جاء الرئيس الألماني وقد حُفت سويعات زيارته للسودان بكل ما هو جميل وخليق بأهله وثورتهم المجيدة. وإنبجست من مكامن القنوط علي وقع زيارة الضيف الكبير آمال عراض، علّ السودان يجد في ألمانيا خير عوض لسنين الانقطاع المقيت عن العالم الخارجي. لم يكن يستأهل هذا الشعب الكريم القسوة الدولية التي شدته من شحمة أذنه حتي غامت الدنيا في عينيه بسبب خطاب انتشي أصحابه بسلطة اغتصبوها ليلا مؤملين أن يفتح الله لهم دول "الكفر" نهارا. وما دروا أن العلاقات الدولية لا تحفل بأصول أديان الأمم ومللهم ونحلهم بقدر ما تنزع لتبادل المصالح وفق قنوات دبلوماسية تتجلى فيها إنسانية البشر وتتسامي علي تلك الاختلافات. النشوة والحبور التي اعتلت هامات رواد منصات التواصل الاجتماعي بمقدم الضيف الميمون، أخذت البعض مأخذا بعيدا من التندر لا يراعي حساسية تركيب فترة الإنتقال. فالنكتة التي تم تداولها عبر الوسائط حول أن (البرهان عندما كان عليه أن يستقبل الرئيس الزائر قال شكرا حمدوك)...مثل هذه النكات تؤسس لنوع من الجفاء بين مكونات فترة الإنتقال. فلا هي لطيفة تحمل إشارات ذكية في مضمونها كالنكات السياسية العميقة المغزى لتحرك الوجدان والفهوم ، ولا هي بناءة بحيث تعمل علي تعزيز شراكة بين مكونين يختلفان في أنماط التفكير والبناء النفسي... فقد أوجدتهما ما يمكن تسميته استعارةً من الأستاذ الراحل محمد أبوالقاسم حاج حمد (جدلية التركيب) في سدة قيادة الفترة الإنتقالية وهو تركيب ارتضي به الفرقاء السودانيون كخيار امثل للمضي بهذه الفترة الحرجة لبر الأمان، ضمن خيارات منزوعة من خارج سياقات العالم الثالث ومفارقة لروحه لتقديم تجربة في الانتقال بين أجسام لا توحدها إلا وحدة المصير وضرورة حقن الدماء ووقف الاستقطاب. وهي بَعدُ بعضُ عبقريات ما تبقي لأهل السودان من رصانة ونباهة. إن مثل هذه النكات علي سذاجتها، توغر الصدور بالحزازات، وتعمق اخاديد الجفوة بين ذينك المكونين اللذين اجتمعا بجدلية تركيب واهٍ ليحفظ الله بها هذه البلاد من تغول أصحاب السطوة والقوة والسلاح، ليكونوا جزءا من التحول الكبير الذي ينتظره أهل هذه البلاد واجيالهم القادمة، وترقبه الدول المجاورة ليكون نموذجا يُحتذى في الانتقال المعقد ضمن ظروف عالمثالثية ، لذلك كله ينعقد الرجاء ان تُحفظ أساسيات الشراكة كمكسب يجب البناء عليه. لا هدمه بنكات مستفزة حمقاء تدفع بالبناء الانتقالي الي شفا الإنهيار لتكون النتيجة وبالا علي الجميع. خاتمةٌ لا توصية : إن من يلهجون بالشكر لشخص واحد وحيد، يغمطون من هو خليق بالشكر حقاً . فلا أخال أن السيد حمدوك ببخيل ليشكر الشعب السوداني بأن مَنّ عليه حتي صيّره حمدوك. كما لا أخاله رجلاً فَدِماً بعيداً عن الفطنة ليدرك أن مثل تلك النكات تُؤسس لهدم ما يسعي هو شخصياً لبنائه .. وطنٌ يليق بكل تلك التضحيات التي قدمها شهداء هذه الثورة ليردد مع الجميع (شكرا للشهداء).