تقرير راند حول Building Moderate Muslim Networks1 -2 الغرض من هذه المقدمة بيان خطورة السلوك الاميركي تجاه السودان وغيره من البلدان بذريعة دعم الارهاب. فالحقيقة هي ان الارهاب يتخذ كغطاء لتحقيق المصالح الاستراتيجية الحيوية. ولا يمكن تفسير تلكؤ الادارة الاميريكية في اتخاذ قرار رفع السودان من القائمة الا لتحقيق اجندتها الخاصة التي تستهدف تهيئة المناخ لتطبيق رؤيتها. كثيرون لا يدركون ان قضية رفع السودان من القائمة الاميريكية تنطوي على تعقيدات واجراءات تنطوي على تعقيدات. فالغرب لا يدخر جهداً في دراسة وتحليل الواقع الإسلامي والعربي، مع أنه قد استطاع التمكن من الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على بلدان العالم الإسلامي، بل استطاع أيضا ممارسة دور كبير في التأثير الفكري والتوجيهي في كثير من المجالات العلمية والفكرية.فاكبر برنامج أمريكي للتعاون مع العالم المسلم، وتصيغ المبادرة برامجها على أربعة محاور أساسية : الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والتعليم وتمكين المرأة.لقد تخطت الدراسات الغربية مرحلة الفحص والتحليل للواقع الإسلامي، وعملت عدة مراكز بحثية على البحث عن طرق التأثير والتوجيه على المسلمين، ورسم خطط واقعية وعملية لتنفيذ ذلك على أرض الواقع. كما لا يمكن تفسير ذلك التخوُّف الغربي من العالم الإسلامي بأسباب اقتصادية أو سياسية فحسب، ولكنه الخوف من الإسلام الذي جعل مراكز الأبحاث الغربية تدرك أن الحرب مع المسلمين الآن هي حرب فكرية – حسب تعبيرهم – في المقام الأول، بل ويرون أن المسلمين فيها على درجة من القوة تجعلهم يبدءون حربهم على الإسلام بدءا من الأطراف البعيدة، واتجاهًا إلى القلب الذي يمثِّله العالم العربي.كما لا يرجع هذا التخوُّف من العالم العربي أو من التيارات السلفيَّة على وجه التحديد – كما يشير تقرير (راند) - إلى ضعف التأثير الفكري للغرب في العالم الإسلامي، ولكن لأن المرحلة المقبلة تسعى إلى ممارسة تأثير فكري أكثر عمقاً، يصل إلى حد التغيير والتبديل الكامل، وصولاً إلى صياغة إسلام متوافق مع القيم الغربية، وتابع لها بغير شرط ولا قيد، بل وقابل للتغيير المستمر وفقاً لما يجد من متطلبات ومطالب. أهم هذه التقارير؛ هو التقرير الذي أصدرته مؤسسة (راند) (RAND Corporation) التي اشتق اسمها من اختصار كلمتي "الأبحاث والتطوير"؛ أي (Research and Development) التي يقع مقرها الرئيسي في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وتعتبر أحد أهم المؤسسات الفكرية المؤثرة على صناعة القرار في الإدارة الأميركية الحالية، خاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، ولذلك تميل الإدارة الأميركية الحالية إلى تبنِّي مقترحات مؤسسة (راند)، وهو ما يجعل لإصداراتها أهمية خاصة في هذه المرحلة.وتتبنى هذه المؤسسة وجهة النظر الأكثر تشددًا في مواجهة الإسلام والمسلمين، وبالتالي فهي تدعم التيار المتشدِّد في الحكومة الأمريكية الحالية، وخاصة في أجواء الحملة الأمريكية على الإرهاب. لقد أصدرت مؤسسة (راند) تقريراً عام 2007 يحمل عنوان تكوين (شبكات إسلامية معتدلة)، امتاز هذا التقرير عن التقارير السابقة بأنه موجَّه بطريقة واضحة إلى الحرب العَقَدِيَّة - أو الفكريَّة - حسب التعبير الغربي، وبالتالي فهو لا يحارب الإرهاب المتمثِّل في تنظيم القاعدة أو ما