الحكمة تقتضي و اليقظة تستوجب أن نتعامل مع الدول و الشعوب بعقولنا التي نملك و نسيطر لا بعواطفنا التي نهيجها أحيانا بلا ترو وبلا روية ؛؛ أو يهيجها و يجيشها غيرنا لأهداف و حسابات ليس من بينها مصلحة السودان الوطن العزيز ؛؛ بل كل فطن حصيف يدرك و يفهم و يميز الغث من السمين .. العالم اليوم أضحى قرية صغيرة يحملها كل إنسان عادي في جيبه داخل جهازه النقال فيشاهدها و يتفاعل معها صباح مساء بكم هائل من المعلومات بعضها صادق و بعضها كاذب أو مغلوط ؛؛ و كل ذلك يحتاج إلى غربلة و إلى فلترة بوعي و إدراك حتى لا يؤخذ الإنسان على حين غرة في كل ما يكتب و ينشر من قبل بعض أجهزة الإعلام ذات الغرض و المرض و التي أصبحت لا هم لها غير الإثارة و بث الأكاذيب و استدعاء الفتن ما ظهر منها و ما بطن .. (2) السودان في ظل كل الأنظمة الحاكمة مدنية كانت أم عسكرية ظلت علاقات شعبه مع جيرانه و أشقائه تتسم بالإعتدال و بالإحترام المتبادل بعيدا عن أخطاء حكامه و إجتهاداتهم غير الموفقة ؛ و الدليل على ذلك عندما وقف الشعب السوداني موقفا سليما متصالحا مع نفسه و مع الحق و مناهضا لموقف حكومته في حرب الخليج التي أساء و أخطأ فيها نظام الإنقاذ حين وقف الموقف الإنتهازي الغريب و المريب .. كل متابع للشأن السياسي السوداني في فترة حكم الإنقاذ يستطيع أن يستخلص و يستنتج و بكل سهولة و يسر بأن هنالك دول عديدة حاولت أن تستغل ضعف هذا النظام لتحقيق مآربها و أطماعها في موانئه و شواطئه و مياهه و أراضيه و نفطه و ذهبه و معادنه .. ظل نظام الإنقاذ في معظم فترات حكمه ضعيفا منهكا يستجدي الحماية من روسيا و من الصين و من تركيا و من إيران ؛؛ كما ظل يبحث عن حلول مشاكل حروبه الداخلية التي صنعها بنفسه في بعض العواصم العربية و الإفريقية و ليس خافيا على الجميع مآلات و مآرب منبر الدوحة المستضيف لأطراف نزاع دارفور و كذلك العديد من المنابر الأفريقية و التي لم تحقق سلاما ولا أمنا غير تعميق تلك الخلافات و غير الحفاظ على ديمومتها و استمراريتها لتمرير الأجندة الخفية لتلك الدول التي تدعي الحرص على مصلحة السودان و على استقرار السودان و الحقيقة غير ذلك حيث أصبحت دارفور بوابة للتدخل القطري في الشأن الليبي بالسلاح و بالمقاتلين .. ظلت مآرب و أطماع تركيا و قطر و إيران و روسيا و الصين حاضرة و غير خافية على أحد و ظل نظام الإنقاذ مستسلما بكل خنوع و إذلال لتلك الأطماع التي استباحت الأراضي و الموانئ و المياه الإقليمية و خيرات السودان من بترول و ذهب و معادن .. (3) أقرب الدول إلى السودان وجدانيا و جغرافيا و روحيا و اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا هي المملكة العربية السعودية و التي لم تطمع يوما لا في موانئ السودان ولا في شواطئه ولا في أراضيه ولا في استغلال خيراته بالرغم من الأخطار المحدقة بها من أطماع الآخرين بالسودان و بالرغم من التهديد الذي كان يمثله الوجود الإيراني في موانئ و مياه السودان في فترة من الفترات و العداء الظاهر الذي تبديه إيران للمملكة العربية السعودية لعقود من الزمان .. فبالرغم من المساعدات التي ظلت تقدمها المملكة العربية السعودية للسودان و للشعب السوداني على مر العصور و في ظل كل الأنظمة الحاكمة في السودان بغض النظر عن توجهها السياسي و الأيدولوجي المتقاطع أحيانا مع توجه المملكة العربية السعودية إلا أن المملكة العربية السعودية لم تربط تلك المساعدات بالسيطرة على القرار السياسي في السودان أو بالسيطرة على موانئه و مياهه و أراضيه و مصالحه كما فعل الآخرون و الذين سعوا إلى شراء موانئه و أراضيه و حتى المواقع الإستراتيجيه داخل العاصمة الخرطوم و هو ما لم تفعله السعودية ولم تسع إليه على الإطلاق .. ظلت الحكمة هي سيدة الموقف في تعامل المملكة العربية السعودية مع السودان و مع الشعب