للأسف جاءت نتيجة مباراة كأس "صفقة القرن" كما هو متوقع تماماً، لصالح الفريق "الإسراميركي" ضد الفريق "الفلسعربي" .. وما بين مهرجانات الفرحة التي ستعم لاعبي ومشجعي الفريق الفائز، سيتبادلون الانخاب، ويهنئون بعضهم البعض. سيعود لاعبو وأنصار الفريق الخاسر بالخيبة وصيحات التنديد والشجب والشكوى المتشنجة ل"طوب الأرض"، ولمنصة ضيوف الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سيتوالى مندوبي دولها على منصة المايكرفون يطيّبون خاطر المهزومين بما تجود به قرائحهم من كلمات باردة بمواصفات ماء الوضوء لا لون لها ولا طعم ولا رائحة .. فلكلٍ مشاكله وهمومه. ألم يكن هذا هو الحال منذ أن شرع الصهاينة في تنفيذ مخططهم تحت بصر أمة العرب قبل أكثر من قرن؟. ألم يظلّ هذا هو الحال، واليهود يؤسسون دولتهم وفق خطط مدروسة، ويطردون أهل الأرض، ويحاصرون من بقي منهم في كانتونات، تُفتح أبوابها وتُغلق بإرادة المحتل؟. ألم يظل الحال هكذا، وأهل الأرض منقسمون، بين فصائل منشغلة بالحروب الطاحنة بين بعضها، أكثر من حروبهم ضد من يحتل أرضهم؟. ألم تكن استراتيجية المقاومة ترتكز على الشجب والتنديد والتهديد والشكوى دائماً، في مواجهة صباح كل اغتصاب للأرض، وقتلٍ لأهلها، وسجنهم، وطردهم وإذلالهم؟. (2) وإذا كنا نتحدث عن المقاومة المسلحة بمختلف مسمياتها، فإن ذلك لا يعني أنك تعفي "السلطة الشرعية" السلمية في رام الله، من مسؤولية هذه السيولة في مقاومة الاحتلال، بل إن مسؤوليتها أكبر، باعتبارها السلطة المعترف بها دوليّاً، وهي بذلك المسؤولة أمام العالم عن ما يحدث في الأرض المحتلة. إلا أن اعتمادهذه السلطة شبه الكامل على القوى خارج الأرض في سياساتها، يفقدها أهم ورقة بيدها، وهي: الشعب الفلسطيني في الداخل، وعلى الأرض.. ولا يخدعنك ما يبديه الشعب الفلسطيني من مقاومة، وما يقدمه من تضحيات في ذلك القطاع، فإنه يفعل ذلك بقوة الدفع الذاتي، لا فضل لقيادته فيها. وبالتالي هو يتعرض للتنكيل الصهيوني مكشوفاً ، بلا غطاء من سلطة تحميه، أو تخفف من ثقل الآلة القمعية الاسرائيلية المتوحشة عليه. ويستوي في ذلك من يحمل السلاح في غزة، ومن يحمل هتاف حنجرته في رام الله. كلاهما يقاوم مكشوف الظهر، ويتلقى الضربات القاتلة من المغتصب في صدره بشجاعة. ولا تدري كيف لهم أن يستصرخوا اخوتهم العرب!!. فالقادة العرب في شغل عن فلسطين والقدس وتحريرها، باستعباد شعوبهم وإذلالها ونهب ثرواتها. وما فلسطين والقدس الشريف سوى أداة يستخدمونها لمصادرة حرية شعوبهم وتجويعها: فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة لتحرير فلسطين والقدس الشريف من دنس الصهاينة!!. (3) والآن أعلن ترامب نتيجة مناقصة "صفقة القرن" التي استقر مزادها، وفازت به إسرائيل. وأيضاً كما كان متوقعاً!. ورغم أن الصفقة كانت تطبخ في حديقة عامة، وتم الإعلان عنها، والترويج لها منذ أكثر من عام، إلا أنهم كالعادة فوجئوا بها، وكأنها هبطت مثلما تهبط الصاعقة بغتة من السماء. بالطبع لم يعدوا الخطط لإجهاضها من قبل. فكيف كانت ردة فعلهم؟. هل سارعوا إلى نبذ خلافاتهم لتتوحد إرادتهم وسواعدهم لمواجهة تحديات وتداعيات الحلقة ما قبل الأخيرة لاستيلاء إسرائيل على كامل فلسطين؟. هذا ما يفترضه العقل بداهة، ولا يحتاج إلى عبقرية استثنائية، أو دراسات استراتيجية متعمقة. فالمنطق يقول: أن التناقضات الثانوية بين المجتمعات تذوب، أو تؤجل، لتتوحد الصفوق لطرد الغازي المستعمِر المحتل، وبعد خروجه وتحرير أرضهم، فليتفرغوا بعدها لإدارة صراعاتهم الداخلية. أما و"رئيس" البلد المحتل نفسه (والإسمو رئيس)، لا يستطيع أن يغادر وطنه إلا بإذن وتأشيرة دخول وخروج من المحتل!. فعلى أي سلطة إذن يتصارع هؤلاء الزعماء/ الرؤساء؟!!. لقد وقعت الواقعة الآن: فكيف كانت ردة فعلهم ؟. إنها ذات الخطب الطنانّة، الشاجبة/ المنددة/ المهددة/ المتوعدة المعهودة. وقال الزعيم الحمساوي بثقة يحسد عليها: لقد قلت لعباس أن الصفقة ولدت ميتة!. كيف؟ وبيد من هي ميتة؟. هو لم يكشف ولم يوضح. وأغلب الظن أنه يتحدث عن سلاح تنظيمه منفرداً. وسنرى لاحقاً – في حلقة قادمة – فعالية سلاحه هذا، بأثر رجعي، بالعودة لما كنا قد سطرناه في مقال عام 2014. لنعرف نتيجة قتله المزمع للصفقة في عامنا هذا 2020. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.