——————————- من النتائج الهامة للثورة الجارية في بلادنا أنها وحدت السودانيين وحدةً عمليةً ووجدانيةً باهرة وواسعة ، ولأول مرة في تاريخهم بهذا الحجم ، في الجسم المسمي ب "قوى الحرية والتغيير" ، فهو يضم أحزاب المعارضة الموزعة علي تنظيمات : نداء السودان ، الإجماع الوطني ، التجمع الاتحادي ، وتنظيمات نقابية ومدنية وصوفية عديدة .. شبابنا ، في إطار هذه الوحدة العجيبة ، يطيع خطط وتوجيهات قوى الحرية والتغيير طاعة مبدعة وخلاقة ، ولكنها ليست عمياء علي أي حال .. ليست عمياء ، فهذا الجيل نشأ في ظل أضخم ثورة علمية في التاريخ البشري ؛ ثورة المعلومات والإتصالات ، رأي من خلالها العالم الملون الزاهي ، رأي الشعوب تحرس حرياتها العامة وتنعم تحت ظلالها بالعدل والمساواة ، رأي أقرانه ينعمون بالصحة تضج في وجوههم وبالحرية تزين اختياراتهم ورؤاهم ، وهو يقارن ذلك بواقع البؤس والفقر الروحي والاجتماعي والمعنوي الذي يكابده تحت سياط البطش والاستبداد .. معطيات العصر وثماره ألتي ملأت الأجيال الشابة وعياً وجعلتها تعقد المقارنات بين واقعها وواقع الآخرين ، ملأتهم كذلك عزماً من نوع آخر ، عزم يقول أن "الإنقاذ" عمقت أزمتنا الوطنية حتى النهاية ولكنها ليست هي فقط الأزمة ، هي من نتائج الأزمة ، وبالتالي فإن إسقاط "الإنقاذ" هو المدخل لمواجهة أزمتنا الوطنية في جذورها المفاهيمية والدستورية و .. و .. إلي آخر وجوهها ، فوجدت ضالتها في "قوي الحرية والتغيير" وإعلانها المجيد ، ومن هنا كان الالتفاف الشعبي الواسع وكانت الطاعة الواعية المبصرة الدقيقة للتوجيهات وبرامج الفعل الثورى التي تصدر عن هذا التنظيم الجبهوي المبدع ، إذ أن الإعلان بالفعل برنامج العمل الوطني المطلوب للبدء في مواجهة الأزمة الوطنية الشاملة .. فخرج الشباب في كل قرية ومدينة في البلاد مستهدياً بالبروق الساحرة ، بروق الحلم الذي اختزنه من تلك المقارنات وكأنهم إجتمعوا وأدوا قسماً مغلظاً أن يصححوا أخطاء آبائهم وأجدادهم ويبنوا وطنهم كما الآخرين ، خرجوا "ريحاً صرصراً" أرعب الدكتاتور الموهوم وحلفاءه من الانتهازيين واللصوص ، كما أرعب جنرالاته في كل القوات النظامية فأجبروا فرعونهم علي التنحي امتصاصاً لغضب الثوار تحت مسمى الانحياز .. نعم ، أعلن قائد (الدعم السريع) وقيادات القوات المسلحة الانحياز للشعب ، ولكنهم كانوا قد أضمروا تنفيذ مهمتهم في إعادة بعث "الإنقاذ" بصيغ ووجوه جديدة فكانت المماطلة والباطنية والتقية هي مسلكهم في التعاطي مع قوى الحرية والتغيير .. الذي حدث حتى الآن هو أن "الإنقاذ" قد سقطت ولكن في صفحتها الأولي فقط ، إذ ظهرت صفحتيها الثانية والثالثة ؛ اللجنة الأمنية "لإنقاذ البشير" تحت اسم المجلس العسكري الذي صعد فوق أكتاف الثورة وتضحيات الشعب السخية فارضاً نفسه حاكماً وحكماً وتحت شعار الانحياز ؛ انحزنا لثورة الشعب ، وبالتالي لسنا مجرد شركاء بل نحن سلطة انتقالية !! هكذا بكل بساطة ويسر .. لست من القائلين بخطأ الدخول في مفاوضات مع المجلس العسكري ابتداءاً علي أساس أن الانحياز الذي يدعونه كذبة ، وانهم حموا أنفسهم من السقوط مع رئيسهم تحت ضغط الشعب والرتب الدنيا ، وهم حقنوا دماءاً إضافية كانت ستسيل من شبابنا ولكن ذلك من واجباتهم الأساسية و ..و .. إلي آخر الشروحات التى أصبحت معروفة ، أبداً ، لا أقول بذلك ، فهذه المفاوضات أكسبت قوي الحرية والتغيير المزيد من الوعي وأظهرت للعالم اننا شعب عاقل يجنح لحل مشكلاته سلمياً عبر التفاوض ، كذلك انها أسهمت في فضح الوجه الحقيقي للمجلس العسكري ، حقيقة انهم جنرالات البشير ، لجنته الأمنية وصفحة "انقاذه" الثانية ليستمر نظامه .. نعم كان التفاوض معهم مهماً ومفيداً من نواحي كثيرة ، ولكنها في اعتقادي قد استنفذت أغراضها تماماً ، ولركلات الجزاء ختام قبل استكمالها .. فنحن حريصون على إستمرارية حماس الشباب وطاعتهم الواعية لقيادات الحرية والتغيير وعلى حقهم في بناء بلدهم ورسم معالم مستقبلها ومستقبلهم ووضع سودانهم في الموضع اللائق به بين الأمم ، حقهم في تحقيق أحلامهم التي هي قطعاً (حلم البلد كلها) .. كذلك حريصون على وضع حد للحكم العسكري وعلى تفادي الخطر الأكبر القادم للجيش وللشعب وكل السودان "قوات الدعم السريع" وصاحبها حميدتي ، فهي ، وبدون كثير شرح ، قوة غير شرعية وغير نظامية أساساً وقبلية ، قائدها/صاحبها بسيط في مهنته وفي تعليمه (وذلك ليس عيباً ولا معيباً) ولكنه ذكي وطموح وجد طريقه في حيرة وأوهام البشير المدحور ليصعد إلي الواجهة .. فالمخاطر أصبحت واضحة من تصرفاتهم وتصريحاتهم ، وأصبح عنصر الوقت سلاحاً فعالاً في أيديهم .. لقد آن أوان التوقف ، أن نعلن عن انتهاء زمن المفاوضات وفرصها ، أن نتوجه بشبابنا نساءاً ورجالاً إلي أسلحتنا التالية قبل أن تبهت فعاليتها أو ينتهي زمن صلاحيتها ف (الطاعة مبدعة وخلاقة ، ولكنها ليست عمياء) .. 2 يونيو 2019 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.