محمد سياد بري ظل رئيسا لصومال وعلي عبدالله صالح نظيره السابق في اليمن, كلاهما قدم من خلفية عسكرية, إلا أن بري كان أكثر علما وخبرة من صالح، وقد تم خلع أحدهم من خلال تمرد مسلح كما كان الحال مع حاكم الصومال، أو من خلال حراك شعبي سياسي حدث في اليمن عام 2011 استفاد منه خصوم حاكم اليمن ودفعه لتخلي عن السلطة فيما بعد، والجدير بالذكر أن كلاهما تشبتا بالبقاء في الحكم لطول فترة ممكنة، أستمر حكم بري 21 عاما وقابل ذلك 33 عاما من حكم صالح. سياد بري عمل مع جيوش استعمارية ممثلة بالإيطالي والإنجليزي, حيث خدم كلا الإداراتين, في حين أن صالح لم يخدم في خارج إطار إدارة غير يمنية، والشطر الجغرافي من اليمن والذي انحدر منه، لم يخضع للاستعمار الأجنبي في ظل حياة صالح، بينما سياد بري تدرج ما بين الجيش الاستعماري الإيطالي والصومالي فيما بعد لفترة طويلة واكتسب الخبرة مقارنة مع صالح. الصومالي بلغ رتبة لواء لطول الخدمة في الشرطة والجيش وتقلد مناصب عسكرية عديدة, حيث كان بالرتبة ذاتها في عام 1969 حين قام بالانقلاب وتقلد منصب قائد الجيش، ولم يحدث أن نال ترقية عسكرية أعلى من بعد وصوله إلى السلطة، بل أن نائبه محمد علي سامتر بلغ رتبة الفريق، في حين لم يتجاوز علي عبدالله صالح رتبة مقدم في الجيش وصولا إلى موعد بلوغه الحكم، والمسؤوليات العسكرية التي تقلدها كانت محدودة وأبرزها كقائد عسكري لمحافظة تعز في الجمهورية العربية اليمنية, وصولا إلى موعد استيلائه على الحكم من خلال تدبير انقلاب دموي مع مرؤسيه على الرئيس إبراهيم محمد الحمدي في عام 1977، ثم بلغ الحكم في عام 1978 وهو برتبة مقدم، ومن ثم ترقى كعقيد عقيد وصولا إلى رتبة المشير. الرئيس الصومالي السابق نال قدر كبير من التعليم العسكري الأكاديمي من قبل الإداراتين البريطانية والإيطالية في كل من كينيا، ومن ثم في إيطاليا, وكان يجيد الإيطالية والإنجليزية والسواحلية بطلاقة. في حين نال الرئيس اليمني قدرا متواضع من التعليم العسكري في داخل اليمن، وخلال فترة قصيرة من عمر المملكة المتوكلية اليمنية وذلك قبل سقوطها في عام 1962, وقد نال بعد تقلده الرئاسة على دورات توعية وتثقيف من قبل مدرسين وخبراء عرب. وعلى الصعيد السياسي أسس سياد بري الحزب الاشتراكي الثوري الصومالي في عام 1976 والذي أتخذ أيديولوجيا سياسية وفكرية واضحة الملامح ممثلة بالماركسية اللنينية، بينما أسس علي عبدالله صالح حزب المؤتمر الشعبي العام في عام 1982 وهو جبهة وطنية تشكلت من قوى سياسية بعثية,ناصرية, ليبرالية, إسلام سياسي وقوى اجتماعية تقليدية ممثلة بشيوخ القبائل ورجال المال، وهو مؤتمر التناقضات الذي جمعه برنامج حزبي مهلهل وفضفاض, وذلك على شاكلة عضويته، وكان وجه الشبه بين الحزبين أن كلاهما كان خاضعا لسلطة أمينه العام. على صعيد الكاريزما كان الرئيس سياد بري متمتع باستقلالية سياسية مكنته من حرية اتخاذ القرار بمعزل عن الإملاءات الخارجية وظل ذلك ماثلا خلال مرحلة تحالفه مع السوفيت،الإيطاليين،الأمريكيين وعرب الخليج، أما الرئيس علي عبدالله لم يوفق في إلافلات من السيطرة الإقليمية عليه ممثلة بالقبضة والتي لازمته لحين رحيله عن الرئاسة، ويمكن الإشارة إلى أنهما كان وراء بناء الدولة الحديثة في الصومال واليمن، ولا شك أن مرد ذلك طول فترة الحكم التي تسنت لهم، وبفعل الحروب التي خاضها كلا البلدين لم يتسنى أن يحققا الكثير من حاجات الدولة الحديثة. على المستوى السياسي لم يكن سياد بري يجنح إلى ممارسة الاغتيالات تجاه خصومه السياسيين رغم كل الدماء التي تسبب فيها خلال حكمه، رغم قدرته على ذلك، وكان أسلوبه المفضل سجنهم أو وضعهم تحث الإقامة الجبرية، مقارنة مع علي عبدالله صالح والذي بدأ عهد حكمه باغتيال الرئيس إبراهيم محمد الحمدي وأخيه عبدالله في عام 1977، وذكر معارضيه سلسلة اغتيالاته لخصومه السياسيين، حتى في ظل دولة الوحدة، ناهيك عن ذلك فإن كل منهم لجأ إلى إستخدام القبائل كادوات سياسية وزجوا بها في الحكم والصراعات السياسية التي خاضوها. على صعيد الفساد كان كلاهما فاسدين، مع إختلاف أساليبهم، سياد بري كان يفسد رجاله لا سيما في المرحلة الأخيرة من حكمه، أكان بالمال والمناصب، بهدف السيطرة عليهم أو تحييدهم، إلا أنه لم يعرف عنه ولع شديد بجمع الثروة خاصة خارج البلاد، ولم يترك أرصدة مالية بإسمه، وفي المقابل كان يتصرف بمقدرات الصومال كرهن لسياسته. وبالمقارنة كان علي عبدالله صالح، حريصا على جمع المال وراكم ثروة ضخمة تم الإشارة من قبل الأممالمتحدة ذاتها، وكتب كثيرا عن أمثلاكه شركات ومشاريع تجارية واقتصادية في ألمانيا،إثيوبيا وغيرها، ووجود شراكة بينه وبين رجال أعمال يمنيين شكلوا كغطاء لإخفاء ثروته المنهوبة. حاكم الصومال السابق لم يمنح فرصة لتحقيق تسوية سياسية مع خصومه وتم خلعه بقوة السلاح وطرده إلى خارج االصومال، رغم وساطات مصر وإيطاليا، أما نظيره اليمني أستطاع أن يجد لذاته وحزبه تسوية سياسية بفعل قوته، ونالوا من خلالها نصف حصة السلطة, كما نال شرف ممارسة المواطنة والمشاركة في الحياة السياسية، وهو ما لم يتوفر لحاكم الصومال، فتم إخراجه من مقر حكمه عنوتا، ثم كان ذلك مرة أخرى حيث طرد من الصومال نحو كينيا، وحدث عام 1995 إعادة جثته من نيجيريا إلى موطن قبيلته في محافظة جيدو. إلا أن صالح ظل متشبتا بالسلطة وهو خارج الحكم من خلال رئاسة حزبه الحاكم، وسيطرته على مال اليمن ورجاله، وظل يحكم إلا أن إنتهى إلى شر قتلة على أيادي الحوثيين، والذين صادروا جثته وحزبه والدولة التي سلمها لهم، وبذلك أسدل الستار على دولة اليمن، التي أراد أن لا يحكمها أحدا من بعده، وبحكم الجغرافيا كان محظوظا، إلا أنه لم يستفيد إيجابيا من وساطات جيرانه والمجتمع الدولي. خالد حسن يوسف عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.