يشابهها، بل يتوجه إلى المسلمين كافة. هذا من جهة ومن جهة أخرى؛ فإن التقرير لم يقف عند حد التَّنظير، وإنما تعدَّى ذلك إلى وضع خطط واقعية ومدعمة بالأسماء والمنظمات المقترحة للتعاون في تطبيق خطة انتقال العالم الإسلامي من الفهم الأصولي أو الوهابي للإسلام إلى الفهم المعتدل، الذي يجعل منظومة القيم الغربية هي المنظومة الحاكمة لمحاولة فهم الدين، بل ومحاولة تبديله ليتوافق معها!! عندما صدر هذا التقرير في عام 2007، أحدث دويًّا في الإعلام العربي، نظراً لجرأته وصراحته وتحديده للأهداف وطرق تطبيقها واقعيًّا، ولكن التعامل مع هذه التقارير يحتاج من أهل العلم والعناية بأحوال هذه الأمة إلى مزيد من التذكير والمتابعة والرصد، وإعادة النظر والاستيعاب، الذي يكافئ ما بُذل فيها من جهد وسنوات من أجل التصدي والتنبيه وإنذار قومهم إذا رجعوا إليهم. وعلى الرغم من ذلك نجد أن المعتدلين ليس لديهم الموارد اللازمة لإنشاء تلك الشبكات بأنفسهم؛ حيث أنها قد تتطلب مساعدات خارجية، ومع خبرة الولاياتالمتحدة الكبيرة التي يعود تاريخها إلى المساعي التي بذلتها أثناء الحرب الباردة لدعم شبكات الأشخاص الملتزمين بالأفكار الحرة والديمقراطية؛ فإن للولايات المتحدة دوراً حاسماً يمكنها أن تلعبه لتهيئة الساحة للمعتدلين. وما نحتاجه في هذه المرحلة-وفق التقرير- هو استخلاص الدروس من تجربة الحرب الباردة ومدى ملاءمتها لوضع العالم الإسلامي الراهن وتقييم فاعلية برامج التزام الحكومة الأمريكية مع العالم الإسلامي وتوفير خارطة طريق لتشييد شبكات للمسلمين الليبراليين والمعتدلين وهذا ما تهدف إليه هذه الدراسة.أما البحث فيما وراء هذه الدراسة؛ فإنه يستند إلى الأعمال السابقة لمؤسسة راند الخاصة بالمسلمين المعتدلين، وبصفة خاصة كتاب "العالم الإسلامي بعد أحداث 11 / 9 - The Muslim World After 9/11" من تأليف أنجيل راباسا وآخرين، وكتاب "الإسلام الديمقراطي المدني - Civil Democratic Islam" من تأليف شيريل بينارد، وبتمويل من منحة قدمتها مؤسسة سميث ريتشاردسون - أُجري هذا البحث في مركز السياسة العامة لمنطقة الشرق الأوسط (CMEPP) التابع لمؤسسة راند، والذي يهدف إلى تحسين السياسة العامة من خلال تزويد صانعي القرار والشعوب ببحث هادف ودقيق حول قضايا السياسة المُهمة التي تؤثر في الشرق الأوسط.ومن خلال معالجة إحدى القضايا الرئيسة المعاصرة - ألا وهي قضية حرب الأفكار في العالم الإسلامي - فإن هذه الدراسة تعد في صميم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة وحلفاؤها، كما أنها تتصل بشكل مباشر بوجهة النظر الخاصة بمؤسسة سميث ريتشاردسون، التي تُفيد بأن على الولاياتالمتحدة أن تستمر في مواجهة التحديات التي تعترض تعزيز النظام الدولي وتطوير المصالح والقيم الخاصة بالولاياتالمتحدة في الخارج، ويجب أن تكون هذه الدراسة قيّمة لأمن المجتمع الوطني والأشخاص المهتمين من عامة الشعب داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، نرحب بتعليقاتكم ونطلب منكم إرسالها إلى المؤلف. دروس مستفادة من الحرب الباردة: تحمل الجهود التي بذلتها واشنطن وحلفاؤها خلال السنوات الأولى من الحرب الباردة للمساعدة في بناء مؤسسات ومنظمات حرة وديمقراطية في طياتها دروسًا مفيدة للحرب العالمية الجارية ضد الإرهاب.