كامل إدريس يخاطب مجلس الأمن الدولي احاطة مهمة عن السودان    قرار مرتقب بإلغاء تخصيص 20% للنيابة العامة من الأموال العامة المستردة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    والي الجزيرة يزور نادي الإتحاد مدني    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مبابي يعادل رقم كريستيانو    تشيلسي ينجو من الخسارة    شاهد بالفيديو.. عامل فيها مفتح وأنا خاتة القروش في "الخُرج".. سودانية تحكي قصتها مع أحد أفراد عصابة "9 طويلة".. أعطيته "شنطة" فارغة وأخذت منه هاتفه الفخم    شاهد بالفيديو.. عامل فيها مفتح وأنا خاتة القروش في "الخُرج".. سودانية تحكي قصتها مع أحد أفراد عصابة "9 طويلة".. أعطيته "شنطة" فارغة وأخذت منه هاتفه الفخم    تعرف على القيمة السوقية للاعبي المنتخب السوداني المشاركين في أمم أفريقيا.. نجم الدوري التايلندي الأغلى.. صلاح عادل يتفوق على الغربال وروفا في مركز متأخر ب 100 ألف فقط    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية تبهر الفنانة هدى عربي بعد أن شاركتها الرقص بطريقة ملفتة في حفل زفافها    شاهد بالصور.. بفستان أنيق.. زوجة الحرس الشخصي لقائد الدعم السريع الحسناء تخطف الأضواء في أحدث إطلالة لها    المظاهرات وحرب المناطق الرمادية و الأمن القومي    لإجراء عمليات نادرة.. فريقٌ طبي مصرى يصل بورتسودان    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    تحرّك خطير..إعدام سوداني في السعودية    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    وفاة مسؤول بارز بناد بالدوري السوداني الممتاز    اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: مقاربة ديسمبريون (رباطة) جنجويد (قحاطة)    السودان.. اشتباكات مسلّحة في منطقة نفطية    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    شاهد بالصورة.. عروس سودانية تحكي قصة عن طيبة السودانيين: (كنت مضطرة أسافر يوم زواجي وكنت مكتئبة وبطني طامة..قابلت سيدة في الطائرة أخرجت "كيس" الحنة ورسمت لي حنة العرس ونحنا في الجو)    لتحسين الهضم والتحكم في الشهية.. ما أفضل وقت لتناول التمر؟    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    مدير عام الصناعة ولاية الخرطوم يزور جمعية معاشيي القوات المسلحة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: .....(الشوط الجديد)    استشهاد فردين من الدفاع المدني في قصف مسيّرات مليشيا الدعم السريع على محطة كهرباء المقرن بعطبرة    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    مكتول هواك يترجّل    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    البرهان يصل الرياض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعظم قوة متاحة للبشرية، من يحاول مصادرتها؟ ؟؟ بقلم: الريح عبد القادر محمد عثمان
نشر في سودانيل يوم 12 - 09 - 2019

إنْ كنتَ تعتقد أنك تعرف معنى التواضع، فاقرأ هذا المقال.
أما أنا فلم أكن أعلم أن التواضع هو الصفة الوحيدة التي ينبغي أن تتوفر في الإنسان بنسبة مائة في المائة. فالمولى عز وجل لم يكلف عباده أن يكونوا كرماء بنسبة مائة في المائة، لأن ذلك سوف يكون تبذيراً؛ ولا أن يكونوا شجعانا بتلك النسبة، لأن ذلك سوف يكون تهوراً؛ والصدق الكامل يعني أن تُصدِق القاتل فتدلّه على مكان الضحية؛ والأمانة الكاملة أن تموت جوعاً ولا تأكل رغيفاً اؤتمنت عليه. وهكذا ينطبق ذلك النقص على جميع مكارم الأخلاق، ما خلا التواضع، فلا بد أن يكون كاملاً، إذْ لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
ولكم دهشتُ حين لاحظتُ أن معظم الناس يعتقدون أن التواضع يعني مجرد البساطة والتبسّط، والمسكنة و"التمسكن"، بل والتذلّل؛ وأن قلة قليلة منهم تدرك أن التواضع أمران: أن تكون دائماً مستعداً لقبول الحق أياً كان قائله؛ وألا ترى نفسك أفضل من أي أحد، فلا تحتقر أحداً. وعكس التواضع الكبر، وهو بطر الحق، أي رده وعدم قبوله، وغمط الناس، أي احتقارهم. إذن فليس التكبر في الملبس الغالي؛ وليس التواضع في الملبس البالي.
