عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. فى عام 1953 قاد الدكتور محمد مصدق ثورة شعبية فى ايران نجحت فى الأطاحة بحكم الشاه ، هدفت تلك الثورة الى تحقيق حكم ديمقراطى فى ايران وبناء دولة دستورية الى جانب أهداف اخرى تمثل اهمها فى السعى لأنهاء هيمنة الشركات الأجنبية على صناعة النفط الوطنية وتأميم تلك الشركات ، يومذاك آثرت الولاياتالمتحدةالأمريكية الوقوف فى الجانب المناهض لثورة أيران بل وعملت بجد للأطاحة بحكومة الثورة التى قادها محمد مصدق ونجحت فى ذلك عبر عمل استخبارى أعاد الشاه محمد رضا بهلوى لعرش الطاؤوس وزج بقائد الثورة محمد مصدق فى غياهب السجون منذ تلك اللحظة قر فى خاطر وذهن الايرانيين معاداة الولاياتالمتحدة لطموحاتهم الرامية لتأسيس حكم ديمقراطى تعددى فى بلدهم وأن الأمريكيين قدموا يومها مصالحهم على مبادئهم الداعية لاشاعة الديمقراطية ، ولذا لم يكن غريبا أن كانت نبرة العداء عالية تجاه الولاياتالمتحدة عند أندلاع الثورة الأسلامية بقيادة الخمينى عام 1979 وتمثلت مظاهر عداء الايرانيين للولايات المتحدة فى أزمة أحتجاز طاقم سفارتهم فى طهران كرهائن وهى الأزمة التى أمتدت ل 444 يوما وتسببت فى خسارة الرئيس الامريكى وقتها جيمى كارتر للسباق الانتخابى أمام منافسه الجمهورى رونالد ريجان ، أن جذور العداء الايرانى اليوم للولايات المتحدة يعود بالدرجة الأولى لموقفها المناهض للثورة الايرانية على عهد محمد مصدق وأن ما تواجهه الولاياتالمتحدة من ايران فى الوقت الراهن جزء منه يرجع لتؤاطوها وتأمرها وقت ذاك على حكومة محمد مصدق المنتخبة ديمقراطيا والتى حظيت بمؤازرة شعبية واسعة ، لو أنحازت واشنطن فى ذلك الوقت لرغبات الايرانيين فى تأسيس نظام حكم ديمقراطى لما وصل الملالى لحكم أيران والذين جعلوا من موقف واشنطن المعادى والمتأمر على حكومة محمد مصدق عام 1953 دليلا على عداء وأشنطن لتطلعات الشعب الايرانى فى الحرية والديمقراطية ، تسير بلادنا السودان أولى خطواتها بتأسيس حكم أنتقالى يضع حدا فاصلا بين حكم البشير المتطاول وبين تأسيس نظام حكم ديمقراطى مدنى مستدام كما نادى بذلك الثوار السلميين فى أنحاء السودان المختلفة طوال الاشهر الماضية ، سيكون لزاما على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تلعب دورا كبيرا فى عبور السودان مرحلة الأنتقال التى تنتظره وخاصة وأن البلاد تعيش وضعا أقتصاديا صعبا ، المواقف والتوجهات الصادرة من واشنطن حتى اللحظة أزاء ما يحدث فى السودان عقب الأطاحة بحكم البشير فى أبريل الماضى يمكن القول انها مواقف ايجابية خاصة المواقف الصادرة من أعضاء ونواب فى الكونغرس تبنوا وبشكل وأضح مطالب الثوار السلميين ، سيتعين على الولاياتالمتحدة عند بدء المرحلة الانتقالية فى السودان بتشكيل الحكومة المدنية وبقية مؤسسات الحكم الأنتقالى ان تبادر الى رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للأرهاب وان الا تحاول وضع اى شروط فى وجه الحكومة الأنتقالية لاتخاذ تلك الخطوة الضرورية والهامة والتى ستسهم بلا شك فى البدء فى تحسين الوضع الأقتصادى فى البلاد وهو أمر سيساعد على أستقرار حكومة الفترة الأنتقالية فى أداء مهامها ، فليس من المقبول ان يشترط على حكومة أنتقالية ولدت نتاج ثورة شعبية سلمية بمعالجة قضايا نزاعات لم تكن لها يد فى صناعتها حتى يتسنى رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ، بشكل أكثر مباشرة لن يكون من المقبول أن تعامل واشنطن حكومة الفترة الأنتقالية المدنية فى السودان بمثلما كانت تعامل حكومة البشير المنقضية وتضع أمامها تروس الشروط شرطا يلى أخر فى مسار تطبيع العلاقات بين البلدين ، مثلما كان أمام الأيرانيين فرصة عام 1953 لتأسيس حكم ديمقراطى أهدرت بتأمر وتؤاطو وأشنطن على حكومة محمد مصدق فطالها الخسران لاحقا بتولى ملالى قم حكم ايران الذين تعانى واشنطن من طموحاتهم حتى اليوم ، أن الولاياتالمتحدة فى خياراتها أزاء السودان أمام خيارين الأول استراتيجى يتمثل فى المساهمة فى تحقيق نظام ديمقراطى مستدام كما نادى وطالب به المتظاهرون السلميين فى شوارع المدن السودانية المختلفة وخيار ثانى تكتيكى يتمثل فى أستجابة وأشنطن لبعض الاصوات المحلية والأقليمية وتغض الطرف عن المحاولات الحثيثة الجارية لوأد تطلعات الشعب السودان فى دولة مدنية ديمقراطية وتكرر بذلك وأشنطن خطأها فى ايران عام 1953 وتمهد بذلك الطريق لنظام حكم فى الخرطوم مثل نظام طهران يناصبها العداء بلا هوادة .