فعند بداية الحرب الباردة كان بإمكان الاتحاد السوفيتي الاعتماد ليس فقط على ولاء أحزاب شيوعية قوية بغرب أوروبا، وكان بعضهم من أكبر الأحزاب وأكثرها تنظيمًا داخل دولهم، وكانت على وشك الوصول للسلطة بدلاً من الأحزاب الديمقراطية، وإنما أيضًا على مجموعة من المنظمات (مثل الاتحادات العمالية والمنظمات الشبابية والطلابية) التي منحت العناصر المؤيدة للاتحاد السوفيتي سيطرة فاعلة على قطاعات مهمة في المجتمع.أما خارج أوروبا الغربية فكان من بين حلفاء الاتحاد السوفيتي عدد من "حركات التحرير" التي كانت تناضل للتخلص من الحكم الاستعماري. وعليه تتطلب عملية نجاح سياسة الاحتواء الأمريكية - إلى جانب الدرع العسكري الذي وفرته القوة الأمريكية النووية والتقليدية - بناء مؤسسات ديمقراطية مناظرة لتحدي الهيمنة الشيوعية على المجتمع المدني، وشكلت العلاقة الوثيقة بين الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة وجهودها لإنشاء شبكات تروج للفكر الديمقراطي المكون الرئيسي والعامل الأهم في النجاح العالمي الذي أحرزته سياسة الاحتواء الأمريكية.وبذلك فإنها تمثل نموذجًا لصانعي السياسات في الوقت الراهن. وبدت الولاياتالمتحدة في كل هذه المساعي كالمؤسسة البحثية؛ حيث قامت بتقييم كل المشاريع والأفكار لتحديد ما إذا كانت تخدم مصالح الولاياتالمتحدة، وقامت بدعمها ماديًّا، ثم اتبعت توجهًا يقوم على عدم التدخل، وتركت هذه المنظمات والهيئات بإدارة نفسها وتحقيق أهداف الولاياتالمتحدة دون أي تدخل مباشر من الولاياتالمتحدة، ومثلما الحال مع أي مؤسسة وضعت الحكومة الأمريكية خطوطًا إرشادية بشأن كيفية إنفاق الأموال - إلا أنه بصورة عامة أدرك المسئولون الأمريكيون أنه كلما ابتعدت المسافة بين حكومتهم وبين المؤسسات التي ترعاها؛ كلما زادت احتمالات نجاح أنشطة هذه المنظمات.أما اليوم؛ فتواجه الولاياتالمتحدة تحديات جسيمة في إنشاء شبكات ديمقراطية في العالم الإسلامي، مثلها مثل التحديات التي اعترضت صانعوا السياسة عند بداية الحرب الباردة، وعلى رأسها ثلاث تحديات:الأول: أنه في أواخر الأربعينيات ومطلع الخمسينيات ثار جدال بين واضعي السياسات الأمريكية حول ما إذا كانت جهودهم لبناء الشبكات ينبغي أن تحمل طابعًا هجوميًّا أم دفاعيًّا، وذلك لأن البعض قد رأى أنه يتحتم على الولاياتالمتحدة أن تتبنى استراتيجية هجومية للقضاء على الحكم الشيوعي في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي، من خلال دعم الجماعات التي تريد الإطاحة بالحكومات الشيوعية سواء في السرِّ أو في العلن، بينما رأى البعض أن تنتهج الولاياتالمتحدة إستراتيجية دفاعية ترمي لتدمير الحكم الشيوعي بشرق أوروبا والاتحاد السوفيتي، عن طريق تقديم الدعم - سرًّا أو علنًا - للجماعات القائمة داخل هذه الدول، والساعية بنشاط نحو الإطاحة بالحكومات الشيوعية، بينما آمن البعض الآخر أنه من الضروري اتباع إستراتيجية ذات طابع دفاعي أكبر، تركز على احتواء التهديد السوفيتي، عبر تعزيز القوى الديمقراطية في غرب أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وكانت اليد العليا في الجزء الأكبر للإستراتيجية الدفاعية.وسعت واشنطن أيضًا لتحويل مسار تدفق الأفكار إلى الطريق المعاكس، فبدلاً من تدفق الأفكار الشيوعية على الغرب عبر الاتحاد السوفيتي ومنظماته، تمكنت الأفكار الديمقراطية من اختراق الستار الحديدي من خلال المنشآت الإعلامية المنشأة حديثًا.