شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالفيديو.. بشريات عودة الحياة لطبيعتها في أم درمان.. افتتاح مسجد جديد بأحد أحياء أم در العريقة والمئات من المواطنين يصلون فيه صلاة الجمعة    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فزاعة ما بعد الانقاذ .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 09 - 01 - 2019

عرف عندنا في السودان الامر بالهمبول الذي يخيف الطيور فلا تقرب الحقل . ونحن لسنا من الطيور ولن تخيفنا سخافات الكيزان ، اتباعم والجبناءالذين يخافون من القادم . لقد قال القائد العظيم قرنق طيب الله ثراه .... فلنعبر النهر اولا . سنتخلص من الكابوس وسنتحكم في مصيرنا . لقد قلت وكتبت منذ البداية ان الانقاذ تحمل بذور الفناء داخلها لأنه ليس هنالك من الاموال والاسلاب ما يكفي كل اللصوص . ومن سرق سيطالب بأكثر ومن لم يسرق يريد نصيبه من الاسلاب ، وسيقتتل اللصوص آجلا او عاجلا . كل السيناريوهات لا يمكن ان تكون اسوأ من الانقاذ . هنالك تشابه كبير بين عهد الخليفة عبد الله والانقاذ . فلقد استلم السلطة من لم يعرف عنها شيئا وكان الولاء قبل العطاء . واغتنى المدقعون والجهلاء مناصب الدولة وكان هنالك قضاة لا يعرفون الشرع ولكن طبقوا العرف الخ تخلص الخليفة من القواد الحربيين الذي عركتهم الحرب واتى اهل الخليفة مثل الشاب محمود ود احمد، ود الدكيم ، على فرفار . ولم تكن عندهم مقدرات ابو قرجة ود النجومي حمدان ابو عنجة الزاكي طمل او عثمان دقنة . ولكن بعد انهيار الدولة وموت ما لا يقل عن ربع الرجال او اصابتهم في الحرب ، هاجر الكثر من القبائل التي اتت مرغمة او بحثا عن الدولة الدينية في امدرمان وحول امدرمان .
وبعد اقل من عقد من الزمان بعد سقوط دولة الخليفة كانت في الخرطوم كهرباء مستشفيات . وتجارة ،مدارس مزدهرة ، محاكم ونظام دولة معقول . واستوعب السودانيون الوضع الجديد وطوروه . وفي نهاية زمن الخليفة منع التجار من دخول سواكن وانهارت التجارة وعاد الناس لاستخدام الفخار ، القرع وقدح الخشب ، لأن المعدن استغل في معدات الحرب . وانهار الاقتصاد وطبع الخليفة نقودا على قماش الدمور رفضها الناس وصار الريال المجيدي يساوي عدة ريالات من ريالات الخليفة ومات اكثر من نصف السكان في المجاعات بسبب الحروب وعزوف الناس عن الزراعة وتلقيح النخيل لأن عسكر الخليفة كانوا ينهبون الغلال والانعام وفرضت ضرائب متعددة على الجمال المراكب والبضائع بجانب العشور والزكاة الخ . وكان للسودان نظام بريدي وتلفراف ورش صيانة وانتاج مدارس صناعية وتعليم حديث وصناعة بواخر نيلية وجيش نظامي مدرب وانهى نظام الخليفة كل هذا . وانحصر التعليم في الجوامع والخلاوي وانتشرت الخرافة
الدجل والعلاج بالرقية والحجبات . وهذا ما يحدث اليوم في السودان .وبعد ذهاب الانقاذ والبشير سيعود السودان رائعا كما كان . نحن نختلف كثيرا عن الآخرين . ماحدث في تونس مصر العراق ، اليمن وليبيا ليس من المفروض ان يحدث عندنا . لقد سقطت السلطة عدة مرات وخرجنا منها ونحن اكثر خبرة وعافية .
