ظل كثير من نخبنا يثيرون حديثا لا سقف له عن قيمتين هما :_( العلمانية) و(الهوية) ... يدور النقاش حولهما ليزيدا من الاحتقان بين عشاق الجدل العقيم ، والاصطفاف غير الرشيد بين البشر الذين يمكن تصنيفهم من حيث الفهم والادراك الى ثلاث فئات حسب رؤية المفكر ابن رشد الاندلسى فى كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" فئة لا يمكن اقناعها الا بالخطابة والخيال والامثلة ، ومعظم الناس ينتمون الى هذه الفئة وفئة ثانية يكون السعى لاقناعها عن طريق الجدل وفئة ثالثة تعتبر هى الأقل عددا تقتنع بالبراهين العقلية. ووفق هذه التصنيفات يضحى مخاطبة الفئة الاولى خطابا يلقى اذانا صاغية .. تحت ادعاء ان العلمانية مناقضة للدين ... ويعتبر فى مجمله حديثا عاطفيا منمقا وهتافيا, و قد يدفع البعض لحمل السلاح .. للدفاع عا يصفونه حماية بيضة العقيدة من كيد الكائدين !!، والمستمع من هذه الفئة لايركن لتحليل منطقى للعلمانية و يصورها بأنها مرادفة للالحاد والكفر البواح، و قد يسعى البعض لتجييش .. المنتمين لها تحت راية حماية الدين... لتدور رحى المواجهات التى تسعد الاعداء. وحين يتجه الحديث نحو التصنيف الثانى التى ينشد الجدل للتوفيق بين العلمانية والدين ، يحتدم النقاش و يأخذ شكلا اكاديميا لتمتلأ صفحات الكتب و تدبج المقالات..بتخريجات عدة تجد اطروحاتها..محفوظة فى رفوف المكتبات كمراجع للباحثين المولعين بالجدل الاكاديمى الذى يطول بلا طائل,,!! و يبقى الحوار مع الصنف الثالث الاقل عددا.. و الذى يكون السعى لاقناعهم بالبراهين العقلية..هو الحوار الذى يفيد ، و يدخل الفكر الدينى فى أطاره الصحيح كمكون رئيس و مسكن هوية لامحيد عنه لمجتمع مستقر . و الصنف الثالث الاقل عددا هو المستهدف.. لترسيخ افكار تبعد من التطرف ، و التعصب الاعمى، و المؤمل ان يتسع عدده، و تنداح رؤاه بين الغالبية الغالبة من ابناء و بنات و طننا الغالى. (2) لا أود الدخول فى تعريفات كثرت حول كلمة العلمانية ، و التى أراها اقرب الى الدنيوية..بمعنى ان تساس أمور الدنيا بعقلانية حسب المعطيات الاجتماعية والسياسية على اساس اننا اعلم بشؤؤن دنيانا دون المساس بجوهر مقاصد الدين. و كما اشار المفكر الراحل نصر حامد ابو زيد فى كتابه ( التفكيرفى زمن التكفير- ضد الجهل والزيف والخرافة-) " قد ان الاوان لكى نناقش مفهوم العلمانية ومفهوم الاسلام معا..و ربما نجد الاسلام دينا علمانيا لو أحسنا الفهم والتدبر". و اذكر سأل الراحل الباحث الجهبوذ عون الشريف عن الاسلام و العلمانية فأجاب بأن للاسلام علمانيته.. ولكن ايضا للجميع الحق القول بأن ليس فى الاسلام كهنوت أوجماعة تدعى انها الناطقة باسم الله.... فكل من اسلم بالله فهو مسلم ..ومقاصد الدين فى الاساس لخير الانسان. و انطلاقا من هذا المفهوم دهشت حين قرأت تصريحا منسوبا للسيد للصادق المهدى يدين فيه عبد العزيز الحلو لمناداته بالعلمانية كشرط لاعادة اللحمة الوطنية لكافة مكونات المجتمع ... و طفت بخيالى...