سرني جدا ما أقرأ هذه الأيام مما يكتب حول مسألة دولار الكرامة ، ويبدو أن التسمية أتت ( والعهدة على المصدر ) بأن الرئيس الراحل المغفور له بإذن الله جعفر نمير كان قد اقترض من العقيد القذافي مبلغا ( ولم يضعه في القصر الجمهوري ليتصرف فيه كما فعل غيره ) وبعد فترة قليلة طلب منه العقيد معمر القذافي بان تمر طائرات حربية عبر بلاده لضرب احدى الدول الافريقية فرفض المرحوم جعفر نميري ، من مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة فغضب العقيد القذافي وطلب من جعفر نميري رد القرض ، وكان بإمكان جعفر نميري رد المبلغ باي طريقة أخرى سواء بفرض ضرائب جديدة ، او ركوب الطائرة والتوجه لأي دولة أخرى من حلفائه ، ولكنه صارح شعبه ، وكان نداء قرش الكرامة . في بداية الثورة السودانية تحدث الكثير حول التجارب المريرة الموجودة حاليا ، واقصد تجربة اليمن وسوريا وليبيا ، وهدد كثيرون من انصار النظام البائد بهذه التجارب طالبين عدم ضياع السودان ، وكان الرد عندي دائما ، نحن شعب نختلف عن كل هذه الثورات مع احترامي لقادتها ، واختلافنا ينتج في تكويننا ، وذكرت في اكثر من مناسبة باننا ان شاء الله سنقدم نموذجا مشرفا لانهاء الديكتاتورية ، وكان نهج السلمية ، والذي حاولت الإنقاذ انتزاعه من الثوار بالتخريب المتعمد من أجهزتها المختلفة ، وكان كلما اشتد الوطيس وحمت المعارك ، كان الثبات على السلمية وعدم الاستجابة للاستفزازات داخل الميدان مرت الثورة بمنعطفات صعبة جداً ، قبل الاعتصام وقبل وصول الثوار الى مقر القيادة فكانت الاعتقالات والتنكيل والقتل والضرب ومداهمة المنازل وترويع أهلها ، وكان اذلال الرجال ، وكل ذلك تم مشاهدته عبر وسائل التواصل الاجتماعي رغم ما تم من تعتيم اعلامي ، من القنوات الحكومية ، وطرد القنوات الأخرى ، وقطع الانترنت ظنا من العسكر بان ذلك سيجعل السودان تحت مظلة الحكومة ، وان الجرائم التي سترتكب ، لن يراها أحد . رغما عن ذلك صمد الثوار ، ولم يبالوا ولم يلتفتوا وتمكن كثير منهم من نشر جرائم النظام البائد ، وواصلوا المسير تحت كل المهددات ، وتحت كل الاحباطات بسقوط الشهداء في كل موكب يخرج ، لم يثنيهم ولم يوقفهم هدير الرصاص الذي واجهوه بسلميتهم ، وبصدورهم المفتوحة وبعزيمتهم وارادتهم القوية ، حتى وصلنا الى مقر قيادة الجيش بالقيادة العامة ، وكان وصول الثوار الى مقر القيادة العامة نقطة فاصلة ومرحلة مهمة غيرت اتجاه الثورة ، وازالت الإحباط وزادت عزيمة الثوار . وبعد القيادة العامة استمر الاعلام يمارس أسوأ دور له فظل بعيداً عن الثورة ، وهنا سجل بعض الإعلاميين مواقفهم بانحيازهم للثورة ، ورفضهم العمل بأجهزة اعلام النظام التي كان الناس يموتون وهي تبث الأغاني وجلسات الانس ، واركز على الاعلام هنا وهناك . في اعتصام القيادة العامة قدم الشعب نموذجا ، آخر اثبت فيه انه يختلف عن اليمن وسوريا وليبيا مع احترامي لها ، فكانت القيادة المسجد حيث تقام صلاة الجمعة هناك ، وتلاوة القرآن ، وكانت القيادة المسرح حيث تقدم المسرحيات والليالي الثقافية والندوات ، وكانت القيادة المسرح التشكيلي الضخم ، وكانت القيادة ملاذ غير الآمنين من المشردين