من أهم مصطلحات القاموس السياسي مصطلح "السلطة" ويقابله باللغة الإنجليزية مصطلح Power.. ذلك لأن السلطة تجلب المزيد من النفوذ وتحافظ عليه، وهذا هو جوهر العملية السياسية من منظور السياسة الواقعية Real politics . فالنافذ هو من يمتلك السلطة علي مستوياتها المختلفة والتي أهمها علي الإطلاق السلطة السياسية ، فهي محور الصراع والتنافس وفق الأصول الديمقراطية المعتمدة في النظم السياسية الليبرالية ، حيث يتم تداول السلطة بموجب تفعيل الإرادة الشعبية أو الجماهيرية لتُصّعد من تشاء للحكم. ويمكن ملاحظة أن عملية تفعيل الإرادة الشعبية هو نفسه ضربا من ضروب ممارسة السلطة، ولهذا يقال في الأدب الليبرالي (أن الشعب هو مصدر السلطات). فهو بهذا المعني الآمر الناهي في كل العملية السياسية. غير أن الارادة الشعبية في خضم التنافس الحر المفتوح بين الجماعات والكيانات السياسية غير متروكة لذاتها لتعبر عن نفسها ، وإنما تخضع لعملية Manipulation مدروس من قبل كل الفاعلين السياسيين الذين يرغبون في التأثير على علي الإرادة الشعبية. في هذا الخضم اللجب من التنافس الحر تختلف أساليب التأثير بحسب ما تسمح به منظومة قيم وثقافة كل فاعل ، وهنا ينقسم الفاعلون السياسيون الي اخلاقيين وغير اخلاقيين فكثير من الطامعين في السلطة يعملون علي استمالة مشاعر الجماهير إما بالعزف علي القيم والمثل الدينية لكسب تأييد الجماهير ( حالة الأحزاب الدينية) أو طرح تصورات لخلق مجتمع تسود فيه الكفاية والعدل وتنتفي فيه الفروقات الطبقية بين الذين يملكون والذين لا يملكون Haves & have-nots كحالة الأحزاب الشيوعية. أو يذهب بعضهم مباشرة إلي تقديم الحوافز الاقتصادية بحسب ما تتطلبه اللحظة الراهنة. فمنهم من يقدم دعما ماليا مباشرا ومنهم من يقدم خدمات عينية صحية وغيرها ، ومنهم حتي من يقدمها في شكل مواصلات كما شهدت العاصمة السودانية مؤخرا... فقد كانت تلك ايماءة من جماعة لم تقدم نفسها كفاعل سياسي ، إلا أنها تسعي لأن تتحكم في الإرادة الجماهيرية بتلك المسلكية البئيسة علها تجد موطأ قدم في عملية الصراع من أجل السلطة. إن الصراع حول السلطة بهذه الكيفية يفسد العملية الديمقراطية ، لأنه لا يقدم بدائل استراتيجية علي مستوي الفكر ، وإنما يخاطب مظاهر أزمة بمحاولة خلق سمعة طيبة كأن الصراع حول السلطة يتم بين أناس " طيبين" وعلي إستعداد للإيثار علي أنفسهم. وهذا منهج فاسد تتبناه عقلية لم تبلغ من ال Sophistication السياسي اي مبلغ ، ويعتقد مثل هذا النوع من البشر أن الصعود علي أكتاف الأزمات بعقلية "فارس الحوبة" سيجعله مقربا من تلك الإرادة الجماهيرية التي ستحتفظ له " بحسن الصنيع" ، في الوقت الذي يجرد نفسه مما يستر عوراته السياسية بتلك التصرفات الساذجة مما قد يجعله أضحوكة في الأوساط السياسية التي تدرك أن عملية الصراع حول السلطة إنما هي طرح برامج ورؤي تنبع من أفكار استراتيجية تعمل علي تغيير الواقع جذريا. إن من يفكر في الوصول للسلطة بهذه الطريقة المفسدة ، سوف لن يتوانى أن ينقلب عليها وعلي قاعدتها الجماهيرية حال إدراكه أن تلك الجماهير الخارجة لتوها من ثورة وعي متفردة لن تسمح لأن تكون مطالبها الآنية مطية لأطماع شخصية يصور لها خيالها قربها من السيطرة علي السلطة باعتبار ان الأمر لن يتعدى أُعطيةٌ هنا تمسح شارب هذا ، و رشوة هناك تحشد قادة الإدارات الأهلية. إن الصراع حول السلطة لايتم بأي حال بإفساد الجو العام بإستغلال المال السياسي لقضاء حاجات الناس ، وإنما بتقديم البدائل المقنعة بحيث يتم المفاضلة بينها وبين غيرها من البدائل البرامجية المطروحة.