بعيداً عن تعقيدات المصطلحات الأقتصادية المقعرة و الغامضة, نقول أن الحل لأزمتنا الأقتصادية المتوارثة منذ أن تركنا الانجليز, يكمن في التقشف بالتخلي عن القمح و الاعتماد في غذائنا على الذرة والمحاصيل المحلية بدعم الانتاج الزراعي و الحيواني , فبينما نحن نتجادل ونتلاوم عن فشل هذا الوزير واخفاق ذاك الوكيل يمر الوقت مرور السيف على الرقاب, فالموسم الزراعي على الأبواب ولاندري ماذا اعددنا لأهم المواسم انتاجاً, لا وزير المال والاقتصاد ولا مسؤول التجارة و الصناعة يمكنهما ان يقدما حلولاً للوضع المأزوم ما لم تكون هنالك شفافية و وضوح في العلاقة بين الراعي و الرعية. حمدوك بوصفه خبير في الاقتصاد الزراعي عليه وضع خطة نصف سنوية لخريف هذا العام, تشمل كل مناطق الزراعة المطرية في القضارف و كردفان و دارفور والمروية في الجزيرة و الشمالية, يستورد لها أكبر عدد من التراكتورات والمحاريث والحاصادات و طائرات الرش, ويبرم تعاقدات وشراكات عادلة ومنصفة ومشجعة بين المزارعين من جانب والحكومة من الجانب الآخر, دعونا نستشعر التوافق والانسجام المفقود لسنوات طويلة بين مؤسسات الدولة و المواطنين المنتجين, لا تضيعوا وقتاً في الاستهلاك التنظيري البيروقراطي العقيم. على وزراة التجارة ايقاف استيراد كماليات الحياة مثل الاناتيك وكريمات ومساحيق التجميل والأقمشة و الملابس الصينية غير ذات الجودة والسيارات المستعملة عدا الشاحنات والبصات و الحافلات, و اعتماد استيراد الأدوية المنقذة للحياة غير المصنعة محلياً و آليات الانتاج الزراعي والأسمدة و الأدوية البيطرية, والعمل باسترايتجية اقتصادية تهدف للوصول إلى الاكتفاء الذاتي في السودان من كل المنتجات الزراعية والحيوانية في مدة أقصاها نهاية الفترة الانتقالية. على خبيرنا الزراعي و رئيس حكومتنا الثورية الالتفات الى سكان ضفاف النيلين الأبيض و الازرق و نهر النيل بتوفير وابوارت ضخ المياه لمزارعي البصل والأعلاف والبرسيم وحثهم على زيادة الانتاج بأقصى طاقة لديهم من خلال خلق شراكة حقيقية معهم, والتوسع في انتاج المانجو بابي جبيهة بالاكثار في عدد حدائق هذه السلعة المنافسة اقليمياً تمهيداً لتصديرها الى السوق الخليجية, واختيارنا لأبي جبيهة جاء نسبة لقربها من الطريق الواصل بين الأبيض – الخرطوم – بورتسودان,اضافة لإنعاش زراعة و تصدير الموز المنتج بسنار و الفواكه الأخرى القادمة من النيل الأرزق. أما قطاع الثروة الحيوانية فيعتبر من القاطاعات التي لم تجد الاهتمام المطلوب, من جميع الحكومات المتعاقبة وأهمل إهمالاً منقطع النظير, فالشريط الممتد عبر جغرافيا السافنا الغنية يحتضن أعداد مهولة من رؤوس الأبقار و الماعز و الضأن, و الرعاة الرحل المالكين لهذه الثروة الكبيرة لم يجدوا من الأنظمة السابقة أبسط حقوقهم كمنتجين يقومون بتربية ورعاية وصيانة هذه الثروة القومية, ومعاناتهم تشمل الارهاق و التعب والعنت والسير وراء الماشية مسافات طويلة لايصالها الى سوق المويلح بغربي امدرمان, زد على ذلك نقص العناية البيطرية و قصور خدماتها في أماكن ترحال هؤلاء الرعاة , طيلة السنوات الستين الماضية لم تعمل الحكومات على توطين رعاة البقر و الابل و الغنم, ولم تقم ببناء السدود المحلية لحجز مياه الأمطار المنحدرة من السهول ومرتفعات الجبال وتخزينها لسقاية الماشية في فصل الصيف, ناهيك عن الفشل المستمر في تقديم الخدمات الصحية و التعليمية للرحل و أبنائهم. على سكان المدن المستهلكين وغير المنتجين أن يعتمدوا على القراصة و الكسرة و العصيدة في طعامهم تماشياً مع سياسة التقشف المفترضة, ففي الدول الراسخة اقتصادياً هنالك اهتمام كبير بالمواطن المنتج لأنه يمثل عماد الاقتصاد الوطني لبلاده, أما في مثل حالنا الذي لا نحسد عليه فتجد المستهلك العاطل هو من تقوم الدولة بالصرف عليه من عرق جبين المنتج ومن دمه, وهذه المعادلة المختلة يجب أن يعالج خللها بدعم الانتاج و المنتجين كأولوية, ثم بعد ذلك الألتفات إلى ذلك الشاب السمين والضخم الجثة عضو لجان المقاومة, الذي تحدث كثيراً في شيئين لا ثالث لهما هما الدقيق والخبز أمام وزير التجارة, بصوت ثوري جهور كأنما ثورة ديسمبر لم تتفجر إلا لأجل هذا الدقيق الأبيض الملعون. إسماعيل عبد الله عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.