عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. تأمُلات ما انفكت حكومة الثورة تخيب آمال مختلف فئات الثوار الذين ضحوا بكل ما يملكون من أجل تغيير شامل وجذري بعد خراب الأعوام العجاف. بالطبع لم يتوقع أي عاقل أن تتحقق التطلعات بين عشية وضحاها، ولا أن تنخفض الأسعار وتتوفر السلع، أو يُقدم العلاج والتعليم المجانيين منذ الأشهر الأولى. بل على العكس فقد حاولنا تهيئة الناس لأشهر صعبة في أعقاب تشكيل حكومة الثورة. لكن ما لم يخطر على البال هو هذا التهاون والتقاعس الذي تتعامل به حكومتنا مع الكثير جداً من الملفات الهامة والحيوية. لو وضعت الحكومة الإنتقالية الأسس السليمة التي يمكن أن يتم البناء عليها لتحقيق تطلعات الثوار لحفزنا بعضنا على أن ( نلوك أطناناً من الصبر). إلا أنهم يكتفون بالوعود والعبارات الرنانة دون أن يرى الناس عملاً ثورياً مطمئناً. على الصعيد الشخصي خُذلت في أمور عديدة منذ الأيام الأولى لهذه الحكومة. أولها هو ملف الإعلام الذي كتبت عنه كثيراً. وثانيها هو التعامل السيء والمجحف مع الضباط الذين دعموا الثوار أيام الإعتصام. فقد توقعت أيامها أن يُعاد كل العسكريين الذين أوقفوا عن الخدمة بسبب مواقفهم المشرفة، وذهبت لأبعد من التوقعات بالمطالبة بترقية أولئك الشرفاء. لكن المؤسف أننا لم نسمع عن إعادة أي مفصول، مثلما لم تفكر حكومة الثورة في الإستفادة من خبرات بعض من أحيلوا للتقاعد خلال سنوات حكم الطاغية. وبين هؤلاء وأؤلئك من لا يزالون في أعمار تسمح لهم بالعودة للعمل بكفاءة عالية. وما أحوج القوات النظامية لأهل الكفاءة. فلماذا يتجاهل العسكريون في مجلس السيادة هذه الفئة! ألم تعبروا غير مرة عن رغبتكم في دعم الحكومة وتأمين العبور الآمن للفترة الإنتقالية !! فكيف يكون هذا الدعم وأنتم تصرون على إبعاد كل من وقف موقفاً مشرفاً خلال أيام الإعتصام!!! وثمة فئة أخرى من ضباط الشرطة تشعر بالظلم والتجاهل. أعني حملة درجتي الماجستير والدكتوراة من ضباط الصف والجنود. فبعض هؤلاء يرون أنهم قد بذلوا جهوداً كبيرة على المستوى الأكاديمي وحصلوا على الشهادات العليا على أمل أن تعينهم في ترقية أنفسهم مهنياً. وقد تلقت هذه الفئة تحديداً وعداً من مدير عام الشرطة في 29/9/2019بترفيعهم. لكن المؤسف أن ذلك لم يحدث. لا تم تقييم درجاتهم العلمية ولا رُفعوا لرتب أعلى، بالرغم من أن المدير العام قد وعدهم بتحقيق ذلك خلال شهر واحد من تاريخه. كان الهدف أن تتم الإستفادة من خبراتهم وتجاربهم العلمية في مختلف المؤسسات الشرطية التعليمية مثل جامعة الرباط الوطني، أكاديمية الشرطة، كلية علوم الشرطة ومعاهد الشرطة المختلفة. ولأن حكومتنا تعودت على سن القوانين التي تظل حبراً على الورق، وإطلاق الوعود السراب، فقد جدد مدير عام الشرطة وعده بعد كل تلك الأشهر الطويلة التي مضت على الوعد الأول. ففي لقاء تم بدار الشرطة قبل شهرين تجدد وعد ترفيع هذه الفئة من ضباط الصف والجنود، لكن لم تُتخذ أي خطوة عملية في اتجاه تحقيق هذا الوعد. تاريخياً عُرفت القوات النظامية ورجالها في مختلف بلدان العالم بأنهم الأكثر إنضباطاً وأنهم يفعلون أكثر مما يتكلمون. لكن في حالة حكومتنا فالوضع مختلف جداً. ما زلنا نسمع كلاماً من المكون العسكري في السلطة ووعوداً وعبارات معسولة عن حرصهم على الشراكة ورغبتهم الأكيدة في تحويل شعارات الثورة لواقع ملموس، دون أن تعكس أفعالهم ذلك. إن فشلتم في خدمة قطاعاتكم التي تنتمون لها فكيف تريدوننا أن نثق في دعمكم للمدنيين!! وكيف لأهم شعارات الثورة أن الثورة أن يتحقق بعد أن وقفتم حجر عثرة أمام اختيار الشخصيات المصادمة لأهم منصب عدلي في البلد!! قبل يومين أيضاً خُذلت في وزير المالية حين سمعته يتحدث عبر قناة النيل الأزرق في واحدة من (جلسات السمر) التي اعتادت عليها بعض المذيعات (المتحولات أيدولوجياً). قال دكتور البدوي كلاماً سليماً حول ضرورة تناول الناس لقضايا الإقتصاد بفهم علمي مؤسس، بدلاً من التنظير غير المسنود بالمعرفة. لكن ما لم يعجبني هو تصريح الوزير بأنه لا يستطيع أن يركز على الإنتاج في الوقت الحالي بسبب عدم توفر النقد الأجنبي. ذكر أنه لا يملك نحو 300 مليون دولار يحتاجها قطاع الموانيء، وإن توفرت فهناك أوجه صرف أكثر الحاحاً. وهنا لا بد أن نسأل الدكتور: ماذا عن الأموال والممتلكات والأراضي المهولة التي تؤكد لجنة التفكيك وإزالة التمكين كل خميس عن تحويلها لوزارة المالية؟! وماذا عن مداخيل الذهب ومطار الخرطوم، وإلى متى ستُجنب هذه الأموال وكأننا لا رحنا ولا جينا؟! وماذا عن أموال جنيه حمدوك وحملة القومة للسودان؟! وماذا عن المؤسسات العملاقة الرابحة الخاصة بالمنظومة الدفاعية، ومتى سيصبح دخل هذه المنظومة جزءاً من مالية الدولة؟ ! كل هذا متاح، وأنت تشكو من قلة ا لفئران في وزارتك يا دكتور؟ ! لم أتطرق لمليارات الدولارات التي هربها لصوص نظام (الساقط) البشير للخارج لتستفيد منها اقتصاديات بلدان أخرى بإعتبار أن عملية استرداد الأموال من الخارج تتطلب زمناً أطول.