الذين يبيتون في العراء ، وكانت القيادة المستشفى العام الذي يعالج فيه كل مريض ، كانت القيادة ملاذ لكل من لا ملاذ له ، وكانت القيادة البيت السوداني الكبير ، الأب الذي يوفر الغذاء والكساء ، والأم التي توفر الحنان والأمان ، وليست كما اشيع بانها أصبحت وكرا للجريمة . وكان السودان اسما مشرفا آخر وكان نموذجا مختلفا تماما . اقفز بسرعة الى محطة فض الاعتصام ، ومقتل أبناءنا في نهاية شهر رمضان ، بعد أن احكم النظام خططه ومحاولاته لعزل المنطقة عن وسائل الاعلام ، لتنفيذ جريمته النكراء فسالت دماء عزيزة علينا وجاء العيد وكان السودان صيوان عزاء لكل السودانيين ، وتسرب الإحباط مرة أخرى ، وقويت شوكة العسكر وصمت الجميع أياما من هول المصيبة ، وتنفست بعض الكائنات غير الحية وبدأت تظهر وتم تكوين كيانات جديدة ، وتحرك العسكر اكثر فاكثر نحو تكوين دولتهم ، وهنا أعلنت قوى الحرية والتغيير تسيير مليونيتها الجديدة ، والتي حيسنا انفاسنا لأنها كانت التحدي الحقيقي والخيط الفاصل بين الإسلام والكفر ، فثار الثوار ولم ينسوا ان هؤلاء العسكر قد قتلوا وسيقتلون وقد اعتقلوا وسيعتقلون ، وقد فعلوا ما فعلوا وسيفعلون ، لم يهتموا ولم يبالوا . وهنا صمت المراقبون وتأكدوا بالا طريق لمواجهة هذا الشعب ، والا خيار غير الانحياز لمطالبهم ، وكان ما كان . سقت هذه المحطات على عجل ومتأكد بان كل محطة تحتاج الى كتاب ، وللأسف لم أشارك في أي منها ، ولكنني كنت وجدانيا معها ، وأريد أن تكون مشاركتنا هنا عبر دولار الكرامة ، وألا نكون شعب تمجيد للدكتور حمدوك ، والا نكون شعب تنظير للدكتور حمدوك ، والا نقف متفرجين نترك الدكتور حمدوك وحكومته للعواصف ، فخزينة البلاد فارغة ، والتحديات الانية كبيرة وكبيرة جدا ، ولا نملك الا ان نقول للدكتور حمدوك ، كم يكفيك لأول ثلاثة شهور ، لنقل خلال يوم أو يومين المبلغ بالحساب . دون ان نكثر من الكلام ودون ان نتردد ، وكما اقترح بعض الاخوة ان يتم فتح حساب وان يتم إعلانه بواسطة رئيس الوزراء دكتور حمدوك عبر وسائل الاعلام وعبر تلفزيون السودان ، وان يكون هنالك عداد يوضح المبلغ . مع احترامنا لجميع مساعديه ومعاونيه . ولا نريد اشتراطات ولا املاءات على الدكتور حمدوك من هذا المبلغ الذي سنجمعه واملي في سواعد بلادي داخل وخارج البلاد كبير ، واحساس عدم المشاركة في الثورة لا يوازيه أي مال سندفعه . بعد الثلاثة اشهر سيكون رئيس الوزراء قد استرد جزء من المال المنهوب وما اكثره وسيبدأ في سد العجز ، واذا احتاج الامر مرة الأخرى لدولار الكرامة فعلناه . أتمنى قبل ان يتم أي شيء وقبل ان يتم اتخاذ أي قرار تطهير وسائل الاعلام ، من أعداء الثورة وما أكثرهم ، ورسالتي الأخيرة الى رئيس مجلس السيادة وأعضاء مجلس السيادة العسكريون لأقول لهم انتم جزء أصيل من هذا التغيير ، وأتمنى ان تنسوا البدلة العسكرية التي ترتدونها ، وان هذا مدني وهذا عسكري ، وان تسخروا البدلة العسكرية لخدمة السودان ، والا تكون القرارات في القادم القريب تنازعا بينكم وبين المدنيين . فتح الرحمن عبد الباقي مكةالمكرمة 26/08/2019م عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.