أما التحدي الثاني الذي واجهه صناع السياسة الأمريكية إبان الحرب الباردة تمثل في الحفاظ على مصداقية الجماعات التي تساندها الولاياتالمتحدة؛ حيث حاول منظمو الجهود الأمريكية لبناء الشبكات الحد بأقصى درجة ممكنة من كل المخاطر التي قد تتعرض لها الجماعات، عن طريق تحجيم المسافة بين هذه الجماعات وحكومة الولاياتالمتحدة، واختيار أفراد بارزين يتمتعون بقدر كبير من المصداقية لتولي مناصب قيادية في الشبكات، ويذكر أن الولاياتالمتحدة قد ساندت أنشطة إنشاء الشبكات التي قامت بها منظمات مستقلة مثل الاتحاد الأمريكي للعمال.أما التحدي الثالث الذي كان يواجهه صناع السياسة الأمريكية هو تحديد مدى اتساع التحالف المناهض للشيوعية. بصورة عامة؛ هناك ثلاثة جوانب واسعة للمقارنة بين بيئة الحرب الباردة والبيئة الراهنة:أولا: واجهت واشنطن في أواخر الأربعينيات كما تواجه اليوم بيئة (جيو/سياسية) جديدة ومحيرة، تنطوي على تهديدات أمنية جديدة؛ ففي بداية الحرب الباردة تمثل التهديد في الحركة الشيوعية العالمية التي قادها الاتحاد السوفيتي المسلح نوويًّا، أما اليوم فيتركز هذا التهديد في حركة جهادية عالمية تشن هجمات إرهابية ضد الغرب، تسقط أعدادًا ضخمة من الضحايا. ,ثانيًا: مثلما الحال في الأربعينيات؛ شهدنا إنشاء كيانات بيروقراطية كبيرة وجديدة تابعة للحكومة الأمريكية، بهدف التصدي لهذه التهديدات.والأخير والأهم في هذا الموضوع: أنه في بدايات الحرب الباردة ساد الإدراك بأن الولاياتالمتحدة وحلفاؤها يخوضون صراعًا أيديولوجيًّا؛ فمن جانبهم أدرك صانعو السياسات جيدًا أن هذا الصراع سيجري خوضه على مستويات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية ونفسية، أما اليوم - وكما اعترفت وزارة الدفاع في تقريرها الربع سنوي أن الولاياتالمتحدة اليوم تقود حربًا على الصعيدين الحربي والفكري - فهي تقود معركة بالأسلحة ومعركة بالأفكار؛ حيث لن تكون الغَلَبَة على الجانب الآخر إلا بتشويه الأيديولوجيات المتطرفة في أعين معتنقيها ومؤيديها. ففي أعقاب هجمات 11 سبتمبر عام 2001 تم توجيه قدر كبير من الموارد والاهتمام لحماية الأمن المادي للمواطنين الأمريكيين والأراضي الأمريكية، في الوقت ذاته وبناءً على إدراك أن مكافحة الإرهاب لا تعني تقديم الإرهابيين للعدالة وتقليص قدرتهم على تنفيذ العمليات فحسب، وإنما جرى أيضًا بذل جهود لتناول "الأسباب الجذرية" للإرهاب، وأوضح تقرير الأمن الوطني الصادر في سبتمبر 2002 أن هناك مبدأ أمني خاص يؤكد على نتائج الأوضاع الداخلية لبعض البلدان خاصة البلدان التي تعاني من انعدام الديمقراطية. إن هذا المبدأ تم التأكيد عليه في السنوات الأخيرة بدءا من تقرير اللجنة حول أحداث 11 سبتمبر إلى خطابات الرئيس بوش وخاصة خطابه الافتتاحي الثاني، وتعد "أجندة الحرية" التي أطلقها الرئيس بوش من "أكبر استراتيجيات" الولاياتالمتحدة في حربها العالمية ضد الإرهاب، ولكن حتى الآن لم يتحقق إجماع بشأن كيفية تحديد ودعم حلفاء الولاياتالمتحدة وشركائها في "حرب الأفكار". وتحديدًا لا يوجد سياسة صريحة من الولاياتالمتحدة تجاه كيفية بناء شبكات إسلامية معتدلة، بالرغم من أن هذا المشروع ماض بالفعل، ولكن كعامل ثانوي في برامج مساعدة الولاياتالمتحدة، وهدفنا من هذا التقرير أن نجعل إنشاء شبكات إسلامية معتدلة هو الهدف الرئيسي لبرنامج حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.