عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. تمهيد: تهدف هذه الدراسه الموجزه الى الرد على دعوى مناهضه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لعلاقه الانتماء الافريقيه، والتى يروج لها اغلب – وليس جميع - انصار مذهب الافريقانيه ، نتيجه لتضمن هذه المذهب جمله من الافتراضات الخاطئه –واهمها الفهم الخاطىْ لمضمون علاقتى الانتماء الافريقيه " والتى هى فى الاصل علاقه انتماء جغرافى- قارى"، والعربيه" ذات المضمون اللغوى – غير العرقى" ، بافتراضه ان الاصل فى الاولى انها علاقه انتماء اجتماعيه – حضاريه، فضلا عن اعطاءها مدلول عرقى " من خلال خلطه بين مصطلحى افريقى وحامى" زنجى"، وافتراضه ان علاقه الانتماء العربيه ذات مضمون عرقى - وبهذا يقع هذا المذهب فى ذات الخطاْ الذى وقع فيه المذهب النقيض له ، وهو مذهب " العصبيه العرقيه العربيه "، الذى يفهم علاقه الانتماء العربيه ، طبقا لمعيار عرقى موروث من الاطوار القبليه السابقه، على الطور القومى " طور الامه " ، والذى معيار الانتماء اليه لغوى – غير عرقى- كما اشرنا علاه- فمضمون علاقه الانتماء العربيه للشخصيه السودانيه – طبقا لهذا المعيار- ان اللغه العربيه هى اللغه القوميه المشتركه لكل الجماعات القبليه والشعوبيه السودانيه، بصرف النظر عن اصولها العرقيه ، ولهجاتها القبليه ولغاتها الشعوبيه الخاصه. وياخذ هذا الرد شكل بيان ان الزعيم الراحل - وعلى النقيض تماما من هذه الدعوى- قد اتخذ موقفا ايجابيا من علاقه الانتماء الافريقيه على المستويين النظري والعملي ، وبيان المنطلقات النظريه لهذا الموقف الايجابى،واهمها تقرير العلاقه التكامليه بين علاقتى الانتماء العربيه والافريقيه ، من خلال تجريدهما من المدلول العرقى . تعريف مذهب الافريقانيه : يستخدم مصطلح " الافريقانيه " بدلالات متعددة ، ونستخدمه في هذه الدراسة للدلالة على العديد من المذاهب التي تنطلق من إيديولوجيات مختلفة - لدرجه التناقض- " ماركسيه، ليبراليه"علمانيه"، قبليه وشعوبيه " انفصاليه "، وحتى مذاهب ينسبها أصحابها للدين ..." لكنها تخلص إلى ذات النتيجة "الخاطئة"، وهى أن الأصل في علاقة الانتماء الافريقيه ، للشخصيات العامة الحضارية المتعددة، للأمم والشعوب القاطنة في قاره إفريقيا ، انها علاقة انتماء اجتماعيه - حضاريه . وجه الخطأ في النتيجه : ووجه الخطأ في هذه النتيجة أن لعلاقة الانتماء الافريقيه مضمونين: مضمون رئيسي وهو مضمون جغرافي قاري ، وهذا يعنى أن الأصل فيها هو كونها علاقة انتماء جغرافيه - قارية ، ومضمون ثانوى وهو مضمون اجتماعي - حضاري ، اى وجود قيم اجتماعيه وحضاريه مشتركه بين الأمم والشعوب القاطنة في أفريقيا، لكن هذه القيم المشتركه لم ترقى الى درجه وجود وحده اجتماعيه - حضاريه بين هذه الامم والشعوب. افتراضات خاطئة: ويترتب على هذه النتيجة " الخاطئة " عدد من الافتراضات الخاطئة أيضا ومنها: المطابقة بين مصطلحي افريقى وحامى "زنجى": وهو ما يتناقض مع حقيقة أن الجنس الحامي (الزنجي) يتوزع في كل قارات العالم – فى اغلب حول خط الاستواء- كما أن قارة إفريقيا تضم بالاضافه إلى الحاميين، والحاميين- الساميين (كالسودانيين"او اغلب الجماعات القبليه والشعوبيه السودانيه " والارتريين والصوماليين والإثيوبيين...)، والسامين (كشعوب العربية شمال القارة)،وحتى بعض الآريين ( ومنهم بعض الأوربيين الذين استوطنوا في جنوب إفريقيا وغيرها...)، أما تقسيم سكان أفريقيا إلى محليين ووافدين ، لتبرير هذا التنوع العرقي في أفريقيا، فهو لا يصح إلا في حاله الحديث عن بعض الأوربيين الذين استوطنوا جنوب القارة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فان الشعب المصري الافريقى الانتماء الجغرافي، رغم انه لا ينتمي إلى الجنس الحامي، فهو محصله اختلاط الشعب المصري القديم (الفرعوني)(السامي) مع العرب (الساميين)، فان جذوره ترجع إلى اكثر من أربعه ألف عام . تقرير علاقة الانتماء الافريقيه يقتضى الغاء علاقات الانتماء الأخرى: فهو يقتضى مثلا إلغاء علاقة الانتماء القومية "العربية" للشعوب العربية المسلمة القاطنة في إفريقيا – وخاصة الشعوب التي تشكلت - من ناحية عرقيه من خلال اختلاط العرب مع جماعات قبليه وشعوبيه غير عربيه – سواء كانت حاميه او ساميه - حاميه - كالسودانيين والصوماليين والارتريين والجيبوتيين...في حين أن علاقة الانتماء العربية ذات مضمون لساني - حضاري غير عرقي،فمضمونها أن اللغة العربية هي اللغة المشتركة بين الجماعات القبلية والشعوبية لهذه الشعوب بصرف النظر عن أصولها العرقية، أو لهجاتها القبلية ولغاتها الشعوبية الخاصة .كما يقتضى تقرير علاقه الانتماء الافريقيه إلغاء علاقة الانتماء الدينية " الاسلاميه " لهذه الشعوب ، في حين أن علاقة الانتماء الاسلاميه ذات مضمون ديني- حضاري ، و تعنى أن الإسلام لا يقتصر على الإسلام كدين، بل يمتد فيشمل الإسلام كحضارة، وبالتالي فانه أذا كان الإسلام كدين يقتصر على المسلمين من هذه الشعوب ،فانه كحضارة يشمل المسلمين وغير المسلمين من هذه الشعوب، فهو مصدر لكثير من القيم الحضارية للشخصية العامة الحضارية "الوطنية" "المسلمة وغير المسلمة" لهذه الشعوب . من التحرر من الاستعمار ومقاومه التغريب والوحده الى النقيض: وهنا يجب الاشاره الى ان هذا المذهب اخذ- فى اغلب الاحيان - فى بدايته شكل ايديولوجيه تهدف الى تحرير قاره افريقيا من كافه اشكال الاستعمار،ومقاومه التغريب وفرض مفاهيم وقيم وقواعد الحضاره الغربيه على شعوبها واممها،تحقيق الوحده الافريقيه،وتحقيق العداله الاجتماعيه ،وذلك بالتضامن مع حركات التحرر القومى والوطنى من الاستعمار، ومنها حركه التحرر القومى العربى من الاستعمار بقياده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.ولكنها تحولت لاحقا – فى بعض احيان – الى ايديولوجيه تخدم - موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتيه لانصارها - غايات استعماريه. ويلزم منها موضوعيا التغريب ، بدعوتها الى اقتلاع العديد من الشخصيات الحضاريه ، من بعض علاقات انتماءها " كدعوتها الى اقتلاع الشخصيه الحضاريه العربيه للشعوب العربيه القاطنه فى افريقيامن من علاقات انتمائها العربيه والاسلاميه " . ويلزم منها - ايضا موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتيه لانصارها – نزوع انفصالى. كما دعمت –بوعى او بدون وعى- ربط القاره بالنظام الاقتصادى الراسمالى العالمى ومؤسساته الدوليه "كالبنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمه التجاره العالميه ".