السوداني الذي تبادله السعودية حكومة و شعبا كل الود و كل الإحترام و كل التقدير .. (4) معظم الدول الإقليمية و الدولية تدخلت في الشأن السوداني خلال فترة حكم الإنقاذ و حتى بعد زوال حكم الإنقاذ لأغراض و أهداف مريبة بينما ظلت المملكة العربية السعودية على الدوام تسعى إلى إستقرار السودان و إلى إستدامة أمنه و أمانه و إلى تقديم كل عون ممكن لتحقيق ذلك .. بعد تغيير نظام الإنقاذ تواجدت كل دول العالم البعيد و القريب ؛؛ الدولي و الإقليمي في العاصمة الخرطوم ؛؛ دون معرفة حقيقية لحقيقة نوايا تلك الدول و دون احتجاج على ذلك الوجود فلماذا الإنتقاء و التمييز في تسيير بعض المظاهرات أمام بعض السفارات بتغطية إعلامية مبتذلة و رخيصة و معروفة الأهداف و الغايات لبعض وسائل الإعلام التي ظلت تسعى دوما إلى التأجيج و التهييج و إلى خلق الفتن و إشعالها لأغراض و أهداف لا تغيب عن فطنة و ذكاء كل متابع للشأن السياسي .. السؤال هو : ما الهدف و ما الجدوى و ما الفائدة من تسيير البعض لمظاهرة أمام سفارة المملكة العربية السعودية بتغطية إعلامية من قناة الجزيرة التي غابت عن تغطية الأحداث في السودان في بدايات المظاهرات الشعبية في السودان حينما كانت كل القنوات الإعلامية مهتمة و مهمومة بما يجري في السودان من حراك ثوري استمر أربعة أشهر غابت فيه قناة الجزيرة المرتبطة وجدانيا و تنظيميا مع النظام الهالك كما هو ارتباط راعيها و مالكها مع نظام البشير الإخواني و رعايته لذلك النظام حتى لحظة سقوطه .. (5) المملكة العربية السعودية أول المتضررين من النظام الإخواني الهالك و أول الداعمين لخيار الشعب السوداني سياسيا و اقتصاديا و إعلاميا حيث ظل الإعلام السعودى يغطي منذ البدء ما يجري في السودان من حراك ثوري بكل مهنية و بكل تجرد حينما غابت أجهزة إعلام عديدة و توارت بعيدا عن إرادة و عن رغبة أهل السودان لتأتي اليوم فتتصدر تغطية مظاهرات الفتن بغية إحداث وقيعة بين الشعب السوداني و المملكة العربية السعودية التي هي أقرب إلى السودان و أهل السودان من كل الدول الإقليمية و الدولية و لم تسع يوما إلى شراء ميناء أو مرفأ كما هو حال دول عديدة بل ظلت السعودية تمنح و تساعد إقتصاديا و سياسيا ولا زالت؛؛ بل قد سعت إلى رفع الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب السوداني و الذي تضرر منه الشعب السوداني كثيرا على مر عقود من الزمان بسبب سياسات النظام الخاطئة ؛؛ حيث سخرت المملكة العربية السعودية كل ثقلها السياسي الدولي لرفع الحصار الإقتصادي الذي أضر بالشعب السوداني و بصادراته الزراعية و الحيوانية و بتنميته و بمعيشته و حياته أمدا بعيدا و كان ذلك محل تقدير و إعجاب كل فئات الشعب السوداني حينها .. لا زال الأمل معقودا على المملكة العربية السعودية لتبني مؤتمر إقتصادي عالمي لما لها من ثقل دولي و إقليمي للخروج بالسودان من وهدته و من ورطته الإقتصادية التي ظل يرزح و يئن تحتها و ليس أقلها مبلغ خمسين مليار دولار ديون خارجية مستحقة على عاتق السودان تحتاج إلى الإعفاء قبل البدء في انتشال الإقتصاد المتهالك ؛؛ المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة المؤهلة للقيام بذلك و القادرة على تبني ذلك لما لها من ثقل سياسي و إقتصادي دولي و إقليمي لا ينكره إلا جاحد أو حاسد ؛؛ فلماذا يحاول البعض منا إستعداء أقرب الأقربين و استجداء النفع و الخير من أبعد الأبعدين و هم الأبعد من كل ذلك ... لزاما علينا الحفاظ على روابط الإخاء و المصالح المشتركة التي تربط بين المملكة العربية السعودية و الشعب السوداني بعيدا عن دعاة الفتنة الساعيين دوما إلى زرع الفتن و إشعالها بين البلدين الشقيقين ... مهندس / حامد عبد اللطيف عثمان.. 26 يونيو 2019 م عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ///////////////