الساعة التاسعة من صباح يوم الأحد 20 اكتوبر صعدت الروح الطاهرة الي بارئها راضية مرضية . يا لهفة القلب الحزين . المرحوم الخليفة بابكر علي قدورة ورث خلوة والده علوب بالعفاض ( المديرية الشمالية) بعد وفاته وهو شاب صغير . كان والده قد اعده لهذه المهة حين ابتعثه (للغريبة) في بلاد الشايقية لياخذ الفقه واصول الشريعة واللغة العربية عن جل علمائها المشهورين في ذلك الزمان . احتضنه هؤلاء العلماء باعتباره حفيد شيوخ الركابية وحفيد الشيخ حاج موسي (والد حبوبته والدة علوب) وحاج موسي اشتهر وذاع سيطه في تلك المنطقة . ذكره حاج الماحي في قصيدته المشهوره (التمساح) . يعتبر الخليفة من جيل علماء الفقه وحفظة القران . درس علي يديه خلق كثير من أهل العفاض وبعض القري خارج العفاض . اكسبه علمه الواسع و ورعه وطيب أخلاقه محبة الناس وتقديرهم . الكثيرون من الذين قابلتهم ممن درسوا علي يديه ، مجرد ان يعلموا قرابتي بالرجل ، حتي يشرع الواحد منهم في مدحه ويتحدث عن صلاحه و ورعه ، ويسرد وقائع تؤكد مكانته وعلو شأنه . فاكون فخورا بهذا النسب . كان مهابا بين الناس حسن السيرة والسريرة .حتي النساء في البلد عندما يشاهدنه في الطريق ، يتقنعن ويتبلمن ان كن حاسرات الرأس إكراما وتقديرا له . قبل حوالي 14 عام قرر أبناء و أبناء إخوة الخليفة بابكر تحويل إقامته من العفاض الي حلة حسن بمارنجان . ليكون بالقرب منهم هو وزوجته سعدية بت مهدي بعد أن تقدم بهم العمر ورحل عنهم الابناء والبنات وإفتقدو من يشرف علي شئونهم . رحيله أوقع حزنا وتأثيرا كبير علي أهل العفاض . وأحدث فراغا كبيرا . عبر بعضهم عن ذلك نثرا وشعرا . وبعض الخيرين عملو علي تخليد ذكراه حين تبرعوا بالمال ليتم تجديد وبناء مسجد الخليفه بابكر بالعفاض الذي كان يؤم فيه المصلين . والان المسجد يقف شامخا ، وفاء وتخليدا لذكراه . من القصائد التي قيلت وقتها اذكر قصيدة للاخ عبدالرحيم محمد عبدالرحيم الذي كان أحد تلاميذ الخليفة ، يقول في مطلعها : حروف البيان ما بعبرن عن شكرك - يا حافظ الكتاب عندالله مرفوع قدرك والقصيدة طويلة الي ان يعبر عن الفراغ الكبير الذي احدثه الرحيل عن البلد بابيات حزينه أشبه بالرثاء تقول ابياتها : منو الاوصيتو شان يحفظ أمانتك فينا - منو البعدك علي نهج الهدي يهدينا - منو البرشد يردنا نحن كان ضلينا - سألين الكريم يوت بيك يهون قاسينا - لا ادري ماذا يقول أخونا عبدالرحيم ، أمد الله في أيامه ، بعد ان يصله خبر وفاة الخليفة وعبوره الي الدار البقاء ؟ وجود الخليفة بمارنجان حلة حسن ضاحية مدني بقدر ما شكل حزن وأسي لاهلنا في العفاض ، الا انه شكل لنا سعادة غير مسبوقة . فقد كنا في كل زياتنا للسودان ومن دون استثناء نحظي بيومين ثلاثة بالقرب منه . نتزود بالمعرفه التي كنا نظن اننا نعلمها . وبالجلوس الي جانبه حيث نستشعر الحكم والادب ومكارم الاخلاف و كل القيم الانسانية التي أوصي بها الخالق عبادة . كان حكيما وموسوعي . رغم تقدم سنه التي تجاوزت المئة عام ، الا انه كان الي يوم وفاته متقد الذاكره . حافظ ، كنا نتلقي منه تفاصيل الانساب و الارحام التي يحفظها عن ظهر قلب . ظروف منعتني من السفر للعزاء . مما عمق حزني . بغيابه لا أظن ان زياراتي للسودان ستكون كسابقاتها . لقد انهدم ركن مهم ومزار مقدس بالنسبة لنا . برحيله انطوت حقبة مهمة في سجل حياتنا . له الرحمة والمغفرة وفسيح الجنان جعفر فضل - لندن عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.