عقابيل خريف 2016, مدخل حلة كوكو في طريق الإياب من الخرطوم إلى الحاج يوسف , حركة السيارات والمركبات أبطأ من يوم الإعتقال الرتيب , فجأة ما بين الأرتال الزاحفة ( انزغمت) ركشة أمام الحافلة التي كنت أحد ضحايا جوّها الخانق , كأنّما هبت نسمة صباحية على جروف عطشانة , أو كأنّما لاح فجر الخلاص بعد عتمة الليل البهيم , كأنّما وكأنّما .. مما سرى في الوجدان لحظتئذ . يا مطر عزّ الحريق .. كانت الكلمات مخطوطة برسم بديع , ها مصطفى سيدأحمد قد ظللنا إذا يا صاح فلا وجل , وليدم للشارع زحفه , أو قل (غباره )؛ كما في وصف أزهري محمد علي البديع , وأنا أستدرجه لبوح أستمد منه جسارة جديدة لنقاش مشروع مصطفى الثقافي الفني الإنساني , قال أزهري :نستحضر المشروع الثقافي والتنويري العظيم الذي أنتجه مصطفى وما يزال بيننا بكل أيقوناته وملهماته ومحفزاته , والتي تتمثل ضمن أخريات في أحواله في الصدق العالي وإلتحامه بحركة (الغبار ) , ثمّ واصلت الركشة تموجّها وسط الطوابير , وفي خاطري أصداء يا مطر عز الحريق , أتمتم ب( يا مصابيح الطريق يا المراكبيه البتجبد من فك الموج الغريق )كان قائدها شابا عشرينيا , وصلت الرسالة إذا وأختار نحت بعض أقوال مصطفى على وسيلة رزقه الحلال . لم نغادر ذاك الزحف العظيم حتى اتخذت عربة أمجاد مكانها (سربا) بالضبط أمام حافلتنا , يا ألطاف الله بعبدك المكدود , الحزن النبيل , هكذا خطّت ريشة خطاط على قفا أمجاد , مصطفى في موسم الحزن النبيل , والله العظيم لا أتخيّل لكنني أسجل ما حدث في عصرية واحدة بدأت أتصيّد كل سيارة تعبر أمامنا لأقرأ المكتوب , من عجب أطلّت حافلة أخرى , وكانت كلمات مصطفى حضور , أهي الصدفة أن يكتب الكاتب والله نحن مع الطيور .. ثمّ نزلت في المحطة لأستقلّ سيارة أخرى إلى حيث أقطن في نواحي شرق النيل , عند نقطة تقاطع في محطة شهيرة يقال لها 13ألجمتني الدهشة هذه المرّة ولذتُ بالصمت , على باب شاحنة ضخمة , صورة مطبوعة ل(مصطفى) بدون تعليق , طفقت في بقية مشواري القصير ذاك أتأمل في أحوال الناس أولئك الذين اختاروا مقاطع ورسم مصطفى !! من لدن أزهري كانت الإجابة , نحن بنشوف أبناء هذا الجيل الذين غنى لهم مصطفى وهم في رحم الغيب , نحن سجّلنا التآلف في انفعالات الأجنة ثمّ احتوانا البحر والمد اليقاوم والشراع .. غنّى لهم شفّع العرب الفتارى البفنو الشايلة ايدم واجرو ساكين القُطارة , والأطفال يا فاطنة بغنو الأفراح لابد من ترجع , ويا مشرع الحلم الفسيح . هاهي الشوارع الآن في هذه الأيام المجيدة من تاريخ شعبنا تفيض بهم بكل هذه البسالة والجسارة والشجاعة لإقتلاع هذا النظام اللئيم الذي مارس التحطيم لثلاثة عقود , ها هم أبناء السودان الذين غنى مصطفى عذاباتهم , آمالهم وحقّهم في العيش الكريم , يملأون الشوارع والممرات الضيقة في بطولة نادرة , حيثما أرادهم مصطفى وألهمهم هذا الصمود الإسطوري , وهو الذي وقف وقفته الباسلة في حياته القصيرة المثمرة ضد القهر والقمع والخنوع . مصطفى حضور بيننا رغم 23سنة من الرحيل إلى برزخه الرحيب , أثمر مشروعه وعيا واستنارة , وجاءت أغنياته فنارات في الموانئ القصية , من أقاصى نواحي القلب , وبشاراته الساطعة , ده القبيل راجينو نحنا يوم تبشّر بيهو غيمة , الفرح يملأ المدينة والبلودات الحزينة , أو كما قال يحي فضل الله , والسمحة وسمرية , لفتاتا غزالة .. من فرحي البي قلعت الخوف وكستني بسالة قت ليها النيّة لمتين نتلم والحال بطالة , قالت لي غنيّة وإنت معاي .. ووسط هدير المدن التصحى وتمحى ضلام الحاصل عنّي .. يا مصطفى في حضورك الباذخ , نم بسلام هناك , سلّم علي كلّ المعاك , محجوب وحميد وردي والعميري بهنس ومجدي النور و و و رهط من اناروا الدروب , ومن ساروا عليها والقادمين .. سلّم علي محفل الأنبياء والصالحين من درب رام الله أو من جبل الزيتون فإنّهم يأتون , من لفة الكلاكلة وملحمة أم در وصمود بحري وأساطير الحاج يوسف وشوارع القضارف وفي عطبرة العمال القماري قوقن يا يمّة , يا مصطفى سلام في الخالدين . , وأنا بيك ماليني الكلام !! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.