واختلقت عداء مع القوميه العربيه – ذات الطابع المستنير- نتيجه لخلطها بينهما وبين مذهب العصبيه القبليه العربيه ،والذى هو افراز التخلف الاجتماعى ، واحد اسباب استمراره. وجاء هذا التحول فى مذهب الافريقانيه نتيجه لاسباب متعدده ، منها اعتباره ان المدلول العرقى لعلاقه الانتماء الافريقيه مدلول اساسى لها. الخلط بين مذهب العصبية القبلية العربية و القومية العربية كعلاقه انتماء وكمذهب سياسى: كما يخلط هذا المذهب بين مذهب العصبية القبلية العربية والقومية العربية كعلاقه انتماء وكمذهب سياسى ، بينما مذهب العصبيه القبليه العربيه هو مذهب يفهم علاقه الانتماء العربيه ، طبقا لمعيار عرقى موروث من الاطوار القبليه السابقه، على الطور القومى " طور الامه " . بينما القوميه العربيه كعلاقة انتماء إلى الامه العربية.اما القوميه العربيه كمذهب سياسى فهى مذاهب متعدده تنطلق من اقرار علاقه الانتماء القوميه للامه العربيه، لكنها تختلف فى تحديد طبيعه هذه العلاقه، فضلا عن اختلافها فى كثير من القضايا الفكريه والسياسيه والاقتصاديه... الموقف الايجابى للزعيم الراحل من علاقه الانتماء الافريقيه: أولا : المستوى النظري: فعلى المستوى النظري نجد أن الوثائق النظرية الاساسيه ، التى ساهم فى صياغتها الزعيم جمال عبد الناصر قد اتخذت موقفا ايجابيا من علاقة الانتماء الافريقيه : إقرار علاقة الانتماء الافريقيه: حيث أقرت هذه الوثائق علاقة الانتماء الافريقيه للشعوب العربية التي تعيش في قارة إفريقيا(بالاضافه إلى علاقات الانتماء الأخرى كعلاقات الانتماء العربية والاسلاميه)،ورد في ميثاق العمل الوطني ( إن شعبنا ينتمي إلى القارتين" إفريقيا وآسيا" اللتين تدور فيهما الآن أعظم معارك التحرير الوطني وهو أبرز سمات القرن العشرين) ، و ( إن شعبنا يعيش على الباب الشمالي الشرقي لإفريقيا المناضلة ،وهو لا يستطيع أن يعيش فى عزله عن تطورها السياسى والاجتماعي والاقتصادي..). رفض التمييز العنصري: كما رفضت هذه الوثائق التمييز العنصري الذى يضمر اتخاذ موقف سلبي من علاقة الانتماء الافريقيه ، ورد في ميثاق العمل الوطني ( إن إصرار شعبنا على مقاومة التميز العنصري هو إدراك سليم للمغزى الحقيقي لسياسة التمييز العنصري..إن الاستعمار فى واقع أمره هو سيطرة تتعرض لها الشعوب من الأجنبي بقصد تمكينه من استغلال ثرواتها وجهدها..وليس التمييز العنصري إلا لونًا من ألوان استغلال ثروات الشعوب وجهدها..فإن التمييز بين الناس على أساس اللون هو تمهيد للتفرقة بين قيمة جهودهم.). الجمع بين الوحدة الافريقيه والوحده العربيه: كما دعت هذه الوثائق إلى تحقيق الوحدة الافريقيه، التي هي ترجمه سياسيه لعلاقة الانتماء الافريقيه المشتركة بين المجتمعات الافريقيه ،ورد في ميثاق العمل الوطني (إذا كان شعبنا يؤمن بوحدة عربية فهو يؤمن بجامعة إفريقية ويؤمن بتضامن آسيوي - إفريقي). التحرر من الاستعمار وعدم الانحياز: كما دعت هذه الوثائق إلى تحالف شعوب العالم الثالث _ومن ضمنها الشعوب الافريقيه- ضمن منظمه عدم الانحياز،بهدف تحقيق تحرر هذه الشعوب من الاستعمار،وضمان استقلالها السياسى والاقتصادي،ورد في ميثاق العمل الوطني ( إن شعبنا الذى ساهم بكل إخلاص فى أعمال مؤتمر باندونج " إبريل1955" وإنجاحه ،والذى شارك فى أعمال الأممالمتحدة ،وحاول عن طريق هذه الاداة الدولية العظيمة دفع الخطر عن السلام اثبت شجاعة في الإيمان بالسلام ..