عندما توقفت العربة لأجراء المعاملات الهجرية في الحدود بن رواندا و بوروندي، تقدم مني رجل فارع الطول وسيم في سمرة، عرف نفسه بانه السفير ساليناس، جاء مبعوثا للترحيب بنا و اكمال معاملتنا، شكرناه، اكتملت المعاملات وصحبنا في الطريق الخالي وهو يصعد ويهبط، السحاب الخفيف يداعب حواف زجاج السيارة ويخفي عنك بهاء السماء. الخضرة اليانعة تكسو كل شي فلا تبين لك ارض، نبدأ في الهبوط، ننحرف قليلا فاستوقف السائق برهة، نترجل نتملى الجمال الباهر، نحن الآن على ارتفاع الاف الاقدام. عند السفح ترقد بحيرة تنجانيكا التي تمتد بين زامبيا و تنزانيا و الكنغو الديمقراطية و بوروندي، ترقد مدينة بوجومبورا عاصمة بوروندي عند حافتها الشمالية الشرقية، يستوقفك المنظر، جمال لا يشبه اي جمال، بينك و المدينة تمر السحب و تمطر، وترى البروق تتلوى و الرعد يرزم، كله اسفل منك، تحت قدميك. رواندا وبوروندي صورتان متطابقتان، قسمهما الإستعمار البلجيكي فاصبحتا دولتين، سكانهما التوتسي و الهوتو و التوا، لغتهم الفرنسية و الكيروندي، يعملون بجد في الزراعة و الرعي، يبدو ان الطبيعة هنا أكثر سخاءاً فالوجوه اكثر نضارة و تعلوها ابتسامة متفائلة، النساء أكثر أناقة ودلالاً، يتزين بالذهب، كنساء المشرق، الرجال في الزي الافرنجي كاملاً. بوجومبورا، صغيرة نسبياً، اول ما يلفت انتباهك الشوارع الواسعة ذات المسارين و بينهما جزيرة ذات اشجار مثمرة و عشب مشذب ترعاه ايدي مدربة، السوق مزدهرة، كل البضائع ذات ماركات اوروبية شهيرة، بيير كارادان، قوشي، قالوشي، كالفن كلين وغيرها. اتخذنا فندق منبع النيل نزلاً، بوروندي تجادل أن اقصى خط تقسيم مياه للنيل يقع في اراضيها وان اول قطرة ماء تتجه من الجنوب للشمال لتكون ماء النيل تبدأ من ارضها، عشرة دول تتنازع في حصص مياه النيل و دولتان تتنازعان في منبعه، عجيب امرك ايها النيل. التجوال و التسكع يعطيك معرفة بالمكان، الناس مرحون، يتناولون طعاهم في الفنادق و المطاعم، لفت نظر مرافقي الى أن طعامهم من اسماك البحيرة من اشهى ما اكلت، قال: نساؤهم أجمل ما رأيت، أضمرت حديثه وتأملت، جمال لا يوصف ولا ازيد. خوف الفتنة و خوف تأويله. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.