تداول الناس خلال الأيام الماضية حديث رئيس مجلس السيادة عن دعم الإمارات للسودان منذ استقلاله بسخرية لاذعة مستحقة. . والواقع أنه ليس غريباً أن يُدافع رئيس مجلس السيادة عن دولتي الإمارات والسعودية، فهذا أمر لمسناه من العساكر منذ أول أيام تشكيل المجلس العسكري. . من حق أي سوداني أن يتحدث بود عن البلدان الشقيقة والصديقة. . وليس بيننا من ينكر أن الإمارات والسعودية وقفتنا مع السودان في أوقات مضت ودعمتا بلدنا. . لكن ذلك كان يحدث قبل مجيء الخائن البشير ونظامه البغيض الذي باع كل شيء بما في ذلك تراب الوطن. . لسنا ناكري جميل حتى نسيء لأي بلد دعمنا بأي شكل من الأشكال. . ويتفق غالبية السودانيين على أن المصالح المتبادلة مع الكثير من البلدان العربية هي الأساس في علاقاتنا مع هؤلاء الأشقاء. . فمثلما احتاجت السعودية والإمارات وغيرهما لخبراء وأيدي عاملة سودانية للمساهمة في نهضة هذه البلدان، استفاد نفر مقدر منا وعائلات كثيرة مادياً من الوظائف التي شغلها أربابها في هذه البلدان. . لكن المؤسف أن هذه البلدان غيرت سياستها تجاه وطننا منذ تولي الطاغية ونظامه أمر البلاد والعباد. . لم تعد العلاقة مبنية على الإخاء والمصالح المتبادلة، بل صاروا يحققون مصالحهم عبر الإضرار ببلدنا وموارده واقتصاده لجهة أن الطاغية كان رجلاً خانعاً وذليلاً وعديم الوطنية. . وعموماً سخر السودانيون من حديث البرهان لأن الرجل الذي بلغ أعلى الرتب في جيش البلاد وتولى رئاسة مجلس السيادة بعد الثورة يخلط في أبسط حقائق التاريخ. . ل " كسير الثلج" أصول يبدو أنها غابت عن البرهان. . من حقك أن تقول ما تريده إطراءً للإمارات، لكننا فقط نذكرك بالحقائق التاريخية، فالسودان استقل قبل تأسيس دولة الإمارات بنحو 15 عاماً. . كما أن واجبنا يملي علينا تذكيرك بأن من لا خير فيه لأهله لا يمكن أن يتوقع منه الآخرون أي خير. . وما دمتم تشيدون بالإمارات فلما لا تجعلونها قدوة لكم فيما يفيد وينفع الوطن! . لم لا تعتبروا بما يفعله الإماراتيون لبلدهم. . أثناء كتابتي لهذا المقال وقع نظري على خبر حول قانون جديد سنته دولة الإمارات . يقول الخبر "Collecting donations without official permission, sending emails that issue threats or blackmails and posting abuse online can land you in jail for up to 10 years with a hefty fine reaching up to Dh500,000.." . تُقرأ ترجمة الخبر كما يلي: " يُعاقب كل من يجمع تبرعات بدون موافقة رسمية، أو يرسل رسائل بريد إلكتروني تنطوي على تهديدات، وكل من يمارس الابتزاز أو ينشر الإساءات على مواقع الإنترنت بالسجن لفترات يمكن أن تصل لعشر سنوات مع دفع غرامة ضخمة تصل إلى 500 ألف درهم (حوالي 135 ألف دولار). . أفلا تشعرون يا برهان وحميدتي ويا بعض ساستنا بالغيرة وهذه الدولة التي تأسست بعد بلدنا بسنوات طويلة تسن القوانين وتطبق النظم التي تحفظ لشعبها حقوقه وأمنه وسلمه الاجتماعي، فيما تفتحون أنتم المجال للصوص ومحترفي الإجرام لكي يعوثوا فساداً وتغضون الطرف عن صحف تبث الشائعات وتهدد السلم الإجتماعي كل يوم!! . لم لا تكونوا مثل الآخرين في حبهم لأوطانهم. . لماذا تسعون دائماً لصون