عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. لا ...لتعليم اللغات الأجنبية في مرحلة الطفولة جاء في الأخبار أن مدير المناهج صرح "أنه سيتم إدخال اللغة الإنجليزية في اللغة الانجليزية ستكون من الروضة والفرنسية من أولى ثانوي" . وإن صح هذا الخبر ففيه خطآن. فالأول: أنه ليس من مهام مدير المناهج أن رسم السياسة اللغوية ليست من مهامه ..بل وليس من مهام الحكومة الانتقالية. أما الثاني وهو الأخطر أنه يشوه الهوية الوطنية؛ لأن اللغة هي الوعاء الحاوي للثقافة، فإنْ ضاعت ضاعت معها الثقافة والهوية. ولنا في ما يحدث في الخليج من تدمير للهوية عبرة بلغت الفتنة بالإنجليزية في الخليج مدى أثارت انتباه أهلها أنفسهم. ففي هذا السياق كتبت د. أبوردة مندهشة. وهي مدرسة للغة الإنجليزية على مدى ثلاث عقود في الخليج: "إن هذه النزعة الطاغية نحو اللغة الإنجليزية على حساب اللغة الوطنية في الإمارات العربية لأمر يدعو للقلق!" وتقول: إنها كثيراً ما تسأل طلابها من أبناء الإمارات عن اللغة التي يستخدمونها في البيت، ومما يدعو للدهشة والاستغراب أنهم يجيبون: إنهم يستخدمون الإنجليزية!! لقد كان لهذه السياسة اللغوية أثر على مستوى الطلاب في اللغة العربية. فقد أفادت إحدى الدراسات المتخصصة" أن 80% من أبناء الخليج متعثرون في القراءة، و75% يستخدمون اللغة الإنجليزية في تعاملاتهم، فيما يخطئ 95% في اللغة العربية" وتمضي د. أبوردة معلقة "هؤلاء الناس يتحدثون لأطفالهم بالإنجليزية، ورغم أن مستوى لغة الآباء ضعيف جداً في اللغة الإنجليزية. و هذه الظاهرة ستؤدي حتماً إلى استعلاء اللغة الإنجليزية ،واختفاء اللغة العربية مستقبلاً؛ إنه جيل واحد فقط يمضي وتتلاشى العربية" . وتلقي أبوردة باللائمة على حكومات دول الخليج العربي التي مكّنت لوضع الإنجليزية فغدت هي لغة التعليم في معظم الجامعات ولغة التعامل الشعبي والحكومي. وترى أنه يبدو عملياً أن تستخدم الإنجليزية حتى يتصلوا بالعالم ويتعولموا، ولكن ذلك لايجب أن يفقدهم ما عندهم من لغة. وهذا عين ما نبه إليه بن تنباك حين أشار في جريدة عكاظ إلى أن: " منطقة الخليج العربية ستصبح خلال السنوات السبع المقبلة خليطاً غير منتمٍ إلى لغة بعينها وستتلاشى العربية، ويلجأ سكانها متعددو الجنسيات والثقافات إلى لغة وسيطة للتواصل بينهم وهي الإنجليزية، ولن تعود الأرض عربية" هذا الاحتفاء بالإنجليزية يفوق المعقول؛ إذ كان ينبغي في التعامل مع اللغات الأجنبية أن يكون وفق الحاجة؛ فاللغات الأجنبية ضرورة حضارية، وليست ماسخة أو ناسخة للهوية ؛ إنهم بذلك يعيدون تشكيل هوية أهل البلد وفق النمط الغربي. فالمعلوم أن تعلم لغة جديدة يعني تعلم ثقافة جديدة أيضاً. وهذا ما تؤكده كثير من الدراسات. وكما يقول عبد الله فَ " إن الثقافة متجذرة في اللغة وتنتقل من خلالها عبر الأجيال. ويؤمن كثيرون بأن تعلم لغة ما هو في الحقيقة تعلم ثقافة جديدة" ، وأن مدرس اللغة ما هو إلا مدرس ثقافة فحسب . وتزعم ماربرت أيضاً أن احتذاء نموذج التعليم الغربي في الخليج نتجت عنه آثار سالبة غير مرغوبة في المجتمع الخليجي، إذ إن التعليم الغربي، وممارساته، ومناهجه