عند هروب الخليفة وجد الانجلير 800 الف جنيها ذهبيا والكثير من العملة الفضية وغير الفضية . وهذا مبلغ ضخم وقتها . لم ينهب السودانيون ممتلكات الدولة . ولقد شاهدنا العراقيون ينهبوب كل شئ حتى اسرة المستشفى من تحت المرضي واخرجوا الاطفال الخدع من اجهزة الحضانة وما عرف عالميا ب ،، كوفيس ،، وسرقوها . نهبوا البنوك وقصور صدام وحتى المتحف القومي ورمز العزة والكرامة للشعب ، وتراث يجب ان يبقي للاجيال القادمة ....نهبوه . خارج داهوك في شمال العراق شاهدت قصرا لصدام ولم تبقى منه سوى الحيطان لقد انتزعو الشبابيك الابواب وحتى البلاط والسراميك من الحيطان .وشاهدنا في التلفاز من يرقص وهو يحمل جرارا تاريخية ضخمة لا تقدر بثمن .
في يوم المتاريس خرج الناس الى الشوارع وامتلأت بهم ولم يرجعوا الى الفجر ولم تحدث حادثة سطو او نهب . ووقف الجيش في وجه عبود وعلى رأسهم اللواء حمد النيل ضيف الله واللواء عوض عبد الرحمن صغير وآخرون . وتنازل عبود . وكان له طلبان بسيطان ، الاول ان يترك ابنه لمواصلة دراسته في لندن والثاني ايجاد منزل له للسكن ونفذ الطلبان ..... نحن لسنا مثل الآخرين . وعرض منصب رئيس الوزراء على عدة اشخاص منهم مولانا ابن بور ابيل الير ورفضه ثم العم شداد ورفضه واخيرا قبل به الاستاذ سر الختم الخليفة ..... نحن لسنا مثل الآخرين .
كان الاخ الفاتح جمعة المليجي من اهل بحري من الجموع التي داهمت صيدلية شاشاتي . لأن شاشاتي الشاب القوي قام بضرب مريض نحيف الجسم بصق داخل الصيدلية بالبونية ومات المريض قبل فترة قصير من اكتوبر . وقدم شاشاتي الى المحكمة بتهمة القتل غير العمد وحكم علية بالسجن . ولكن الناس لم تكن راضية وقد دافع عنه الاستاذ عبد الحليم الطاهر وهو بارع جدا له الرحمة . قام احد ضعفاء النفوس بفتح درج الصيدلية وأخذ بعض الجنيهات . فوجد الصفع والشتم والتقريع .... انت ما بتخجل الناس في شنو وانت بتسرق . ومزقت الجنيها والقيت في وجهه ..... نحن لسنا مثل الأخرين .
سقطت السلطة في ابريل 1985 بعد ان انحاز الجبش للشعب واتوا بسوار الذهب الذي رفض في البداية تسلم السلطة الى ان اقنعه الميرغني بأنه سيصوم تكفيرا عنه في القسم الذي اعطاه لنميري . وسوار الذهب اجبر على تقبل الرئاسة . وبعد اكتمال الفترة الزمنية ذهب هو وكل الضياط الذين اتو به الى سكناتهم او منازلهم . نحن لسنا مثل الآخرين ، وان كانت الانقاذ قد لوثت وافسدت الكثير من الشعب السوداني ولكن البقية لا يزالون وسيكونون عظيمين .
لقد استباح الانجليز مدينة امدرمان لثلاثة ايام . ولأن الانجليز كانوا يعرفون اخلاق السودانيين وكتشنر كان يتحدث باللهجة السودانية وكأنه من اهلها . وجرح في معركة التيب في شرق السودان جرحا كبيرا .ولهذا لم يتعرضوا للنساء ابدا . ويذكر بابكر بدري في تاريخ حياته أن اثنين من الجنود البريطانيين دخلوا منزلهم وبكل ادب اخذوا شمعدانين فقط كنوع من الذكرى . وتركوا كل شئ . المقدم يوسف ميخائيل القبطي والذي انضم الى المهدية مع اخوته مليكة جورجيوس ذكر في كتابه الذي حققه الدكتور ابوشوك ان بعض الجنود المصريين دخلومنزلهم في المسالمة وارادوا اخذ 6 ريالات كانت تحت وسادة مليكة الذي اشتهر بالشجاعة والبطش . ولكنهم خرجوا خائفين عندما استل مليكة ابن الابيض سكينه .
