في ظروف إقتصادية و سياسية و أمنية غاية في السوء و التردي و التدني تنعقد قمة الإتحاد الإفريقي بحضور معظم رؤساء دول القارة الإفريقية في مدينة نيامي عاصمة دولة النيجر .. القارة الإفريقية تأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان و من حيث المساحة بعد قارة آسيا حيث يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة و مع ذلك تأتي في ذيل قارات العالم إقتصاديا و غذائيا و صحيا و أمنيا و سياسيا و إجتماعيا و علميا و ثقافيا ؛؛ قارة يقطنها و يخيم عليها الجوع و المرض و الجهل و الظلم و الاستبداد و انعدام حقوق الإنسان و انعدام الشفافية و انعدام العدالة و دولة القانون مع انعدام أبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة ... قارة تذخر بالموارد الطبيعية و الخيرات و المياه و الأراضي الخصبة و تنوع المناخات و برغم ذلك تعجز أن تطعم نفسها بل يهرب منها شبابها ليغرقوا و يموتوا في عرض البحار و المحيطات في سبيل هجرة مجهولة المصير و مجهولة العواقب و جلهم قد انتهوا إلى طعام للحيتان و أسماك القرش ... العالم الأول يجتهد مع رؤساء و حكام دول القارة الإفريقية لمنع هؤلاء الشباب أمنيا من الهجرة إلى أوروبا .. معالجات منع الهجرة معالجات أمنية متفق عليها و منسق لها بين العالم الأول و حكام دول القارة .. إجراءات أمنية بجيوش وطنية تستخدم لمنع الهجرة بلا أدنى تفكير أو نية أو إرادة جادة لوضع حلول تنموية و إقتصادية و إنسانية و إجتماعبة يمكن أن تسهم في بقاء و استقرار هؤلاء الشباب في أوطانهم بدل اللجوء إلى حيث المخاطرة و المغامرة بأرواحهم و حياتهم بحثا عن حياة أفضل وسط أمواج البحار و المحيطات على متن قوارب خشبية تحملهم إما إلى الموت المحقق و إما إلى عسف و جبروت الرجل الأبيض في معسكرات إيواء اللاجئين ... العالم الأول هو الذي ظلم القارة الإفريقية و هو الذي استولى على مواردها و استحوذ على خيراتها و عطل فيها العلم و الثقافة و المعرفة و الإبتكار و أشاع فيها الجهل و التخلف و مع ذلك فهو غير مستعد للمساهمة في مساعدة إنسان هذه القارة أو حتى محاولة التكفير عن ظلمه له في فترة استعماره و نهب خيراته .. حكام القارة حريصون على إرضاء العالم الأول و كسب وده مقابل البقاء على كراسي الحكم حتى و لو أدى ذلك إلى البطش بشعوبهم و إيذائهم و التضييق عليهم .. حكام القارة الإفريقية لا يستحون ولا يخجلون عندما يعلنون على الملأ بأنهم يعلمون بجد و بكل الوسائل لمنع شعوبهم من الهجرة إلى العالم الأول بل و يتباهون بذلك و يقايضون و يساومون العالم الأول بهذا العمل الرديئ و الخسيس و الدنيئ في كونهم يمنعون شباب شعوبهم من السفر إلى أوروبا و العالم الأول.. الهدف من المنع بالنسبة للعالم الأول هو عدم رغبة العالم الأول في هذه الشعوب للعيش معها في رغد عيشها و التنكيد عليها بتقاسم الخدمات و الرفاهية المتوفرة لدى الرجل الأبيض .. المخلوع الهالك القذافي في آخر أيامه كان يهدد أوروبا و العالم الأول بأنه سيوقف خدمة منع هجرة الأفارقة إلى أوروبا و سيسمح لهم بذلك إذا لم تقف معه أوروبا في وأد الثورة ضده و مع ذلك سقط و هلك بعوده في غياهب أنفاق المجاري .. شعوب إفريقيا في مختلف دولها تعيش حالا يرثى لها من البؤس و الشقاء