بعد ليلة الإحتفال الكرنفالي الصاخبة، التي شهدت المضاجعة الجماعية، الكارثية، بين وفد الحمير (باستثناء حمير الوحش) والحصين، عندما سالت مشاعرها وانهمرت من أثر البغُو، بدأت الكلفة تُرفع بين كبير الحصين و شيخ الحمير. وكان من أهم أسباب اندلاق ذلك الود، أن كبير الحصين كان هو من ضاجع إتان الشيخ، في تلك الليلة التي شهدت الفوضى العارمة و ذوبان الحدودُ والفواصل الإجتماعيّة، وتلاشت في ما حوته جرادل المريسة. وبعد إن أنجبت إتانُ شيخ الحمير البغل المُدلل، إبن كبير الحصين، توطدت العلاقة، على غير ما هو متوقع، بين الشيخ والكبير، وتمت المخاواة بين المهر أخ البغل من جهة أبيه والدحشة، أخته من جهة أمه، واتخذ كل منهما الآخر خليلاً، وحبيباً. وقد عزَّزت متانة علاقة البغل المدلل والدحشة بنت إتان الشيخ، وساهمت في توطيد روح الإلفة، بين آبائهم: شيخ الحمير وكبير الحصين، رغم إن ذلك، في حدِّ ذاته، كان يُشكل تنازلاً ما بعده تنازل، ولمحة صارخة من لمحات التواضع الذي اشتهر به و لازم سيرة كبير الحصين. وصار الشيخُ، في المجالس كلها، يتباهي بالعلاقة والنِّديّة بينه وبين الكبير، بحيث صار يلوي عنق الكلام، حتى يفسح فيه مجالاً يسمح بإيراد سيرة الكبير، ويردد، و بانتظام، جملاً على شاكلة: - أنا و الكبير ، الليلة عملنا جنس عمايل! و ضاق كبير الحصين بتمسُّح شيخ الحمير به، ومحاولته لإدراج سيرته والزج بها في كل صغيرة وكبيرة، وفي ما يسوى وما لا يسوى، ولكنه كتم الضيق وكظم الغيظ. وشاءت الأقدار أن هفا قلب الأسد، واشتهت أمعائه لحم الحصين على مائدة الغداء في العرين، في يوم كدرٍ من نهارات موسم الخريف، فاستشار هيئة حُكماء العرين، فأشار إليه الثعلبُ قائلاً: - أرى أن نُجري سباقاً بين الكبير والشيخ، ونستبيح دم، و لحم من يفوز في ذلك السباق... وأخذ الشيخُ الأمر على محمل الجد، ونوى الفوز في السباق، أنتصاراً للكرامة وانعتاقاً من عقدة الإضطهاد و الشعور بالدونية، الذان لازماه منذ ليلة الكرنفال، غيرُ عابيءٍ ولا مدرك لمصيره المحتوم، أن هو فاز في ذلك السباق. واصطفت الحيوانات على جوانب المضمار، وتظاهر كبير الحصين بأنه مصاب بفكك في رجله اليُمنى، وسار بتأني و تؤدة وهو يعرج، و كان ذلك كان كافياً للفت أنتباه الشيخ لخطر الفوز، ولكنه كان حماراً، طبعاً! وبذل أحسن ما عنده، فكلل مسعاهُ بالنجاح، و فاز في السباق. وفي ذلك النهار، غضب الأسدُ المهزول غضباً شديداً من ضياع فرصة إلتهامه لحم كبير الحصين على مائدة الغداء. ولم يستسغ طعم لحم الشيخ الحمار، ولا طعم لحم كبير الثعالب، الذي دفع، هو الآخر، حياته، ثمناً للنصيحة الخائبة، و الرأي البليد! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.