منتصف هذا الشهر حلت الذكرى الخامسة عشر على رحيل الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات الذى توفى فى نوفمبر 2004 فى أحد مشافى باريس العسكرية ومثلت الذكرى مناسبة لأستعادة الأدوار التى لعبها عرفات فى مسار القضية الفلسطينية من دوره فى أطلاق المقاومة المسلحة للمشروع الصهيونى الى صدامه فى الأردن مع الملك حسين بن طلال ثم أنتقاله الى لبنان وصدامه كذلك مع القوى اللبنانية الرافضة لتحمل بلدها دفع ثمن مقاومة الفلسطنيين لأسرائيل أنطلاقاً من أراضيهم وأنتهاءً بمحطة أتفاقية أوسلو التى أنشاءت مؤسسات الحكم الذاتى فى الضفة الغربية وقطاع غزة وعكف كثيرون على تقييم تلك الأدوار التى لعبها الختيار كما كان يلقبه الفلسطينيون خلال قيادته لمنظمة التحرير الفلسطينية وقد يكون من المقبول الأختلاف معه كما فعل الكثيرون فى كثير من مواقفه وخاصة فى قبوله لتوقيع أتفاقية أوسلو فى سبتمبر 1993 وما ترتب عليها من أعتراف بحق أسرائيل فى الوجود ، وكثرت المطاعن فى سيرة الرجل وتم التشكيك فى صدق نضاله دون أعتبار للظروف الدولية والأقليمية التى أجبرته على توقيع أتفاق أوسلو فقد كانت أكتوبر أخر حرب بين العرب واسرائيل أو أخر حرب يشنها العرب على أسرائيل أو على الأقل جيوشهم النظامية قبل أن تتكفل حركات المقاومة بتحمل عبء مقاتلة الكيان الصهونى من بعد ذلك ، لكن اغرب مطعن فى سيرة ياسر عرفات كان رد أصوله الى أصول يهودية مغربية والحقيقة أن مصادر هذه الرواية متضاربة حيث هناك من نسبها الى شخص أسمه رازى حسين عرفت صفته بأنه سكرتير المكتب السياسى والقانونى لمنظمة التحرير الفلسطينية ونسبها موقع أخبارى أخر للصحفى المشهور و مقدم البرامج فى قناة الجزيرة أحمد منصور وأن أتفقت الروايتان على أن أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية هو من تقصى عن أصل عرفات حين سأل الراحل فيصل الحسينى مسؤول ملف القدس فى السلطة الفلسطينية وابن اسرة الحسينى المقدسية الشهيرة عن صلة عرفات بأسرتهم فنفى الأخيرة أى صلة لأسرة عرفات بهم وأن فيصل الحسينى أخبر أحمد جبريل أن اسرة القدوة التى تسكن القدس ايضا وهى اسرة ياسر عرفات أذ أن الأسم الحقيقى لعرفات هو محمد عبد الرؤوف القدوة أن اسرة القدوة قدمت من المغرب وهى أسرة يهودية أعتنق كبيرها القدوة الاسلام بعد مكوثه فى القدس أبان حكم العثمانيين الذين كانوا يحرمون على اليهود سكنى المدينة المقدسة ثم تواصل الرواية النسج على منوال الأصل اليهودى لعرفات وتقول أن مولده كان فى حى السكاكينى فى القاهرة وهو حى كان يعد من أجزاء حارة اليهود الشهيرة فى القاهرة رغم أن كثيرا من المقالات والمدونات التى تحدثت عن ديمغرافية تلك الحارة أبانت أنها لم تكن تقتصر على اليهود فقد شاركهم سكنها مسلمون ومسيحيون من أهل البلد ، والواقع أن رد اصل كثير من الشخصيات التى لعبت دورا فى الحياة العامة فى المجتمعات العربية والمسلمة لأصول يهودية ظاهرة تكررت كثيرا وطالت العديد من الشخصيات ولعل أشهر شخصية ربطت بالأصل اليهودى هو مؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك حيث كثيرا ما تردد أنه يتحدر من يهود الدونمة وهى