عندما تخرجنا من الجامعة لم نجد ملاذاً آمناً غير تلك الساحة المظللة بالأشجار الوارفة والغنية بالعتبات الأسمنتية, ذات الموقع الإستراتيجي بالجامعة بعيدة عن قاعات الدراسة وقريبة من شمارات الطلبة.. تلك الساحة تعرف ب"الحيارى".. أى زول رايحة ليهو حاجة, ولا مستني زول أو زولة, أو مستني معاينة ولا شغل, أو حتى الفرج.. أكيد حاتلاقيهو متكّل هناك!! لكنا إستوعبنا الدرس فالحل لن يأتي ونحن حائرون تحت أشجار الإحباط, والفرص لن تُخلق للخاملين غير المبالين, أو المُحبطِين السلبيين, بل بالكد والعمل والمحاولات المتكررة, التفاؤل والأمل وعدم اليأس.. إن نفرة الشباب وتفاعلهم مع الأوضاع بإيجابية هو دليل عافية, فأنا اليوم فخور بتجمع المهنيين السودانيين لانه تجمع شعبي خالص بعيد عن المنتفعين, سماسرة الوطن فهم يستحقون مستقبل أفضل من الإنتظار في الصفوف اليأس والإنهزام.. إن هذه الطاقات الجبارة للشباب أولى بها المزارع, المصانع, المدارس, الجامعات.. أولى بها بناء الوطن ليتخطى عثراته التى طالت ويعلو فوق كيد سدنة السلطة الطغاة وعبيدهم من الأحزاب والمليشيات المسلحة الذين لايجيدون شيئاً سوى الركمجة فوق أمواج دماء الشباب للإنفراد بالوطن بزاوية مصالحهم الشخصية..!! إنني فخور اليوم وأنا أتأمل الشباب بمختلف سحناتهم يهتفون هتافا واحدا بمطالبهم وبسلمية مبادرتهم وخلق مثال رائع لروح الإنتماء للوطن وليس للقبيلة.. فالسودان يشبة فى تكوينه خلية نحل كبيرة تعمل بنشاط لبناء أمة قوية ذات ثروة ومصادر طبيعية متجددة, فالأدوار مقسمة فى خلية النحل فكل ميسر لما خلق له, فهنالك الشغالات (عامة الشعب) اللاتي ينتجن العسل من رحيق الأزهار ويحرسن الخلية من الأعداء, تبني الخلية وترممها وتعتني بالبيض الذى تنتجه الملكة (الأم) التى وظيفتها الأساسية هي إنتاج البيض, ويوجد نوع آخر من النحل وهم معشر الذكور وهذا النوع ليس لديه القدرة للقيام بأي شئ مما تقوم به إناث النحل من انتاج عسل أو حماية (لا بطقعوا لا بيجيبو الحجار) فتظل وظيفته الأساسية هى تلقيح الملكة لتتمكن من إنتاج البيض.. ففي فترة التزاوج تحلق الملكة خارج الخلية ويطاردها الذكور فيلقحها من يلقحها من الذكور ويكون مصيره الموت, والبعض الآخر يكتفى بمتابعة هذا الزفاف, وهذا النوع الآخير المتفرج يُطرد عند عودته للخلية فنجده غالباً بلا مأوى حول صنابير المياه.. وكذلك أحزابنا فمنهم من يضع يده مع الشيطان لينال حصته ويحكم على نفسه بالموت السياسي ليكونو مجرد مرتزقة أنيقين مصيرهم مصير الشيطان, والبعض الآخر يظل متفرجاً ينتظر من يفوز أولا ليركبو الموجة, فلا هم قادرون على بلوغ عتبات القصر ولا هم يستطيعون العودة إلى جماهير الشعب.. فتظل تلك الأحزاب هائمة حائرة حول "تلك المواسير"..!!! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.