لقد تكلم من باندونج مع غيره من دول آسيا وإفريقيا نفس اللغة التي تكلم بها أمام الكبار الأقوياء في الأممالمتحدة). ثانيا: المستوى العملي : أما على المستوى العملي فقد ترجمت المواقف الايجابية لمصر في عهد الزعيم جمال عبد الناصر من حركه التحرر الافريقى من الاستعمار، هذا الموقف الايجابي من علاقة الانتماء الافريقيه : فقد ساندت مصر حينها كل حركات التحرير الإفريقية في شرق القارة( الصومال وكينيا وأوغندا وتنزانيا)،وغربها( غانا وغينيا ونيجريا)،ووسطها(الكونغو"زائير")، وجنوبها(روديسيا وانجولا وموزمبيق). وتقديرا لهذا الدور اطلق عليه زعماء افريقيا لقب " ابو افريقيا". كما فتحت مصر حينها أبوابها للاجئين من الزعماء السياسيين الافارقه. ولعب الإعلام المصري حينها دورًا كبيرًا مؤثرًا في مساندة حركات التحرر في إفريقيا. كما كان لمصر حينها دور فاعل في قيام منظمة الوحدة الإفريقية وصدور ميثاق"منظمة الوحدة الإفريقية".25 مايو 1963، وقد أجمعت كل الدول الإفريقية على عقد المؤتمر الثاني للمنظمة بالقاهرة ،تقديرًا للدور الذى بذلته مصر من أجل قيام منظمة الوحدة الأفريقية.واستضافت مصر هذا المؤتمر فى 18 يوليو 1964 ....(عبد الناصر وأفريقيا..زعيم قاد قارة /صبري غنيم . ثورة يوليو 1952 وأفريقيا/ د.السعيد البدوي). المنطلقات: ويستند هذا الموقف الايجابي من علاقة الانتماء الافريقيه إلى عدد من المنطلقات هي: اولويه المدلول الجغرافي-القارى لعلاقه الانتماء الافريقيه: فرغم تعدد مدلولات علاقة الانتماء الافريقيه، فان المدلول الاساسى لها هو المدلول الجغرافي- القارى، أما مدلولاتها الأخرى (كالمدلول العرقي والاجتماعي...) فهي غير منكوره، لكنها غير أساسيه ، بل تابعه لمدلولها الجغرافي. المضمون اللساني غير العرقي لعلاقه الانتماء العربيه: اما علاقة الانتماء العربية هفي علاقة انتماء قومي الى الامه العربيه ، وهى ذات المضمون لساني –حضاري، وليست علاقة انتماء عرقي. الانتماء المتعدد والعلاقه التكامليه بين علاقات الانتماء الافريقيه والعربيه والاسلاميه: أن الشخصية الحضاريه للشعوب العربيه القاطنه فى قاره افريقيا ذات علاقات انتماء متعددة، وان العلاقة بينها علاقة تكامل لا تناقض، وبالتالي ليس هناك تناقض بين علاقة الانتماء الافريقيه ذات المضمون الاصلى الجغرافي- القاري، وعلاقة الانتماء العربية ذات المضمون اللغوى غير العرقى ، وعلاقة الانتماء الاسلاميه ذات المضمون الدينى - الحضاري. الشكل الكونفدرالى للوحدة الافريقيه : أن إفريقيا ليست وحده اجتماعيه واحده ( أمه )، وبالتالي فان تحقيق الوحدة الافريقيه لا يمكن أن يتم من خلال السعي لإنشاء دوله بسيطة أو إتحاديه( فيدرالية)تضم كل دول إفريقيا ، بل من خلال السعي لإنشاء هيئات مشتركه بين الأمم والشعوب الافريقيه، تنوب عنها في ممارسه بعض السلطات الداخلية والخارجية،وهو ما عبر عنه في الفكر السياسى الحديث بالدولة التعاهديه( الكونفدراليه)..وتأكيدا لما سبق فانه عندما طالب بعض القادة الأفارقة ، بقيام حكومة اتحادية تجمع كل دول إفريقيا ، في المؤتمر الثاني لمنظمة الوحدة الافريقيه بالقاهرة عام 1964.. قال عبد الناصر أن البداية يجب أن تكون حول بحل المشاكل الإفريقية/الإفريقية (وأهمها مشاكل النزاعات الحدودية )، و القضاء على التخلف ، بالتعاون وتبادل الخبرات بين الدول الافريقيه، وتوحيد الدول الافريقيه لسياساتها التجارية مع الغرب . - للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com.