والقائمون على التدريس منهم قدجلبوا الثقافة الغربية الأوربية إلى قاعة الدرس، وهي ثقافة مخالفة لثقافتهم . لا تُقلل رايت من أهمية إثارة الطلاب وتخليق التفكير النقدي وتعزيزه، إلا أنه يجب التذكير هنا بأن ما يتعلمونه ستكون له نتائج سلبية، إن كان ما تعلمونه يناقض تماما معاييرهم الثقافية الخاصة بهم، أي يكون ضد القيم الإسلامية الخاصة بها. وأسوا من ذلك أن يغدو سلوكهم مجرد محاكاة لسلوك المعلمين. وتسوق أدلة مثيرة على أن القائمين بأمر التعليم من الغرب في الخليج العربي يعملون قصداً أوبدون قصد على التأثير في معتقد الطلاب الديني وثقافتهم العربية؛ فخبراء التعليم الغربي الذين هم بمثابة الوكلاء المنوط بهم التغيير يغرسون ثقافتهم وقيمهم التي ستغدو مهدداً للفرد والمجتمع معاُ. وإنه ليغدو شاقاً جداً للغير أن يقوم بالتغيير،وأن يكون موضوعياً ولا يمس هوية مواطن الدولة الأجنبية إن قيم ثقافة ما هي مناسبة لقومها ومن المستحيل أن تناسب قوماً آخرين لم تُفصَّل لهم. فالثقافة بنت البئية، لا يدركها إلا ابن البلد، وعليه فيجب ألا يترك أمرها للأجنبي. وفي هذا تقول " إن لكل نظام اجتماعي قيما يجب ألا تمس فتشوه، إذا أريد الرفاهية لذلك المجتمع" . فاللغة العربية حاملة وعاء الثقافة الإسلامية، وهي من الدين فإذا أريد نهضة هذه الشعوب الإسلامية، فيجب أن تتم تلك النهضة بواسطة لغتها. وكما ترى أبو وردة فإن فرض الإنجليزية على الطلاب في الخليج خطأ جسيم. لقد كانت اللاتينية لغة الإمبراطورية الرومانية القوية فأين هي؟. وتقول: إن الارتقاء بالعربية في المدارس بل في الجامعات بالذات سيساعد في الحفاظ على العربية المكتوبة. وسيقود إلى تطوير البحث العلمي تماماً كما حدث في الألمانية ،والروسية ،والصينية. وقد أكدت دراسة الغامدي" أن الدول التي سُجّل فيها عدد براءات اختراع أكثر هي الدول التي تدرس العلوم بلغتها" . إن لغة التعليم في كل بلدان العالم المتقدمة كالصين، وروسيا، أو اليابان هي باللغة الوطنية أي اللغة الأم. ولم لا يعتبر الخليجيون بإسرائيل التي تعلم بالعبرية؟ وهي الدولة الأصغر حجماً. والأكثر منافسة لدول العرب في البقاء في المنطقة. بل إن الطلبة الفلسطينيين يتلقون العلم في جامعات إسرائيل بالعبرية . حقاُ إنه لأمر مدهش، ذلك أن العبرية كانت من الموات. إن أي عالم من علماء هذه الدول التي تعلم بلسانها، يستطيع أن يلقي محاضرة في تخصصه بلغته الأم. في مقابل ذلك فإن غيرهم الذين قد درسوا بلغة أجنبية لا يستطيع أحدهم أن يحاضر بلغته الأم. يقول الرافعي: فلن يتحول الشعب أول ما يتحول إلا من لغته؛ إذ يكون منشأ التحول من أفكاره وعواطفه وآماله، وهو إذا انقطع من نسب لغته انقطع من نسب ماضيه، ورجعت قوميته صورة محفوظة في التاريخ، لا صورة محققة في وجوده؛ فليس كاللغة نسب للعاطفة والفكرة حتى أن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم فنشأ منهم ناشئ على لغة، ونشأ الثاني على أخرى، والثالث على لغة ثالثة، لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء. وما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار "