الاستاذ عبد العزيز البنجاوي زهرة ذوت في اكمتها وودعت بستانها وحده الموت يعرف من يخطفه من بين أيدينا وحقا كل أناس تدخل بينهم دوهية تصفر منها الأنامل. فقد هزم موته أسمارنا وقصفت منيته منتجع افكارنا ورمت بمنجيق الحزن ارضنا ودارنا انه زوج الاستاذة روضة البتول من ارومة كريمة الأصول حفيدة سيد المتادبة وصاحب الريشة الحذاق ادم عيسي اسحق انهم ذرية بعضهم من بعض . عبد العزيز ذبحتني التفاصيل وقتلتني عبارات نعيك وانا هنا في منفاي انازل وأقاوم بوابات الشيخوخة رغم ولوج قدمي اليمني فيها الا ان اليسري مازالت تتابي ان تلحق بيمناها ( خمسون قصرت المدي وتركنني امش الهوينة ضالعا متعثرا ) الان حقا مات منانا تبت يدانا تبت يدانا قد صفرت اكفنا من احد احبابنا واربابنا الذين عاشوا حياة باذخة ملؤا الدنيا بإنجازات ثرة وفضائل أعمال غرة الأستاذ عبد العزيز طوت روحة المسافات وعادت لتستقر في تراب حي اولاد الريف التي احبها. لست ادري باي المفردات ابكيك بعد ان سقطت من ذاكرتي حروف التأسي وجمل الحوقلة والاسترجاع كنت اتساءل لماذا يختار الموت افضل من فينا ؟ ولكنني وجدت الإجابة مؤخراً في كلمة احدهم ، لانهم نجحوا في الامتحان وانجزوا مشروعاتهم فآثروا الانسحاب لإفساح المكان لآخرين ، فلا داعي لوجودهم .من سيدفن من ؟ لا احد يدري ولكن المؤكد ان كل ابني انثي وان طالت سلامته إلخ ....؟ لقد كان عليه الرحمة احد اعلام الاستنارة بدارفور فمنذ تخرجة من معهد الدلنج في ستينات القرن الماضي وانطلق في ربوع دارفور ينشر العلم والنور فله فكل ي بيت صورة وفي كل فريق حرف وفي كل شجرة لوح وقلم وفي كل حائط نقش ووشم ،البنجاوي لم يكن معلما عاديا فقد كان فنانا متعدد الوجوه والمواهب تشكيليا انتج ورسم اجمل لوحات العمر في دارفور شارك بها في المحافل السودانية المختلفة أما الجانب الآخر من فنه فقد وهبه للخط العربي وهو في هذا المجال لا يباري ولا يجاري فهو شيخ الوراقين في دارفور كتب معظم عناوين واسماء مؤسساتها بمختلف أنواع الخطوط من نسخ ورقعة وخط فارسي وكوفي . في اوخر الستينات من القرن الماضي وضمن زياراتنا للمؤسسات الحكومية في امكدادة قمنا بزيارة الي مستشفاها التي افتتحت حديثا وهي من ارفع طراز المستشفيات في ذلك الزمان فقد كنا فرحين بمشاهداتنا لأحواض الرخام والمواسير والحنفيات والحدائق الجميلة فكان اكثر ما راقني وشد بصري هو العنوان الكبير المثبت علي بوابة المستشفي ( مستشفي امكدادة الملكي ) وتحت العنوان امضاء باسم البنجاوي فكنا ونحن في تلك السن الباكرة مصابون بفضول جم لمعرفة كل شئ فدخلنا مكتب مدير المستشفي والتي كان يومها الدكتور محمد ادم عثمان حمزة فقدم لنا بعض الحلوي لزوم الضيافة والكرم وفتح باب الأسئلة للذين يريدون معرفة المزيد من هذه الزيارة وبكل جراءة رفعت يدي وسالته عن معني كلمة البنجاوي المكتوبة تحت العناوين فأخبرنا. بانها اسم الخطاط الذي كتب اللوحات وهو معلم بالفاشر ومن يومها نشأت بيني والأستاذ البنجاوي علاقة خاصة امتدت عشرات السنين كانت خطوطه منتشرة في معظم مؤسسات دارفور درس البنجاوي الفنون التشكيلية بكلية الفنون الجميلة وهو من اسرة معظمها سلكت طريق الفنون وأصبحت من اشهر الأسر الفنية في السودان ودونكم الاستاذة ميمونة النجاوي صاحبة اكبر معرض للثياب السودانية بدبي . ضمن حواراتي الإذاعية معه في الفاشر وتجربته مع الفنون ذكر لي انه تعلم من خاله الفنان التشكيلي الكبير الأستاذ ادم عيسي اسحق وهو من مؤسسي دار النشر التربوي ومجلة الصبيان مع شرحبيل احمد وهو الذي رسم جميع صور كتب المطالعة الأولية . عمل الفقيد عميد لمعهد تربية الفاشر وأسس مريح المعهد الحديث وفي عهده حقق المعهد إنجازات أكاديمية وثقافية ورياضية علي مستوي المعاهد السودانية . ذكر لي البنجاوي انه تاثر بخلوة والده الشيخ عبد الله البنجاوي التي أسست عام 1924 بحي اولاد الريف والتي مازالت محتفظة بنورها فقد تعلم فيها كتابة الخط وعرف قيمة اقلام البوص والدثر والألواح والمدواة وكيفية رسم الزخارف (الشرافة ) من اعظم إنجازات البنجاوي والتي ستصبح صدقة جارية هو كتابته للمصحف الشريف بيده مرات ومرات وكتب العديد من اللوحات القرانية التي تزدان بها معظم بيوت أصدقائه وأحبائه . عند افتتاح مركز المجمع الثقافي بالفاشر في العام 1975 تم انتخابه أميناً عاما للمجلس الاعلي لرعاية الآداب والفنون لدورتين وهو الذي احضر كبار الفنانين السودانين الي الفاشر من بينهم وردي وعثمان حسين وابن البادية وابراهيم عوض وهو الذي قدم الفنان عبد الحميد الشنقيطي الي الإذاعة السودانية كان البنجاوي فنانا وعازفا موسيقيا متعدد المواهب فهو من الآباء المؤسسين لفرقة فنون دارفور ونال شرف قيادتها اكثر من أربعة دورات وقاد الفرقة لزيارات فنية الي تشاد وأفريقيا الوسطي ومعظم مدن السودان المختلفة أما فرقة الفنون الشعبية في دارفور فهو الذي أسسها واشرف عليها بنفسة وكان يسافر من ماله الخاص لاستجلاب المبدعين والفنانين الشعبين والشعراء وأصحاب الهواتف البيئية بل يستضيفهم في بيته . البنجاوي عليه الرحمة كان كثير النشاط والحركة لايخلو اسمه من اي لجنه احتفال في دافور منذ أواخر خمسينات القرن الماضي ان لم يكن رئيسا لها فهو نائبها او سكرتيرها لم يتخلف يوما في اي عمل وطني كان رحمه الله خلوقا لين الاريكة يألف ويؤلف لم يسمع عنه يوما انه اختلف مع احد او سب احد أوشتمه كان دائم البسمة وضاح المحيا أنيقاً في مظهره وملبسه. انني الان انعاك وقلوب أحبابك وأصدقائك منفطرة من شدة الحزن ولن تجدي بكاء عيوننا والحزن عبرات وفي القلب سلوي . نم الان أيها الطاهر المطهر تحرسك ألواح القران التي نسختها بريشتك الفنانة وأي فخر لرجل كتب قران الوحي بيده صنعةً وتدبيرا عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.