مصالح الغير على حساب هذا البلد ومقدراته وثرواته ومنافع شعبه!! . لا تتوهموا أن مواقفكم الحالية ستكتسبكم احترام الآخرين، وركزوا في البداية على أن تحصلوا على تقدير أهلكم في الداخل. . فلو كانت مثل هذه المواقف المخزية تجدي نفعاً لأفادت الطاغية المخلوع الذي تقول يا برهان أنك (شاركت في أول محاولة انقلابية ضده). . كثيراً ما ناشدناكما أنت وحميدتي لأن تتحليا بحس وطني عالِ لأن التاريخ لا يرحم، لكن الواضح أنكما ماضيان في الطريق الذي اخترتماه لنفسيكما. . قدرنا في هذا السودان أن نقع دائماً فريسة لشخصيات تأبى أن تغلب مصلحة الوطن. . هذا السودان الذي يرزح تحت ويلات الفقر منذ عقود طويلة غني جداً بموارده وثرواته وإنسانه الذي ساهم في نهضة بلدان عديدة. . فقط ينقصنا الرجال الأوفياء لقضية الوطن. . ولو (ترحمن) البرهان وحميدتي منذ أيام الاعتصام وتوكلا على الواحد الأحد ووثقا في شعبهما لربما كفاهما ذلك شروراً كثيرة أكبرها وأخطرها الاتهامات التي تطالهما بالتسبب في مجزرة القيادة. . لاحت لكما يا برهان وحميدتي فرصاً عديدة لإثبات أن حواء السودان لم تُصاب بالعقم. . وكان بوسعكما تصحيح بعض أخطاء الماضي والوقوف إلى جانب شعبكما.. لكن!! . ما يحيرني هو أنكما تصران دوماً على التأكيد بأن القوات المسلحة والدعم السريع شريك أصيل في ثورة السودانيين. . لكن الواقع يكذب هذه المزاعم كل ساعة. . منذ أيام فقط صرف رئيس الوزراء دكتور حمدوك مدير الطيران المدني عن الخدمة، ليقوم البرهان بتعيينه مستشاراً له حسب التقارير الواردة. . فأي شراكة هذه يا سادة!! . وبالأمس القريب انتظم القوم في احتفال يخص أسر الشهداء الذين قُتل بعضهم في مجزرة القيادة فإذا بقادة ورجال الدعم السريع يفاجئون الحضور ويحاولون تكرار خدعة لم تمض عليها سوى أسابيع معدودة، الأمر الذي أثار حفيظة عائلات شهداء الثورة الأبرار وأجبر بعض المبدعين على الامتناع عن تقديم وصلاتهم الغنائية. . وها نحن نسمع هذه الأيام عن بدء محاكمة الكاتبة سهير عبد الرحيم، وسؤالي هنا: كيف تكون مؤسستيكما شريكأً أصيلاً في الثورة وأنتم تصرون على محاكمة سهير لمجرد أنها كتبت مقالاً لم يرق لكم!! . لماذا لم يستخدم رئيس مجلس السيادة صلاحياته ويطالب بشطب القضية الموجهه ضد سهير!! . ما أكثر من تم العفو عنهم في أوقات سابقة. . حتى المجرمين ومن سرقوا هذا الشعب وأساءوا له وعاثوا فساداً حظيوا بعفو ما. . فلماذا تصر المؤسسة العسكرية (الشريك المفترض) في ثورة الشعب على محاكمة صحفية داعمة لهذه الثورة!! . أليس في كل ما تقدم تناقض أوضح من شمس الضحى!! . كيف تتوقعون أن يقتنع الشعب بشراكتكما في الثورة وهو يرى حماسكم وحرصكم على الشديد كعساكر على مواجهة من ساندوا ثورته، مع التقاعس الواضح في كل ما يتعلق بتصفية نظام الكيزان لدرجة الرفض الصريح لفكرة تسليم الطاغية المخلوع السفاح عمر البشير لمحكمة العدل الدولية! . وهل لهذا الرفض علاقة بمصالح الآخرين وخوفهم من فتح ملفات يريدون لها أن تظل طي الكتمان، أم أن شراكة الثورة في نظركما تكون بالوقوف ضد إرادة ورغبة الشعب!! Sent from my Huawei phone عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.