يقول بابكر بدري ...... لقد حدثت اعتيالات فردية مثل الجندي الذي قتل التاجرابراهيم تميم الاصولي واخذ شقيقته التي كانت جارية التاجر قتل عوض الكريم كانون بواسطة الميرغنية , وقتل احمد حمزة بواسطة الجعليين فهنا جائزلأنهما محكوم عليهما يالقصاص اوشبهة وقد رأينا في ثاني يوم الفتوح في طريق الهجرة جنائز مجهول اهلها ومجهول قاتليهم . وهذا يعني ان تلك احداث فردية.
بالرغم من الغضب والظلم الذي وقع على اغلب قبائل السودان ولم يسلم حتى اميرات الفور اللائي وزعن على رجال الخليفة وقتلوا رجال الشكرية ،الكبابش الشايقية الضباينة في الشرق اهل الجزيرة ، الدناقلة والحلفاويين الخ ولكن لم يتجه السودانيون الى الانتقام الاعمي ولا يزال للتعايشة حى في امدرمان يعرف بحي الامراء . ولقد ساق احمد فضيل اهل رفاعة امامه الى الشمال بعد ان اشبعهم ضربا . والسبب ان البعض قد هلل لوصول البواخر محملة بالجنود بعد سقوط امدرمان ولكن البواخر كانت في طريها لمدني ولم تتوقف . وكان احمد فضيل يخطط للانضمام الى الخليفة بعد فرارالخليفة من امدرمان . بعد ان نهب احمد فضيل كل ما قدر عليه حتى الملابس من ظهورالناس وتركهم شبه عراة . ولكن خدعه الانصاري عبد الله ابسن وهو من شهد كل معارك المهدية ومن ابكار المهديين وعرف المهدي قبل دعوته وكان المهدي يزور رفاعة مع حيرانه قبل المهدية . وكما حدث في الانقاذ همش ابكار الانصار واول المحاربين . طلب عبد الله من احمد فضيل ترك الكبار والاطفال لأنهم يسببون تأخرهم وبستلكون الماء والزاد. ثم بعد فترة طلب منه ارجاع النساء . وفي الليل عبر بالبقية النهر .
وبالرغم من كل هذا رحب الشكرية بابناء المهدي عندما اتى بهم بابكر بدري للدراسة والسكن عنده عندما كان عبد الرحمن المهدي تحت سطوة المخابرات متمثلة في سلاطين وونقيت باشا . وكان يتقاضى فقط خمسة جنيهات في الشهر ليصرفها على والدته واسرته واعطى مسكنا بالقرب من السردارية ليكون تحت المراقبة . ولا يحق له مغادرة امدرمان . وفي هذا المنزل ولد الكثير من اسرة المهدي منهم الصادق . ثم صار مدرسة المهدي الثانوية للبنات بعد انتقال عبد الرحمن المهدي لسراي الخرطوم .
الجعليون تعرضوا لمذابح المتمة بواسطة محمود ود احمد وفي الزيداب بواسطة على فرفار واضطربعض الجعليات لالقاء انفسهن في النيل لتجنب السبي
وقال شاعرهم قصيدة متداولة منها .... انحنا بناتنا تركن في المجالس سيرة .... اتفقن سوا لعبنوا موج ودميرة . وأخذ الخليفة عبد الله اثنتين من الجعليات واضافهم لعشرات النساء في حريمه وهما زينب ونخيل الجنة . وساق جيش الخليفة
الجعليين امامه الى امدرمان. وحملت الباخرة الجعليات الى امدرمان .هذا مثال لما تعرض له السودان قديما . ولكن المجتمع تعافى بسرعة وتكاتف الناس .
بعد اسابيع من معركة كرري وجد الجرحي وقد تعافى اغلبهم وهم تحت الاشجار التي كانت تغطي المنطقة بسبب الخيران . وهذا يعني ان الناس كانت تتعهد بعلاجهم واطعامهم الخ . والكارثة التي احلت بامدرمان وموت واصابة ثلث الرجال القادرين جعلت الناس تتلاحم بصورة رائعة لا تزال مؤثرة في علاقات امدرمان القديمة . وعمل النساء في نقل الحجارة والطوب عندما بدأت الحكومة الجديدة في البناء والتعمير بسرعة مستفيدين من الاموال التي تركها الخليفة .
قد يقول البعض ان كل ما حدث من تطور ونظام فريد في السودان من خدمة مدنية رائعة ، نظام قضائي عادل تعليم مجاني استفادت منه كل المنطقة ، علاج و مستشفيات مجانية ، مواصلات دقيقة في يد الدولة الخ كانت بسبب الانجليز فقط . ويكون السؤال لماذا لم يحدث هذا في الدول الاخرى التي كانت تحت السيطرة البريطانية ؟ والجواب هو ان السودانيين بشهادة البريطانيين والعالم كانوا مختلفين . كانوا امناء متجردين يملأهم الشعور بالفخر والاباء . زعمائهم وشيوخهم كانوا قدوة جيدة ، كما ان تدينهم كان بسيطا بعيدا عن الغلو والتشنج ولم يعرفوا التكفير والاقصاء .
في بريطانيا وفي بداية القرن السادس عشر صارت الكنيسة الكاثوليكية تسيطر على حياة الناس وانتشرا الاديرة في كل البلاد وعم الهوس الديني . وفكرة الاديرةزالرهبان اتت من مصر المسيحية عندما كان الرهبان ينعزلون في الصحراء ولا يهتمون بملذات الدنيا ويتعبدون ويتفرغون للدراسة والتفكير . وفي البداية كانت الاديرة في بريطانيا تمارس الانعزال ،، سكلوشن ،، والحرمان دبريفييشن كما كانت فكرة الاديرة في البداية ، تغيرت الى الترف وتكدبيس المال وامتلاك الأراضي والمباني الفاخرة . وبينما الشعب يجد الكبت وتفتك به الامراض ويموت الناس من الجوع كان الراهب يزود برطل من اللحم ،خمسة بيضات ،خبز ضخم وثمانية اكواب كبيرة من الجعة والحلويات والفاكهة يوميا . صار من غير المعقول مشاهدة راهب نحيف .كانوا جميعا مثل الكيزان اليوم . ولمئات السنين كانت الكنيسة تشجع الناس الى الحج الى الكاتدراليات الضخمة مثل كاتدرائية كانتربري في جنوب شرق انجلترة . والبعض يذهب حاجا الى بيت روما وبيت المقدس . والطرق في بريطانيا كانت مهيأة بالنزل والمتاجر ومواخير الدعارة طيلة الطريق وكل هذا في يد الكنيسة والرهبان ، الذين اغتنوأ.
من اسوأ الاشياء كان استغلال الصبية بواسطة الرهبان والقسسة . وعند ما حاربت حكومة الملك هنري الثامن الاديرة وخربتها كان لاحد الرهبان عشرة من الصبية الذين يستغلهم جنسيا , بل ان بعض الراهبات قد حملن . حرمان الرهبان والراهبات من الزواج جعل الشذوذ الجنسي متفشيا . وتشتهر بريطانيا يالشذوذ الجنسي مثل ايطاليا والدول الكاثوليكية . في بداية حكومة توني بلير 1997 اعترف سبعة من الوزراء بانهم مثليين . وبعد فترة انضم اليهم ثامن من ما جعله موضع سخرية من المثليين . واليوم يلاحظ الانسان في جنوب اوربا وشرق اوربا التخلف مقارنة بشمال اوربا التي تحررت من سطوة الكتيسة .
