الاستاذ حسين خوجلي من الرموز الإعلامية المنتشرة في الفضاء السوداني منذ ان اصدر صحيفته (ألوان) في عهد نميري مروراً - في العهود التالية - بالمساء للإنتاج الإعلامي، فإذاعة المساء، إذاعة أف ام 101، وأخيراً تلفزيون أمدرمان (فضائية امدرمان)، ماشاءالله (مردوخ السودان) اذا سمح لي ان اسميه، مستفيداً من الحالين: حال الديمقراطية وسماحتها، وحال الدكتاتوريات وارتباطه بها .. للرجل مهارات واضحة في اعداد وتقديم برامج المنوعات الفنية والأدبية، وله جاذبية في الحديث وفي الطلة، أتابعه في فضائيته (أمدرمان) كلما وجدت الي ذلك سبيلا، أتابعه بمزيج من الغيظ والإعجاب، الغيظ عندما يتحدث في الشئون السياسية العامة عبر برنامجه متعدد الاسماء الذي يخاطب عبره جمهور المشاهدين، وكثيراً ما تملكتني الرغبة في الرد كتابةً ولكنني أتراجع عندما اجد ان الموضوعات المطروقة كثيرة، الا ان الموضوع اخطر من ان يترك هكذا، إذ ان امر القافزين من (المركب إياه) مكشوف حتي علي النطاق الشعبي الواسع، اما الذي يمثل دور القافز وهو ليس بقافز (مثل الحسين) فهو يتحايل لتزيين النظام من وجهين: الأول ان النظام بالفعل يتيح مجالاً واسعاً لحرية التعبير والنقد، والثاني، حين يكون الموضوع حول فشل لا لبس فيه، ان الجميع هكذا فاشلون وليس النظام لوحده، ولذلك لا بد من التعرض بقوة لهذا النوع (القافز تمثيلاً).. كمثال ناخذ مقطع الفيديو المنتشر هذه الأيام في وسائل التواصل الإجتماعي، هو مقطع من احد احاديثه التي تطرق فيها لازمة الخبز (القمح)؛ الأزمة هنا واضحة لا جدال فيها ولكنها عند الحسين فشل عام للسودان وحتي لجواره الإقليمي وليس للنظام (المبجل) .. يستأنف الحديث عادةً بنفض يده اليسري من داخل أكمام الجلباب والعباءة ملوحاً بها في وجه المشاهدين، ملوناً صوته بدرجات مختلفة من الرفع والخفض: (وبعدين يا جماعة ....) او (وبعدين بالمناسبة ...) حسب الموقف، ومتخيراً اكثر الإيماءات تناسباً معه وتأثيراً في المتلقي.. ومما قاله في هذا المقطع: ( رح يحاسبونا بالسياسة وندخل بها النار لاننا جئنا من أمم فاشلة.. عندك ملايين الهكتارات من الأراضي وتشحت طعامك من الخواجات، وتستورد خبزك منهم؟ لو في وزير زراعة عندو أخلاق اول قرار يوقف القمح ده، ليه نحنا نستورد قمح بالمليارات لسنوات طويلة ...) دعك من لغو الولد اللطيف جداً الذي يزرع القمح في براري كندا ومن حديث نحنا الشينين ناكلو في الخرطوم: ( الأسئلة الصعبة دي نجاوب عليها)،: علي من يا استاذ حسين يقع عبء الإجابة علي هذه (الأسئلة الصعبة)؟ من الذي عاث بالزراعة إفساداً وتدميرا وبالمزارعين افقاراً واعسارا؟؟ ومن من وزراء الزراعة الذين تعاقبوا عليها منذ 1989 عليه ان يتخذ قراراً بايقاف استيراد القمح؟ الا تعلم ان استيراد القمح وراءه مصالح ضخمة دونها حروب داحس والغبراء؟.. ولا زال القائل الاستاذ حسين: ( نحنا أمة فاشلة علي مستوي مصر والسودان وليبيا ) وما دخل مصر وليبيا؟؟ اما الامم يا حسين فانها لا توصف بالفشل، الامم كيانات معنوية ليست لها إرادة ذاتية منفصلة لتنجح او تفشل، الفشل - في حالة حدوثه - صفة للأنظمة في برامجها والقائمين عليها ومصالحها التي ترعاها، فشل الدولة من فساد النظام القائم فيها، والفاشل هو السلطة الحاكمة وليست الأمة.. الأمة السودانية أمة حية عظيمة وليست فاشلة... الحسين يواصل: ( بالطريقة دي حنخش النار كلنا، لانها ما قصة صمنا او مشينا الحج او ادينا مرة مسكينة من النيجر خمسة جنيهات في شارع المطار...) حتي الشحاذة هي امرأة من النيجر وكأن الفقر بل مستوي تحت خط الفقر لا يأخذ بتلابيب عامة نساء ورجال السودان ... يختم الاستاذ ونختم معه: ( نحنا أمة فاشلة، عشان كده السياسة دي مش يعني عارضنا وما عارضنا، القصة دي ابلغ من ذلك بكثير..).. هنا العقدة في حبكة الحلقة كلها: الموضوع ليس انك معارض للنظام ام لا ... لا، نحن أمة فاشلة، فلا داعي للمعارضة لانها لن تفيدنا، نحن أمة فاشلة، والأستاذ حسين خوجلي هو الناجح الوحيد في تزيين النظام وتيئيس الجمهور من مواجهته .. لا تتهاونوا في مواجهة مثل هذه الخطط بالكشف ونزع الاحجبة .. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.