طائفة من يهود الأسبان الذين طردوا مع المسلمين من الأندلس بعد مضى قرن على سقوط غرناطة أخر ممالك العرب فى الأندلس فى عام 1492 وأن أتاتورك ولد فى مدينة سالونيك الواقعة فى شمال اليونان اليوم وهى كانت زمنذاك معقلا ليهود الدونمة ، كما لاحقت ذات التهمة الزعيم المصرى جمال عبد الناصر وأن لم ترد اصله لليهود وأنما أشيع عنه مرافقته لليهود بسبب اقامته لفترة من الزمن فى حارة اليهود فى القاهرة وقد شاهدت فيلما تسجيليا على أحدى القنوات المصرية عن حارة اليهود القاهرية عرضت فيه العمارة التى كان يقيم فيها جمال عبد الناصر ونجمة داؤود تزين جانبى مدخلها ، ولم ينجو الرئيس المصرى الحالى عبد الفتاح السيسى من تهمة الأنتماء لأصل يهودى فقد أشاع عنه مناصرو جماعة الأخوان المسلمين بعد اطاحته لحكمهم للمحروسة أن السيسى أبن ليهودية مغربية وأنه عاش طفولته بين أخواله اليهود فى حارتهم المعروفة فى القاهرة القديمة ولم يسأل أعضاء جماعة الأخوان المسلمين أنفسهم عن أختيارهم له وزيرا للدفاع فى حكومة رئيسهم مرسى وهم على علم بأصل والدته اليهودية لكنها مطاعن السياسة ، ولم تخلو حتى ساحتنا السياسية السودانية من ظاهرة وصم البعض بالأصل اليهودى فقد أشيع أن الرئيس الراحل جعفر نميرى قد عرض فى غمرة نزاع سياسى بينه وبين شاعر شهير راحل وشقيقته التى كانت تنشط فى معارضة حكمه بصلة مصاهرة تربطهم بأسرة تحدر أحد أجدادها من أصل يهودى ، واذا كانت جماعات الاسلام السياسى هى الأكثر أستخداما لمطعن الأصل اليهودى ضد خصومها كما رأينا فى حالات أتاتورك وعبد الناصر والسيسى لكن حدث أن استخدم ذات السلاح ضد أهم قادتها على الأطلاق حين رد الكاتب الكبير محمود عباس العقاد المعروف بمناؤته وعدائه لجماعة الأخوان المسلمين أصل مؤسس الجماعة الأمام حسن البنا الى أصل يهودى حيث قال العقاد أن حسن البنا ينحدر من اصل يهودى مغربى بدلالة أن والده كان يمتهن مهنة أصلاح الساعات - ساعاتى - وهى مهنة كانت حكرا فى مصر فى أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن الماضى على اليهود الوافدين على مصر من المغرب الأقصى ، لكن الناقد المصرى الراحل رجاء النقاش وهوالذى لم يعرف له أى أنتماء لجماعة الأخوان المسلمين تصدى للعقاد فى أدعائه هذا على حسن البنا ورده الى خصومة العقاد الشديدة للأخوان المسلمين بسبب عدائهم لحزبه الوفد وقد وصل عداء الجماعة لحزب الحركة الوطنية المصرية الأول بأغتيال أحد أعضائها لزعيم الحزب ورئيس وزراء مصر محمود النقراشى باشا وهو الحادث الذى كانت من تداعياته أغتيال حسن البنا نفسه فيما بعد ، ولعلنا نلاحظ أن مثل هذه الأدعاء بالأصل اليهودى لكثير من الشخصيات الفاعلة فى مجتمعاتها شاعت فى مناخ صعود مشروع الحركة الصهيونية وأقامة دولة أسرائيل على أرض فلسطين وأنها جاءت فى معظمها فى خضم الصراع السياسى و من منطلق أغتيال الشخصية والأزراء بها والحط من قدرها والطعن فى صدق أنتمائها للأمة وأن خالفت مثل هذه الأدعاءات مبدأ راسخ فى العقيدة الاسلامية وهو أن الاسلام يجب ما قبله هذا أن صحت فى الأصل مثل هذه الأدعاءات . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.