بعد ان ثار الملك هنري الثامن على البابا وقام بفصل الكنيسة البريطانية عن الفاتيكان والبابا . والحقيقة ان السيد المسيح عليه السلام لم يدعوللرهبانية البابوية او وجود الكرادنة والاساقفة . والاسلام لا يقبل بالرهبانية والملابس الخاصة لمن عرفوا برجال الدين والتكسب من الدين والتدين . والطائفية وما تقوم به الانقاذ لا دخل له بالدين الاسلامي .
توحد القسسة والرهبان وكونوا جيشا عظيما بلغ عدد 30 الف مقاتل ضد الملك هنري الثامن ، وهذا عدد خرافي غير مسبوق . فلقد كان عند الرهبان والقسسة اموالا طائلة سمحت لهم يشراء الناس مثل الكيزان اليوم . ولم يكن في امكان الملك هنري قتالهم بدون خسائر فادحة . ولكن وزيره توماس كرومويل استطاع بالحيلة واطالة المفاوضات من احداث شرخ في اتحادهم الذي لم يكن له صلة بالدين والاله ، بل كان الامر مصالح مادية . وهذا ما يحدث اليوم وسط الكيزان . واستطاع كرومويل من هزيمة الحجاج او البلقريمتز . وهدمت مئات الاديرة . واستولت الدولة على اموالها وبيعت حتى قطع الاثاث والمعدات قطعة قطعة . واستغل المال في التعليم وكان بداية الجامعات العريقة مثل اكسفور وكيمبريدج . وتحولت الحكومة الى البروتستانية بعيدا من سيطرة البابا والكنيسة الكاثوليكية . وتعافي الاقتصاد البريطاني لحد كبير وكانت بداية انطلاق الامبراطورية التي لاتغرب عنها الشمس .الفهم الخطأ للدين قد يكون عاملا مهما جدا في التخلف ، فلننظر حولنا ولأنفسنا . ولقد حاربت الكنيسة العلماء واحرقتهم او استتابتهم مثل قاليلو . ولكن حركة مارتن لوثر الاصلاحية التي بدأت في المانيا ، حلت وثاق الاوربيين وسادوا العالم .
لم تتوقف القوة الرجعية والكنيسة من محاربة النظام البريطاني الجديد . وبعد موت الملك هنري الذي لم يخلف ابنا ليرث عرشه . وكان هذا سببا في طلاقه واعدام بعض زوجاته الخ .اعتلت ابنته اليزابيث العرش . وقام البابا باباحة دمها للحد من استقلال المجددين والمتمردين على تخلف الكنيسة . وتعرضت الملكة اليزابيث لاربعين محاولة اغتيال , احدها بواسطة ابن خال الملكة ديوك اوف نورفولك .
من ساعد الملكة في النجاة من كل المخاطر ومحاولات الاغتيال كان ابن الشعب سيسيل ، الذي اتاح له التعليم في جامعة كيمبريدج واتقن 5 لغات الوصول الى درجة وزير البلاط ، ثم صار لورد بيرقلى . كان يعرف ان الاصلاحات قد اعطته والكثيرين المقدرة للوصول الى الجامعة والسلطة . كون سيسل قوة ضخمة من الجواسيس وبمساعدة بروفسيرات كيمبريدج المتخصصون في الحساب استطاع كسر شفرة المتأمرين . وانتهى الامر باعدام ابن خال الملكة بعد كشف خطاباته لعملاء البابا والنتآمرين . قتل بالرغم من توسله .
اتجهت الكنيسة والبابا للتعاون مع ماريا ملكة اسكوتلندة واخت اليزابيث غير الشقيقة . واوقع سيسيل بالنبيل الثري بابنتون الذي كان يخطط لقتل الملكة اليزابيث مع ستة من النبلاء . وكانوا يخططون لتخليص الملكة ماريا من سجنها واغتيال اليزابيث ووضع ماريا الكاثوليكية مكانها . وكان سيسيل قد استطاع ان يشوه سمعة ماريا عن طريق الاعلام . وكانت المنشورات المطبوعة التي تكلمت عن عشاق ماريا وسوقيتها وتصرفاتها السطحية ، على عكس اليزابيث التي رفضت الزواج وعاشت كعذراء متزوجة من بريطانيا ومضحية بكل شئ . وساعدت منشورات سيسيل في خلق اسطورة ضخمة حول الملة . وانتشرت رسواتها في كل مكان . وهنا تظهر قوة الاعلام الذي استغله سيسيل عند توفر المطابع .