و الحرمان و العدم.. الحكام في أفريقيا مشغولون برفاهيتهم و رفاهية أسرهم و عوائلهم و أقاريهم في شواطئ و فنادق أوروبا و شعوبهم تتضور جوعا و مرضا و جهلا و تئن و تنوء تحت وطأة كل ذلك .. قارة آسيا يفوق عدد سكانها ثلاثة أضعاف سكان إفريقيا حيث يبلغ عدد سكان القارة الآسيوية 4.4 مليار نسمة و برغم تفوق القارة الإفريقية على قارة آسيا في الموارد الطبيعية فوق و تحت سطح الأرض و التفوق عليها في وفرة الأنهار الخصبة و المياه الجوفية و تنوع المناخات إلا أن قارة آسيا استطاعت أن تخطو خطوات مرموقة و عظيمة نحو آفاق التنمية و التطور و الرخاء لشعوبها بل استطاعت معظم دول القارة الآسيوية أن تتخطى هموم الغذاء و الكساء و الدواء .. معظم دول القارة الآسيوية استطاعت أن تستخرج خيرات أوطانها من باطن الأرض و خير مثال على ذلك الدول الخليجية التي استطاعت و في زمن وجيز و قياسي أن تستخرج البترول من أعماق صحاريها القاحلة و الجافة و أن تسخر كل ذلك لخير رفاهية شعوبها بينما عجزت القارة الإفريقية عن الإستفادة من خيراتها الموجودة فوق أديم الأرض و سطح التراب ناهيك عن خيراتها تحت التراب ... النمور الآسيوية هي الأخرى كانت أعجوبة الكون و اهزوجته في سرعة التطور و النماء .. النمور الآسيوية( تايوان ؛؛ سنغافورة ؛؛ هونغ كونغ ؛؛ كوريا الجنوبية ) تطورت صناعيا في زمن وجيز .. دولة ماليزيا التي أصبحت دولة تحمل إسمها في العام 1963م و نالت نهضتها على يد رجل واحد مهاتير محمد الأسطورة الماليزية .. سنغافورة نالت استقلالها عام 1965م و السودان نال استقلاله عام 1956م ولا زلنا نتغنى به و لكننا جوعى و مرضى و تنوء بنا معسكرات اللجوء و معسكرات النازحين و مع ذلك نهزج و نترنم و ندندن و ننشد و نتغنى اليوم نرفع رآااااية استقلالنا !! ناهيك عن الحديث عن الصين أو اليابان ... أنا على يقين بأن معظم شعوب القارة الإفريقية لم تسمع بهذه القمة المنعقدة بإسمهم و هي أصلا ليست لأجلهم ولا لأجل قضاياهم و همومهم ؛؛ حتى الذي يسمع بها لا تهمه في شئ ولا يتابع َمدخلاتها ولا مخرجاتها لأنه على يقين بأن المدخلات و المخرجات مجرد إملاءات تخص و تعني العالم الأول فقط لا غير ... دولة النيجر التي تستضيف القمة الإفريقية يضرب الإرهاب أرجاءها غربا و شرقا و شمالا بكل أنواعه و أشكاله ؛؛ حيث تقيم داعش في غرب النيجر مع دولة مالي و تقيم القاعدة في شمال النيجر مع دول الساحل المغربي و تقيم بوكو حرام في جنوبالنيجر ... الإرهاب في هذه الدول يتحرك بحرية و يضرب أهدافه بعناية فائقة و كأنه يجد الرعاية من جهات لها القدرة على إدارته و توجيهه و تحريكه و تسخيره لأهدافها و أغراضها .. القمة منعقدة و عقد الأمن في أرجاء دولها منفرط و قادتها مهتمون فقط بتوفير الأمن و الأمان للعالم الأول و ذلك بعدم السماح بالهجرة الي أوروبا شريطة أن تضمن لهم أوروبا كراسي الحكم و فنادقها و شواطئها ... أخطر آفة تنتشر في إفريقيا هي آفة الفساد و انعدام الشفافية و غياب الدولة الرشيدة و كذلك غياب الحاكم الرشيد .. لا زلنا نأمل و نتعشم حين نردد قولنا : دعونا نحلم بغد أفضل أو أقله أرحم .. بقلم/ مهندس/ حامد عبداللطيف عثمان الإثنين 8 نوفمبر 2019م عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.