أصعب انواع المقالات كتابة، تلك التي تسبح عكس تيار الرأى العام .. و انا أخاطر الآن و اسبح عكس تيار سدّ النهضة .. و اعرض خارج زفّته. حيث تبنى الرأى العام السوداني شعباً و حكومة سابقة و حالية موقفاً مقارباً لاثيوبيا في كل الاحوال.. أن ينبع ذلك من حكومة الانقاذ فالسبب معلوم، فقد فرَّطت من قبل في الارض و العرض و الشعب ثم الماء .. اما حكومة الثورة فلنا أن نسأل وزيرنا للري بروف ياسر عباس : هل حقا ستبدأ اثيوبيا ملء و تشغيل سدّ النهضة كما اعلنت ، و قبل ان توقع اتفاقاً مكتوباً مع حكومتنا ؟ أهذا ما اسمه سيادة نحن بها فرحون؟ هل يعقل أن أثيوبيا ستبدأ بعد أقل من اربعة أشهر ملء السدّ و نحن لا نكف عن التصفيق لها .. و لا نسأل و أين حقوقنا المكتوبة ؟ ماذا اذا قالت لنا اشتروا الماء كما الكهرباء و ان شئتم الطمي؟ و انا هنا أستخدم الضمير "نا" و ليس " هم" لانني لأغراض هذا المقال و حتى يكون تفكيرنا منطقيا مبنياً على مصلحة السودان الخالصة بعيداً عن اي عواطف أو مرارات، سافترض ان نهر النيل ينتهي بوادي حلفا.. كم تبلغ سنوات ملء بحيرة السد ؟ سنتين ؟ ثلاثة ؟ سبعة؟ عشرة؟ معقولة بس؟ اقل من اربعة اشهر و حتى الان لا نعرف ؟ ألا يحتاج الامر لتدابير مسبقة لمعرفة هل سنُفرِّغ خزاناتنا ككل عام ام سنحبسها؟ و كم نصيبنا من الكهرباء ؟ بكم ستبيعه لنا اثيوبيا ؟ ..لعقودٍ و نحن فالحون في الحديث عن اجحاف اتفاق تقسيم المياه قولاً .. غير اننا عاجزون فعلاً في استغلال كامل حصتنا ال 18م م م حيث 7م م م منها تذهب لمصر تبرعاً او للبحر الابيض المتوسط هدراً.. فهل سنكرر نفس الشئ ؟ ام نتفق مع اثيوبيا لتبادلنا المنافع بالمنافع ؟ و لا يكون ذلك باتفاق اذعان. ان كنت تعشم يا عزيز/تي في كهرباء اثيوبيا التي سيوفرها سدّ النهضة بدون ان يكون هناك اتفاق ملزم و مكتوب "قبل" و أشدد على كلمة قبل بدء ملء السدّ ، أسمح لي ان اقول لك ان هذا اسمه" احلام ظلوط" و اوهام و وعود. ذلك أن اي اتفاق يوقع بعد بدء الملء اسمه اذعان. أن كانت حكومتنا حريصة على حقوقنا فيجب أن تُضِّمن حقوقنا في اتفاق دولى مكتوب و مشهود مسبقاً.. ستقول لي الامر ليس سائباً و هناك قانون دولي لتقسيم المياه.. أقول لك و هل التزمت اثيوبيا ابتداءاً بالمواثيق الدولية و شاورت السودان قبل توقيع عقد التنفيذ مع الشركة الايطالية؟ مصالح الدول تدار بحسابات الفرص و المهددات لا العواطف و المرارات. فبعد ستين عاما من بناء السدّ العالي يبدو اننا لم نتعلم الدرس.. من اجل عيون مصر و عبد الناصر سمحنا بتهجير اهل حلفا باتفاق مجحف، والآن نكرر ذات الخطأ ب" اللا اتفاق" محمولين على العواطف و من اجل عيون ابي احمد و شعبه أو ربما نكاية في المصريين و ليتنا نفعل ذلك لنعالج قِسمة سبقت نعتبرها ضيزى لقنا هلم الى المراجعة .. و لكن ان كنا دقسنا في المرة الاولي بسبب الجنرال عبود الذي لم يلوي ذراعه احد، فما بالنا اليوم؟ و الحكم مدنياً؟ وجود السدّ على بُعد أقل من 20 كلم من الحدود السودانية يجعله قنبلة .. باركها المخلوع عمر البشير دون ان يسأل و لماذا ليس على بُعد 200 كلم داخل الحدود الاثيوبية ؟ ببساطة حتى لا تغرق مدنهم في حالة انهيار السد -لا قدر الله- قضاء و قدراً كان او بفعل فاعل.. و زاد من الطين بللاً أن السعة التخزينية لسدّ النهضة هي 74 م م م و ذلك يعادل مرة و نصف ضعف ايراد النيل الازرق نفسه الذي يبلغ 48 م م م .. يقول الخبراء ليس هناك خزان في كل العالم سعته اعلى من ايراد نهره الا ان يكون في ذات الدولة.. ببساطة تخيّل ان بلف التحكم في صنبور المياه عندك لدى الجيران؟ و ذلك حديث فات اوانه .. فقد فرّط في حقوقنا المخلوع و نهض الآن سدّ النهضة. . و ليس لنا أن نسأل وزير الري هل أخذت اثيوبيا بتوصيات لجنة الخبراء الدولية في التشييد ام لا ؟ الآن آخر ما بقي لنا هو السباق مع الزمن للاتفاق مع اثيوبيا قبل ان يصبح أمر الملء و التشغيل واقعاً .. بالتفاوض المباشر ، عبر وسطاء عبر الاتحاد الافريقي او عبر ايقاد .. لا يهم .فالحديث ليس عن الهوية..انما عن البقاء .. لابد من تسريع التوقيع قبل بدء التشغيل .. و علينا ان ننسى حساباتنا العاطفية المبنية على رئيس الوزراء ابي احمد .. يجب وضع احتمالات ان يأت على حُكم اثيوبيا غداً صقوراً لا حمائم.. ماذا اذا انتخبوا غد يهوذا بن فلاشا؟ ثم اذا كان وزير خارجية رجل السلام ابيّ احمد الحاصل على نوبل يقول : الارض ارضنا و المياه مياهنا، فماذا سيقول المسيح الدجال؟ https://www.facebook.com/Lubna.Ahmed عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.