الرياضة الوحيدة التي أمارسها –منذ طفولتي- هي رياضة المشي،، لذلك أزعم بألا يوجد بالبسيطة من ينافسني في المشي،، لدرجة أني محل تنذر للأهل والأصدقاء والزملاء وكثير ما يعتذرون في مرافقتي (خاصة مترهلي البدن والجنس اللطيف) لكنها هوايتي.. حسناً،، بالأمس كنت في مقر إحدى المنظمات العاملة بالقاهرة لأمر يخصني،، أنهيته نهاية اليوم وتحركت راجلاً (رغم إن إقامتي تبعد بضع كيلومترات لكن كان الطقس جميل).. كانت هناك سيدة من –جنوب السودان- تعمل (الشاي والزلابية) أمام المكتب الذي يرتاده يومياً المئات فيهم العشرات من مواطنيها،، لفتُ نظرها لأنني قابلت العشرات من معارفي من جنسيات مختلفة وبادلتهم التحايا لكني لم أنتبه لوجودها إلا حينما قطعت طريقي في (منتصف المسافة) بصراحة،، أسأت فيها الظن بادئه (سامحني الله) بسبب السمعة غير الطيبة لبعض مواطنيها هنا.. تحفظت في مصافحتها والحديث معها،، فقالت لي "رأيتك في المكتب قبل ساعات ؟؟" فقلت لها "زرته كغيري !!" فقالت لي "أدوك حاجة ؟؟" فقلت لها "أنا لا أتعامل بالمال وسبب مجيئ لا علاقة له بالأموال !!" فقلت لي "أين ذاهب الاْن وأين تقيم ؟؟" وبسبب سوء ظني (سامحني الله) ذكرت لها عنوان مزيف وزعمت لها بأني لا أملك ثمن تعرفة المواصلات،، فقالت لي "سأعطيك مما معي من نقود" شكرتها على مبادرتها الطيبة وإعتذرت لها،، لكنها وضعت وعاءها البلاستيكي –السبت- على الأرض وقبضت على ذراعي بكلتا يديها وقالت لي "أنا أختك،، وسودانية زيك،، وأنا ناديتك وسألتك،، وإنت ما قلت لي حاجة،، ولا لو لقيتني في موقفك دة ح تتخلى عني ؟؟" إنهمر الدمع من مقلتيي،، فقالت لي "ما تبكي دي حاجة عادية" لم أصارحها بسبب دمعي لكني نذرت في نفسي أن أقبل منها ما تعطيني له وأسلمها ضعفه،، أخرجت من حافظة نقودها ورقة فئة خمسون جنيهاً (ملاحظة :- تعرفة المترو 3ج والأتوبيس 4ج والميكروبص 5ج) إستلمت منها المبلغ وقبل –ردة فعلي- قالت لي "ح أديك لقيمات أمشي أشرب بيه الشاي وكن لقيت أخوك أديتُه الله بيديك" هنا،، صارحتها بأمري وعرفتها بنفسي وطالبتها السماح لأني أسأت فيها الظن بادئه،، فعرفت أنها أربعينية ولدت وتربت في السودان وإبتعلت وإنجبت فيه وبعد رحيل زوجها وضاقت ذرعاً قدمت بأبناء إلى مصر وطلبت لجوء كغيرها،، بيد أن الجنيهات التي تتلقاها من المنظمات بالكاد تكفيها لأيام ناهيك عن إيجار المنزل ومصاريف أباءها الدراسية،، لذلك ولجت سوح العمل وإختارت هذه الحرفة لأنها لا تحتاج منها لشهادات دراسية وخبرة،، وحددت المكان بعينه لتعاطف رواده معها لذلك لم تبخبل (على من لا تعرفه) بالتصدق في الطرقات وهي التي في أمس الحاجة لما تنفقه لكنها سعيدة بما تفعله أو كما قالت لي "دي ما قروش دي وساخة،، ودة مال الله لازم يمشي في سبيل الله،، ومافي زول خلقوه عشان يعيش براه" لله درك يا ميري.. وإنتي تعلميني معنى (الأنسنة) وماذا تعني (التشاركية) مترجمة قول جبران خليل جبران (جميل ان تعطي من يسألك ماهو بحاجة اليه .. ولكن الأجمل من ذلك .. ان تعطي من لا يسألك وانت تعرف حاجته) لله درك يا ميري.. وأنتي النموذج المشرف لجالتينا مصححة الصورة المشوهة للقلة الذين إمتهنوا "التسول والبلطجة والنهب والإحتيال" للدرجة التي بات بعضنا لا يطيق التواجد في "دور ونواد ومقاه تجمعاتنا ومقاطعة مناسباتنا وإجتماعياتنا" وعدم التعرف على الاْخر أو التحدث معه "حتى لو توسم فيه الخير وينشده لدله على عنوان فقط !!" بل الكثير ينكر جنسيته ل -بلدياته- وينسب نفسه لدولة جارة "تشابه سحنة شعبها بشرته !!" هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي :- بلدياتي قال لي "نفسي أقابل سوداني في القاهرة وإتعرف عليه لما أقابله المرة الجاية يقول لي هاك !!" فقلت له "قصدك نفسك تقابله وتتعرف عليه وتقابله مرة أخرى دون أن يقول لك هات !!" هذه هي الحقيقة.. ولن أعتذر لمعارفي المقيمين هنا (لأني لم أقصد أحد) وجميعهم يعرف ذلك (معايشة وسماع).. لذلك أكرر ما قلته وكتبته مراراً "جميع جالياتنا السودانية بالخارج مفخرة لأي مغترب أجنبي بتعاضدهم وتكافلهم وتكاتفهم وتلاحمهم وتراحمهم بيد أن –بعض المغتربيين السودانيين في مصر نموذج غير مشرف- !!" Some Sudanese expatriates in Egypt are not honorable وعلى قول جدتي :- "دقي يا مزيكا !!". خروج :- ضحكت ملء شدقي عند مطالعتي مانشيت –الزميلة / الجريدة – الغراء- الحركة الإسلامية :- ما دخلنا السوق وناسنا جعانين ومزعمطين.. وأكتفي بما علقت به على حساباتي في مواقع التواصل الإجتماعي #العود_الما_فيه_شق_ما_بقول_طق ولن أزيد ،، والسلام ختام. -- د. عثمان الوجيه / صحفي سوداني مقيم بمصر YOUTUBE GOOGLEPLUS LINKEDIN TWITTER FACEBOOK INSTAGRAM SNAPCHAT TEEGRAM PINTEREST SKYPE : DROSMANELWAJEEH عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.