الى كل ما يطرحه الامام الصادق تحت اطار ما اسماه الصحوة الاسلامية... ووجدت العلمانية ذاتها تطل برأسها بشكل جلى، و لكيما أقرب الصورة للقارىء ، أستعرض بشكل سريع ما أورده السيد الصادق فى كتابه ( معالم الفجر الجديد ) الصادر عام 2011 ففى الصفحة 47 و تبيانا لميزات يتميز بها الاسلام.. قال بأن الاسلام ينفرد لأربع ميزات اضافية هى انه: يخاطب الحاجة الروحية والحاجة الاجتماعية ، و أنه يعترف بالمساواة الانسانية، و أنه لا ينتمى لشخص نبيه كما هى حال الملل الاخرى بل لوظيفة التسليم لله حتى أن أهم شعراء الغرب قوته قال اذا كان الاسلام يعنى تسليم الامر لله فكلنا مسلمون!! -- فى مجال الفكر دعا الى فكر اسلامى متحرر من قيود التقليد و من المنهج الصورى فى استنباط الاحكام لمنهج يستلهم العقل ، و المنفعة،و المقاصد ، والالهامٌ...الخ ---عن نظام الحكم اشار الى حكم راشد يحقق الرباعى الحميد :_المشاركة0 والمساءلة- والشفافية و سيادة حكم القانون والتطلع لتحول ديقراطى.. و تكون الدولة مؤسسة بكل المواطنين دون تمييز على اساس الملة أو العرقية أو النوع ,,,الخ---- و دعا الى التوفيق بين الديمقراطية ... والتعددية الثقافية..... ---عن الافتصاد قال ليس فى الاسلام نظام اقتصادى معين بل مبادىء واحكام اهمها التعمير والملكية لله يستخلف عليها الانسان,,و فى مجالات النظام النقدى و مصادر الدخل و الربا و سعر الفائدة اشار الى الضرورة الملحة لاجتهادات جديدة ....، و يأتينى اليقين بأن اطروحات السيد الصادق علمانية تضرب فى علمانية لتخرج بعلمانية تلد علمانية تحمل فى احشائها جنينا علمانيا....فما بال الامام يستنكر على الحلو ما قال و ما يؤمن به ..، فالحلو و من قبله الراحل قرنق لم يطلبا من المسلمين الخروج من دينهم ...بل عدم اتخاذ الدين ستارا ....و اقحام المقدس فى الشأن السياسى يضره .و يقلل من دوره الاساس فى تخليق الحياة العامة و من ناحية ثانية يأتى الحديث عن الهوية ، و كأن فى السودان اقوام اتوا من اصول ارية تدعى النقاء..، رغم ان الحياة من حولنا توضح بأننا نعيش فى رقعة من الارض تختلط فيها الاثنيات و تحدث تغييرات تزيد من التلاحم بين مكونات السكان ، و مما يدهش بأن لا أحد فى عالم اليوم يثير اشكالية حول الهوية، فعلى سبيل المثال كنت قريبا فى كندا التى تعتبر نموذحا فريدا فى ادارة التنوع و يكفى ان اشير لن وزير دفاعها من الهنود السيخ يعمامة السيخ الشهيرة ووزير الهجرة صومالى كندى فى الثلاثينيات من عمره ,, و فى كندا طوائف عدة من جنسيات تتمتع كل جنسية بخصوصايتها الثقافية والاجتماعية و لا أعنى مما ذكرت ان يترك المجتمع بلا قيم، أو ضوابط اخلاقية تنظم علاقات الناس ، فالذى يجمع هذه الجموع مبادىء انسانية يتفق حولها تجعل الحياة هادئة و ميسرة للجميع. و من واقع ما ذكرت يعد الحديث المكرر عن العلمانية و الهوية ( حديث خرافة ) . خرافة كما وصفها الرسول (ًص) كان رجلا من عذرة اسرته الجن فى الجاهلية قمكث معهم دهرا ثم ردوه الى الانس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الاعاجيب ، فقال الناس ( حديث خرافة )،،، و خلق الاحن و الخلافات بين خلق الله بدعوى العلمانية والهوية ....هو من الاعاجيب...الاتية من ملكوت الجن عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.