وحتي الزي العسكري الاشبه بالزي العسكري الإسرائيلي! ، ولم تقتصر المسالة علي وجود هويات مختلفة من الأزياء العسكرية في دافور ،بل توجد محلات ودكاكين وصالات وحتي المفروشات الأرضية تنشط في التعامل بالاتجار والبيع والصناعة في جميع المهمات العسكرية ،في مراي ومسمع السلطات الرسمية ،ودونكم الصورة المرفقة مع هذا المقال ،والذي هو محل لبيع وشراء وتبديل جميع المهمات العسكرية !!!. التركيز علي حالة الاضطراب والفوضى الذي أصاب بمقتل كيان المؤسسة العسكرية بعد ان اصبح دافور مسرحا ومعرضا لجميع الازياء العسكرية ، ليس بمعزل عن حالة العجز والفتور التي اصابت الدولة بكل أجهزتها الرسمية ولا سيما المؤسسة العسكرية ، حيث سيادة العبث ، وعدم احترام القوانين واللوائح ، وبروز روح العنهجية في التعاطي مع الشأن العام، كل ذلك بفعل اشتغالات وتخريجات ايدولوجيا الحركة الإسلامية ، حيث تبدت في الأفق ظواهر المسخ الأيديولوجي في صفوف القوات النظامية ، ولا عجب ان تري ضابطا مسترسل اللحية ، وقصير البنطال لحد الركبة او يقترب منه بكثير ! ولكن التركيز على وحدة الزي العسكري في بحر متلاطم من التناقضات والوهن الذي اعتري الدولة ككل، ليس فقط لأغراض التمييز بين المدنيين والعسكريين وفق القانون الدولي الإنساني، ولكن أيضا لضرورات محاصرة الجريمة في دافور ومعرفة مُقترفيها، وفي ظل هذه التعقيدات والهويات العسكرية تقع مهمة عسيرة على أجهزة انفاذ القانون تحديد هوية مرتكبي الجرائم والمخالفات القانونية في الإقليم! لم تكن التشريعات التي تُضفي الحماية القانونية اللازمة للزي العسكري الموحد مجرد عمل تشريعي محض ،بل للضرورات الأمنية وللحفاظ علي هيبة واحترام القوات النظامية ، لذلك كانت وما زالت الاهتمام بالزي والهندام العسكري علي الدوام مطلبا لدي جميع جيوش العالم ، وتنظم وفق القوانين واللوائح ،حيث ان القانون الجنائي السوداني وفي مادته 60 يجرم التعامل بالأزياء والشارات العسكرية ، سواء كان بالاتجار او الصناعة ودون اذن مشروع ،من السلطة المختصة ، وكانت الفلسفة من وراء ادخال هذه الأفعال في دائرة التجريم هو اضفاء حماية قانونية خاصة والتي تفضي الي احترام وهيبة القوات النظامية وتسد ذرائع استخدم واستغلال الزي والشارات العسكرية في ارتكاب مخالفات وجرائم جنائية . وقد أولي القانون الدولي الإنساني عناية فائقة للزي والشارات العسكرية، وتنص المادة الاولي من اتفاقية لاهاي لسنة 1907 علي: " ان قوانين الحرب وحقوقها وواجباتها لا تنطبق علي الجيش فقط، بل تنطبق على افراد المليشيات والوحدات المتطوعة التي تستوفي فيها الشروط التالية: - ان يكون راسه شخص مسؤول عن مرؤوسيه؛ - ان تكون لها شارة مميزة مُثبتة يمكن التعرف لها من بعد؛ - ان تحمل سلاح علنا؛ - وان تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب واعرافها " وتتجلي أهمية الزي العسكري الموحد ،وخاصة في النزاعات المسلحة الدولية في حصول المقاتل الشرعي وضع أسير حرب حال وقوعه في الاسر ، وقد طُرح هذا السؤال مؤخرا فيما يتعلق بجنود طالبان الذين أُلقي القبض عليهم ، وحُرموا من الحصول علي وضع أسري حرب في المواجهات العسكرية التي جرت بين أفغانستان والولايات المتحدةالامريكية علي أسباب من بينها علي أساس عدم ارتدائهم الزي العسكري الموحد .وهذا يتضح ان الهدف الأساسي للقانون الدولي الإنساني الذي يقضي بوجوب التمييز بين المقاتلين والسكان المدنيين بارتداء الزي العسكري الموحد ،وذلك من اجل تامين احترام وحماية المدنيين والاعيان المدنية . في ظل النزاع المسلح في إقليم دافور هناك فسيفساء الأزياء العسكرية، وقد ترتدي كل مجموعة او أي فرد ما يخطر في بالها، بل داخل السلاح او الوحدة الواحدة تجد شتي أنواع الكاكي والأحذية العسكرية! منها ما يتم استجلابها من دول الجوار، وبمقابل هذا الاقبال الكبير على الأزياء والشارات العسكرية، قد راجت وماجت حركة دؤوبة في السوق، حيث محلات مختلفة للبيع والشراء، دونما ان تضع السلطات يدها في ذلك، وفي هذا نجد هويات عسكرية مختلفة، بجميع اشكال وأنواع الكاكي، وقبل أيام قلائل من تاريخ كتابة هذه المقال، وبينما كنا في أحد الأسواق لكي نحتسي القهوة، مر علينا عسكري بزي لم أؤلفه من قبل، وحينما تساءلت، علمت انه زي عراقي! وهكذا تتعدد وتتنوع الأزياء العسكرية، كل هذه الظاهرات تعكس مدي جسامة وفظاعة وغور جرح الوطن في كل صُعده ومناحيه، فله منا كل الشفقة! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.