ثلاثون عاما شاهدعلي العصر في بلاط صاحبة الجلالة، ودعاني بعض الناشطين الي نشر مقالاتي بالصحافة الورقية بالاضافة الي الراكوبة وسودانايل وصفحتي الشخصية، ولم أجد استجابة من عثمان ميرغني في التيار وأشرف عبد العزيز في الجريدة واكتشفت أنني شخص غير مرغوب فيه، وفي الأضواء كانوا يحملون فيصل محمد صالح رئيس التحرير وشخصي الضعيف مسئولية حرمان الأضواء من الاعلانات، ولم أكن ألومهم في ذلك فليس للصحفي مهنة يعتاش منها سوى الصحافة والأمن الوظيفي قضية محورية، وكان الكيزان ولا يزالون وحتي هذه اللحظة يتحكمون في كل الدوائر المالية والاقتصادية وينصبون شباكهم لكل جنيه طائر في سماء السودان، ومن أهم وسائل السيطرة والتحكم في حرية الصحافة وتدفق المعلومات واجبار الصحف غير المرغوب فيها علي الافلاس والتوقف عن الصدور الرسوم الجمركية علي وسائط الانتاج الصحفي والتحكم في توزيع الاعلانات التجارية والحكومية والمصادرة وأحكام الايقاف لمدة أسبوع أو أكثر أو أقل وانقطاع التيار الكهربائي بعد أربعين عاما من الكهربا جات أملوا الباقات هسع تقطع، ويساوى ثمن الجريدة الآن ثمن 15 رغيفة بعد أن كان يساوى ثمن رغيفة واحدة فقط لاغير، وتنقص مكتبتي مرجعا هاما ثمنه في الدار السودانية للكتب خمسة ألف جنيه، وأذكر أن أجراس الحرية كانت تعاني من عجز مالي وتراكم مستحقات العاملين ولي في ذمتها مرتب ستة أشهر، لكن أجراس الحرية كانت مطالبة بضريبة أرباح الأعمال التجارية وقدرها 15 مليون جنيه سنويا. عندما يتعرض عقل الانسان للغسيل لا يعود الي طبيعته البشرية، وقال الطيب صالح من أين جاء هؤلاء وأجاب المحبوب عبد السلام أنهم خرجوا من عباءة الترابي وكانت عباءة الترابي معملا لغسيل الأدمغة، ويحاول صبية الترابي الذين شبوا وشابوا بعقولهم الصبيانية استهبال الشعب السوداني وتبرير ما لا يمكن تبريره بالفبركات الاعلامية والتشويش والتغبيش والأكاذيب والمسرحيات المكشوفة ويفترضون في الناس الغباء وضعف الذاكرة، والناس يعرفون بالضرورة ان تقييد حرية الصحافة وتدفق المعلومات للتستر علي عورات أهل السلطة، وكان في مصر في عهد الملكية قانون باسم العيب في الذات الملكية وألغي القانون في عهد عبد الناصر وأعيد انتاجه في السودان باسم العيب في الذات البشيرية، ولم يفهم صبية الترابي الذين كانوا ولا يزالون وحتي هذه اللحظة يتحكمون في مصائرنا ومقدراتنا ان السودانيين يسخرون من ذلك بفيلاية السلطان ونعامة المك وأم السلطان العزباء والبغلة والابريق، وعندما اتهم مجلسهم العسكرى بتعطيل قطارات السكة حديد لم يفهموا ان الناس سيتساءلون أين هي السكة حديد التي كانوا يضبطون ساعاتهم علي مواعيد قطاراتها، ومن أغانيهم قطار الشوق والقطار الشالك انت يتكسر حتة حتة، ووابور الترك كل يوم أشوف دخانا تهرس في القضيب لامن يطقطق زانا، ومن الكاب ركبنا العجلو رنا يا ناس نحن فارقنا البنات وفارقنا أهلنا، كحيلة محيسا يا دوب اسهلنا، مارين وفي أبحمد شايع خبرنا، من أبحمد زود لو الفحم قام عطشقي من الحرارة عليه شفاق انصلب فوق الشريط ناظر الشريك حام، العبيدية ما بيقيف ياخد خبارا طب بربر في ايدى ما كملت سجارة، وكانت السكة حديد من أقدم خطوط السكة حديد في أفريقيا بعد مصر وجنوب أفريقيا، وسجم السكة حديد، ومن حماقاتهم الصبيانية دعوة زعماء القبائل للتوسط بينهم وبين المعتصمين أمام القيادة العامة ولم يفهموا ان ذلك محاولة مكشوفة لتسييس القبائل التي تحولت في في نظامهم الي أوعية سياسية وان الشعوب السودانية توحدت في الشارع السياسي وأمام القيادة العامة تحت شعار يا عنصرى يا مغرور كل البلد دارفور ولا عرب وعروبة نعيش بسلام في جبال النوبة، وكنا نتهم الكيزان بتشجيع الهجرة من الريف الي المدينة لترييف المدن في مواجهة الاعراض والنفور من جانب المجتمعات الحضرية والمظاهرات واحراق الاطارات، لكن معظم المعتصمين أمام القيادة العامة من أولاد المهاجرين من الريف الي المدينة، ويعول الكيزان ومجلسهم الانتقالي علي انهاك المعتصمين في رمضان لكن أولادنا كانوا ولا يزالون في مستوى التحدى وقد فازوا باعجاب واحترام العالم كله، والباشا الغشيم قول لي جدادك كر جنياتنا العزاز الليلة تتنتر، وأجيال