بل الأدهى من ذلك أن صفة "متواضع" باتت تُستخدم في سياقات سلبية: "يسكن في منزل متواضع"، أي عار من الفخامة والجمال؛ و"ظهر الفريق بمستوىً متواضع"، أي ضعيف، أو لا يثير الإعجاب، على أفضل تقدير. فيا للهول! كيف أصبحت أهم صفة بشرية في الوجود "خالية من الفخامة والجمال، وتعني الضعف، ولا تثير الإعجاب، على أفضل تقدير"! وفي الحديث الشريف: "من تواضع لله رفعه". إذن فالتواضع هو أعظم قوة رافعة أتاحها المولى عز وجل للبشر. فكيف جعلناها "ضعيفة"؟
إنه لأمر مدهش حقاً أن يعرف الناس معاني سائر الفضائل، ويجهلون معنى أهم واحدة فيها، فيغيرونه إلى النقيض!
مَن ذلك الماكر المخادع الذي مكر هذا المكر فأخفى ذلك المعنى العظيم لتلك الفضيلة الجوهرية، ثم أعطاها معنىً سلبياً؟
لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال علينا أولاً أن نعرف الغرض من ذلك الإخفاء. الغرض من إخفاء أهمية التواضع ومعناه هو جعل جميع الفضائل الأخرى هباءً منثوراً، لأن جميع الفضائل، في غياب التواضع، تفقد جدواها وتتحول إلى النقيض: أليس الكرم بدون تواضع محض رياء؛ والشجاعة بدون تواضع طلب سمعة؛ والصدق والأمانة بدون تواضع طلب مكانة؛ وهكذا إلى آخره؟
من خلال كل هذا ندرك أن التواضع هو الأساس الذي تقوم عليه جميع ركائز الأخلاق، وهو الأرض الخصبة التي تنتعش عليها أشجار القيم.
إذن فمَن ذلك الخبيث الذي يريد لأعمال البشر أن تصبح هباءً منثوراً؟
وإذا كان التواضع يعني الاستعداد الدائم لقبول الحق، فمن هو أول من بطر الحق؟
وإذا كان التواضع يعني عدم احتقار الآخرين، فمن هو أول من احتقر؟
مَن ذلك المخلوق الذي يفتقر افتقاراً تاماً إلى التواضع؟
من ذلك المخلوق الذي كان أول من استكبر وتكبر، واحتقر، ثم مَكر، وأصبح كل همه أن يحارب التواضع، ويخفي معناه، ويحرفه، حتى يجعل قلوب من اختار عداءهم من بني آدم تمتلئ بذرات الكبر، فيسوقهم معه إلى الجحيم سَوقاً؟
نعم، ذلك المخلوق هو الذي جعلنا ننظر بالاحتقار إلى أعظم صفة، وأقوى صفة - الصفة التي ترفعنا إلى أعلى درجة ممكنة: إلا وهي القرب من الله، والصفة الوحيدة التي تبعدنا عن أخطر مصير: ألا وهو النار.
إن بطرك الحق يعني ألا تكون مستعداً لقبول الحق، وبالتالي فلن تؤمن بالله؛
وأما احتقارك الناس فيعني أنك ترى أنك لك شأناً فوقهم، وفضلاً عليهم، وأنك لست عبداً مثلهم!
ومعنى التواضع أن تتخلص من كلا بطر الحق واحتقار الناس، فتتخلص من الإبليسية في نفسك.
وهكذا يغدو التواضع ليس هو الطريق الوحيدة إلى العبودية لله فحسب، بل كذلك الطريق الوحيدة إلى معرفة الله.
معرفتك بالله تعني أن تتواضع لله وللناس؛ وتواضعك يعني أن تُسلم الأمر كله لله، إقراراً منك بأنك لا حول لك ولا قوة.
وهنا يبدو لنا يسيراً أن نلاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام - رضوان الله عليهم جميعاً - كانوا جميعاً يعرفون أن الإسلام اسم له معنى هو التواضع. فعندما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى الإسلام، فإنه دعاهم إلى أن يتواضعوا لله فيذعنوا للعبودية له، وأن يتواضعوا للناس فلا يترفعوا عليهم ولا يحتقروهم. وعندما قال الفاروق عمر "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام"، فهو يعني أعزنا بالتواضع، فما كان منه حين قال ذلك ألا أن طبّق التواضع سلوكاً في مظهره ومشيته. وعندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبو ذر رضي الله عنه: "أنت امرؤ فيك جاهلية"، علم أبو ذر، رضي الله عنه، على الفور أن تلك الجاهلية التي عناها الرسول (ص) هي التكبّر (الذي ارتكبه بحق أخيه بلال، رضي الله عنه)، وأن الرجوع إلى الإسلام يعني التواضع: فما كان منه إلا أن وضع جبينه على الأرض وطلب من بلال، رضي الله عنه، أن يطأ عليه بقدمه.
وهكذا نعرف أن التواضع هو لحم الإسلام وشحمه وعظمه.
وهكذا نضرب إبليس بحجرين: إعادة تقييم التواضع، ومعرفة معنى الإسلام.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.