سوف نرقى سلّم المجد رقيّا ونفيضُ العلم ينبوعا روِيّا وننادي بتلاقينا سويّا لنشيد المجد صرحاً أبديّا نحو سودانٍ جديد جماهير شعبنا الظافرة ها قد استدار العام، والزمانُ ليس كهيئته يوم بلغت أزمة نظام المخلوع ذروتها (أو حضيضها، سيان) فكانت الحياة في جحيم الإنقاذ عذابًا لا يُطاق. حينها كان المخلوع سادرًا في الغي والعي يهرف بالأكاذيب وعويش الكلام، وكان لسان حال شعبنا يقول: "يا حاسب سكاتنا رضى أمانة بطوننا ماها غراق". لم يفقه المخلوع وزبانيته قراءة "صمت البراكين قبل انفجار الحمم" فجاءهم تأويله يوم اندلع الثائرون والثائرات من مايرنو والدمازين وعطبرة والفاشر والقضارف يطوون آلام البلاد من أطرافها إيذانًا بانقضاض الشعب على بينان الإنقاذ وبيتها الواهن الذي بنته على الرِّهاب، حتى خرّ على رؤوس ساكنيه، وشجرة المؤتمر الوطني الزقوم، التي طالما زعموا أنها ثابتة الأصل تراجفت كعشبٍ هزيل أمام منجل سلمية الشعب، قبل أن يجتثها من الأرض، مرّة وإلى الأبد. عظيمة هي منجزات ثورة ديسمبر حين نقارن ضحى اليوم بذلك الأمس الدامس الظلام، لكن أكبر مكتسبات ثورة ديسمبر -في رأينا- بلا جدال، هو كونها حررت مارد سلطة الشعب وأطلقته من قمقمه، فإلى جانب رؤوسه الثلاثة؛ الأحزاب السياسية، حركات الكفاح المسلح، ومنظماته المدنيّة (من نقابات ومنظمات حقوقية الخ) التي التأمت في تحالف قوى إعلان الحريّة والتغيير، كان امتياز ثورة ديسمبر، أنّ سلطة الشعب اكتست خلال تخلقها شكلاً آخر وبرز لها رأس جديد عنوانه لجان المقاومة بالأحياء، ذلك الطموح الذي ظل يختمر عبر التجرية السياسية السودانية وسعت لبنائه قواها الديمقراطية في كل المراحل، حتى اشتد عوده وأينع في إهاب ثورة ديسمبر الفتية، هذا المولود الذي يكلم الناس في المهد فيرعب الطغاة ويطيح بالغاصبين، هو بالفعل روح الثورة القدس، وبفضل جليل تماسكه وتضحياته صحّ القول إنّ الثورة نقابة ولجنة حي. فطوبى لهم. قلناها في أحلك الأوقات، ظهر الثورة لا ينحني إلّا ليكون قوسا يصوّب سهامها للبعيد، ونعيدها الآن ونحن نقف أعلى تلة من المكتسبات؛ كنانة الثورة عامرة بالسهام وأهدافها لن تنتهي عند إعلان الحريّة والتغيير حتى لو تحققت بنوده كلها، فالثورة حالة إنسانية يعتمل في جنباتها التوق المتجدد لواقع أفضل، وطموح شعبنا تتجدد خلاياه مع انبلاج كل فجر جديد. سنستمر بدعم السلطة الانتقالية وعقدنا معها إنجاح هذه المرحلة والعبور إلى عهد ديمقراطي زاهٍ وطيد، نشيد بالإيجابيات وننتقد أوجه القصور، فيما سلطة الشعب المستقلة والقاهرة، وعينه التي لا تنام، تحوِّم فوق الجميع. كلُ مشكاة على قدْرِ الزيتِ فيها تضيء، وزيت ثورتنا دماءٌ زكية سكبها شهداؤنا في المعتقلات والشوارع والمستشفيات، على المتاريس وعلى حجور المسعفين، طالهم رصاص الغدر في بيوتهم أمام ذويهم وجيرانهم وفي الأسواق، فمشكاة ثورتنا مترعة بزيت خالص النقاء ولذا سيظل ضوؤها يخلب الأبصار، تتعلّم من سلميّتها الشعوب اليوم في انتفاضاتها في شتى البقاع. لن يتحوّل دم شهدائنا، قبل الحادي عشر من أبريل أو بعده، قبل ديسمبر 2018 أو بعده، إلى ماء أو يُصب زيته في مصباح خائن، ندعم لجان التحقيق في كل الانتهاكات وسنعمل كي تجلب بموجب نتائجها كل من تجرأ على دم هذا الشعب إلى عدالة تشفي القلوب. شهداؤنا نور العالم من يتبعه لا يمشي في الظلمة أبدًا. نصب أعيننا، والبصر اليوم حديد، كثير من المهام، أبرزها تتمه السلطة الانتقالية التي ندعمها بكل سبيل بما في ذلك نقد التباطؤ والأخطاء والهنّات، نستشرف إنهاء الحروب وجلب السلام، سلامٌ مبني على أسس جديدة تعيد صياغة العقد الاجتماعي لا سلام الرشى والمحاصصات، يرافقه العمل المدروس لرفع المعاناة الاقتصادية بما يتجاوزها لبناء دولة غنية قائمة على الإنتاج وتوظيف الميزات النسبية لبلادنا متنوعة الثروات، استكمال الإصلاحات القانونية والتشريعية لدعم وتعزيز الكرامة والحريات، وغير ذلك من أولويات تلح على الحكومة الانتقالية، سنقف منها موقف المراقب الفاعل والعين التي لا تنام حراسة لمصالح شعبنا، لا يمسنا اللغوب. في ذكرى هذه الثورة الفاصلة المجيدة، عودٌ على بدء كما كان عهدنا لجماهير شعبنا ونحن فيهم غريبي الوجه ومجهولي العنوان، أن نواصل المسير رفقة جماهير شعبنا ذوداً عن غاياته ومصالحه العليا، نُصيب دون مَنْ، ونخطئ فنتعلم من شعبنا بلا مكابرة، فقد أدبنا الشعب الطيِّب ونحنا جميعاً دونو أقلّ، بيتنا وساسنا ورفعة راسنا ونحنا حنانو وجنى وجدانو مش لافتات في الإيد ومظلّة. #بناء_المجتمع_السوداني #عام_ثوره_ديسمبر_الاول إعلام التجمع 13 ديسمبر 2019