المتأمل في الحاله السياسيه الراهنه في البلاد ، لابد من أن ينتابه قلق شديد على مآلاتها وأثارها الخطيره للغايه على الوطن السودان . إن أهم ملامح هذه الحاله السياسيه الراهنه ، هو إنعدام الشفافيه ، حيث لا يدري الشعب من هم الذين يمسكون بخيوط مايجري في السودان حاليا" ، هل هو المجلس العسكري مع مكونات أحزاب الهبوط الناعم تحت إشراف قوى دوليه و اقليميه ، أم هم بعض قوى الحريه و التغيير ، أم هم أعضاء تجمع المهنيين ، أم لا هذا و لا ذاك و إنما تنظيم سري آخر لا علم للشعب به . ثاني هذه الملامح هو الطريقه التي تدير بها الجبهة الثوريه مفاوضاتها بعيدا" عن قوى الحرية و التغيير و المسارات الجديده التي ابتدعوها بخلق مسارات لم تكن موجوده أصلا" في كل مفاوضاتهم السابقه مع النظام البائد ، مثل مسار الشمال و الوسط و الشرق ، و ذلك كله في ظل تنسيق مع أجهزة المخابرات المصريه التي استضافت اجتماعاتهم في مرسى علم على البحر الأحمر و تنسيق مع الإمارات و ثالث هذه الملامح حالة الضعف الشديد التي تنتاب كل الأحزاب السياسيه الموجوده و هي حالة ضعف لا تؤهلها للقيام بدورها المطلوب لإنجاح هذه الفترة الإنتقاليه و تحقيق أهداف الثوره . فهذه الأحزاب متشرذمه متفرقه ليس فيها أي ممارسات ديموقراطيه ، و ينفرد زعمائها بإتخاذ قرارات خطيره دون الرجوع إلى جماهيرها لأخذ رأيها ، و العجيب في الأمر أن هذه الجماهير التي اقتلعت نظام الإنقاذ العتيد ، فشلت حتى الآن في القيام بثوره داخل أحزابها لإحداث التغيير المطلوب في قياداتها التي عفا عليها الزمن و برامجها و طريقة إدارتها . رابع هذه الملامح يتمثل في القنبله الموقوته المسماه الدعم السريع . الملامح التي أشرت إليها بإيجاز آنفا" ، هي التي تشكل مصادر الخطر الذي يتهدد الثوره و الفترة الإنتقاليه و يمهد إما لتمزق و إنهيار الدوله السودانيه أو التمهيد لفترة جديده من الدكتاتوريه . يزيد من تلك المخاوف الإقصاء المتطرف لقوى مؤثره في الساحه السياسيه تنتمي للإسلام السياسي و هي قوى رغما" عن أنها كانت في يوم من الأيام جزءا" من النظام السابق إلآ أنها انشقت عنه و شكلت معارضه له ، و على رأس تلك القوى شخصيات مثل الدكتور الطيب زين العابدين و الدكتور حسن مكي و التيجاني عبد القادر و المحجوب عبد السلام و غيرهم ، و هذه القوى شئنا أم أبينا لها وجودها القوي في الساحه السياسيه و يجب إتاحة الفرصه لها للمشاركه في تنفيذ برامج الفترة الإنتقاليه . و عطفا" على هذه النقطه ، لا يحسبن أحد أن قانون تفكيك النظام كفيل بالقضاء على قوى الإسلام السياسي ، فهي تستطيع إعادة إنتاج نفسها بأشكال جديده و بأساليب جديده لأن الفكره موجوده في عقول آلاف الناس و الصراع ( 2 ) مع تلك القوى لن يجدي معه إغلاق الصحف و مصادرة دورها و مؤسساتها ، و إنما يجدى معه فقط الصراع الفكري و تنوير الناس بكل صبر و تأني . من المهم جدا" السماح لهذه القوى العمل جهارا" نهارا" ، لأن البديل لذلك هو العمل السري الذي ستستفيد منه الجماعات الإرهابيه المتطرفه أيما استفاده . المطلوب الآن حتى تستقيم الثوره في طريقها ، أولا" أن تمارس قوى الحرية و التغيير الدور الذي موكول لها بكل شفافيه و نزاهة و التركيز على كيفية إنجاز برنامج الثوره دون الإلتفاف للمحاصصه و الغيره السياسيه ، و على جماهير أعضاء قوى الحرية و التغيير مباشرة ضغط مستمر على قادتهم الذين يمثلونهم في قوى الحرية و هذا مناط أيضا" بقوى المهنيين العماد الأساسي لهذا الحراك الثوري . و المطلوب ثانيا" إستيعاب جماهير المناطق الثلاث دارفور ، جنوب كردفان و جنوب النيل الأزرق لتشكل ضغط على قادة الحركات المسلحه لإجبارهم على وضع السلاح و الإكتفاء بالعمل السياسي وفقا" لإتفاقية سلام تعالج جذور الأزمه وفقا" لرؤية شعوب تلك المناطق ، و ليس وفقا" لرؤية قادتها الذين قد يكونوا تحت تأثير قوى عالمية أو اقليميه لا تريد أن ترى سودان مستقر ديموقراطي . و مطلوب ثالثا" من جماهير الأحزاب يمينا" و يسارا" أن تتخلى عن سلبيتها التي جعلت من يقودهم يقودهم فقط لتحقيق مصالحهم الخاصه . على تلك الجماهير أن تبدأ بالثوره من القاعده حتى القمه لإختيار قاده يمثلون مصالحهم و طموحاتهم المتمثله في الحريه و العداله و السلام و التنميه المستدامه . و مطلوب رابعا" معالجة أمر القوات النظاميه و قوات الدعم السريع و قوات الحركات المسلحه بكل حكمه و حنكه للوصول إلى قوات موحده ذات عقيدة واحده لا تشوبها أي تأثيرات سياسيه أو ايدلوجيه ، و يجب إتخاذ كل السبل لمنع تلك القوات من أن تمارس الحكم مرة" أخرى و ذلك بعدم التساهل أو التسامح مع أي مجموعات سيسيه داخلها تشرع في إستغلال تلك القوات لتحقيق أهدافها للوصول إلى السلطه . على جماهير شعبنا الشروع فورا" في إعادة النشاط النقابي و الإسراع في عقد الجمعيات العموميه لإنتخاب قادة العمل النقابي الذين سيطلعون بقيادة عضويتها و الدفاع عن مصالحها بالتوازن مع مصلحة الوطن .و ينبغي أيضا" على النساء و الشباب إعادة إحياء تنظيماتهم بعيدا" عن الحزبيه الضيقه و الإلتفاف حول برنامج وطني عريض لمصلحة قضاياهم و قضايا الوطن الكبرى . و أخيرا" يجب عدم ترك أمر إدارة الفترة الإنتقاليه لمجموعات ثوريه ينطبق عليها المثل القائل ( جات تكحلها عمتها ) لابد من الإستعانه بحكماء الوطن و هم كثر ليكونوا خلف تلك المجموعات الثوريه بخبراتهم و حنكتهم و نزاهة مقصدهم . المحامي / احمد صلاح الدين عووضه عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.