واستطاع سيسيل ان يقبض على رسالة من الملكة ماريا الى النبلاء توافق على اغتيال اليزابيث . وتم فك الشفرة بواسطة بروفسر في الحساب . وكان هذا في 1587 . ولم تستطع الملكة اليزابيث من اصدار حكما بقتل اختها . ولكن سيسيل الذي كان يعرف ان عدم قتل ماريا سيجعل البابا يواصل مؤامراته ، وقتل ماريا سيرسل رسالة لجميع النبلاء . تم قتل ماريا وقطع رأسها وعندما اراد الجلاد رفع راسها كالعادة تدحرج الرأس لانها كانت ترتدي باروكة . وصارت الرسالة اكبر . فليس كل يوم تتدحرج رؤوس الملوك والملكات .
عندما علمت اليزابيث باعدام اختها التي اتت مرتدية اللون الاحمر رمز الشهداء الكاثوليك . صدمت الملكة اليزابيث وسقطت على ركبتيها وانشبت اسناها في البساط . ولكن اعطى هذا بريطانيا الفرصة لكي تحكم العالم . الانفصال عن الكنبسة الكاثوليكية وتسلط الكنيسةاعطى فرصة لبريطانيا للانطلاق . فبعد هزيمة الارمادا الاسطول الاسباني القوي ، صارت بريطانيا التي احتلها الرومان ثم الاسكندنافيون والنورمانديون دولة عظيمة . وكان احتلال امريكا كندا استراليا نيوزيلندة وبقية المستعمرات والمحميات الخ . واليوم 90 % من الابحاث العلمية تحدث باللغة الانجليزية . والشكر يعود لرجال مثل كرومويل سيسل الاب وابنه ووبرت سيسيل الذي تدرب على يد والده وكان اطول باعا واقدر على التجسس والفتك . ولكن يبقى السبب هو الانطلاق من قبضة رجال الدين الذين يستغلون الدين للنهب والسيطرة على الدولة والافراد لمصالحهم الخاصة . ولهذا نقول اننا لا نريد فصل الدين عن الدولة لأن الدولة تشمل الحكومة المدارس الزراعة الصناعة التعدين المواصلات الجوامع الكنائس الجامعات الرياضة وكل شئ . ولكن نريد فصل الدين عن الحكومة . ونمنع استغلال الدين في التحكم على مصير البلاد والعباد . والكيزان رضيوا ام رفضوا فهم اقلية . وليس هنالك من يستطيع ان يثبت .... ان طريقتنا الصوفية ، الطائفية الوهابية هى الصحيحة ويكفر الآخرين . نريد تدينا يجمع الجميع ولا يفرق بين مسيحي مسلم او من له كريم معتقدات. نريد سودانا يسع الجميع . وسننطلق ونكون كما قال سكرتير الامم المتحدة السويدي داق همرشولد عندما زار السودان في نهاية الخمسينات وشاهد الطائرات القطارات والنقل النهري تسير بدقة متناهية .والهوتيلات المدارس الجامعة الخدمة المدنية المستشفيات الشوارع النظيفة مشروع الجزيرة الميناء المنظم والسوداني السعيد الذي يمتلئ بالوطنية الاعتداد والثقة بالنفس
لقد قال داق همرشولد . ... ان السودانيين هم القاطرة التي ستدفع بتقدم افريقيا . كما قال كارل بيلد رئيس الوزراء السويدي في الثمانينات . ان السويد كانت فقيرة لدرجة ان مرتب العامل في السويد في الستينات كان اقل من مرتب العامل في كثير من الدول وذكر السودان .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.