نشأ وترعرعت في ثلاثين عاما من القهر استعادت للشعوب السودانية دورها التاريخي معلما للشعوب المقهورة وحققت للمرة الثانية معجزة كبرى، والشعوب الأكثر تعددا أكثر وعيا بحكم واقعها التعددى، وكانت المعجزة الأولي كسر حاجز اللغة في زمن وجيز بحساب التاريخ، فقد أصبحت العربية لغة الحياة اليومية من حلفا الي جوبا وكانت تتمدد شرقا وغربا وجنوبا عن طريق التداخلات القبلية، وخير دليل علي جهل ورعونة صبية الترابي أنهم بدأوا بتطبيق المادة 130 من قانون الصحة العامة في مصادرة وتعطيل الصحف ولا رابطة سوى كلمة المصادرة، ويستطيع مفتش الصحة مصادرة الطعام المعروض للبيع ولا يتعدى ذلك الي اغلاق المطعم الا ذا رأت المحكمة ان البيئة المكانية غير صالحة لانتاج وبيع الطعام، وتعلمت القرود من التجربة والخطأ ان الثمرة الخضراء مرة والثمرة الصفراء حلوة ويتعلم الطفل الرضيع ان الجمرة محرقة والتمرة حلوة لكن الكيزان لا يتعلمون لأن عقولهم لا تعمل الا في اتجاه واحد، وهكذا الحركات العنصرية في كل زمان ومكان لأن العقل الفاشي لا يستطيع التفكير الا في اتجاه واحد كالقطار لا ستطيع السير خارج القضيب والثور لا يستطيع أن يرى من الألوان الا الأبيض والأسود، فكانوا ولا يزالون كالثور في مستودع الخزف والديك في عنقريب العدة. بعد أن أحكم قبضته علي السلطة قال الترابي ان الحصة بعد الآن وطن وليس للمكاسب الحزبية الضيقة، لكن رئيس تحريررأى الشعب لسان حال الكيزان منع نشر مقالتي بتهمة الانتماء الي جماعة محمود محمد طه، وأنا متهم أيضا بالانتماء الي الحزب الشيوعي، وهذا شرف لا أدعيه في الحالتين، وأذكر أن صديقا انقاذيا احتجني بقول جرير أقلي اللوم عاذل والعتابا وقولي ان أصبت لقد أصابا، لكنني مواطن سوداني يرى وطنه يتمزق ولا أستطيع أن أكون محايدا، وأنا كاتب صحفي أدور مع الأحداث في مداراتها للحكم علي القوى التي تصنع الأحداث ولا استطع أن أسجن عقلي في حزب سياسي أو منظمة من منظمات المجتمع المدني ولي كل الخيارات أمام صندوق الاقتراع، واستجابة لطلب بعض الناشطين بنشر مقالاتي بالصحافة الورقية لم أجد تلفون هيئة التحرير والبريد الأليكتروني بجريد الميدان ويفهم من ذلك ان الميدان لا ترغب في التواصل مع قراء الميدان، استعنت بالزميل قرشي عوض وتوصلت الي تلفون ايمان عثمان رئيس التحريرواتفقت معهاعلي ارسال مقالاتي علي بريدها الأليكتروني، ووصلتني منها رسالة ببريدها الأليكتروني، لكن قوقل اعتذرت بوجود خطأ، فاتصلت بها تلفونيا لكنها ردت في عصبية واستعلاء احتجاجا علي ازعاجها وقالت هذا هو عنواني وليس لي عنوانا وغيره، ولم أكن أعلم بطبيعة الحال في تلك اللحظة أين هي في المكتب أو في الطريق الي الكتب وهل هي مثلي ن عباد الله الكادحين في المواصلات العامة أو من ملوك شارع الزلط، وكثير من الناس الطيبين يجنبون سياراتهم للرد علي الموبايل، وأذكر أن رئيسة التحريرالسابقة مديحة عبدالله رفضت نشر مقالاتي حول جريمة تهجير المتأثرين بخزان الحمداب من شاطئي النيل الي الصحراء بدون مبرر لوجود ما يكفي ويزيد من الأراضي حول البحيرة، وادعت مديحة ان القضية نزاع قبلي، ورفضت الاستماع لتوضيحاتي بأن ذلك ادعاء تروج له ادارة السدود لتحييد الأحزاب السياسية وشنآن قوم، وان الخزان كارثة بيئية وانسانية حلت بالناس جنوب وشمال الخزان، فقد تحول النيل خلف الخزان الي خور وتضاعفت تكاليف الرى الصناعي وأصبح بركاوى الشمالية كرموشا بسبب العطش، وواى أنا الفي الفريق ساعيلي كرموش، ولم تتفضل بدعوتي الي الجلوس فقد كنت أقف أمامها كالتلميذ أمام المعلم، وكانت مديحة عبد الله رئيس التحرير الآمر الناهي، وربما تنقل المرأة المتسلطة في مثل هذه الحالات الصراع حول السلطة الأبوية وتحدى جنس الرجال من البيت الي موقع العمل، وأذكر أن الدكتور محمد جلال هاشم قال ان المجتمع الذكورى لعبة اخترعتها النساء لاستغلال الرجال، لكن كلامه كان مداعبة يقصد بها الدكتورة ناهد محمد الحسن ورشا عوض في أجراس الحرية، لكنني تعلمت من ربع قرن في الخدمة المدنية ان الغطرسة والصلف والاستبداد والتعسف الادارى للتعويض عن ضعف القدرات المهنية والادارية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.