"عيد ومطرة " .. أمنية جالت بخاطري يوم أن حددت موعد إجازتي السنوية قبل عدة أشهر لتتزامن مع عيد الأضحى المبارك ، وقبل أن تطفو "كورونا" إلى السطح وتتمدد في الجو فتخنق حركة الطيران وتغلق كل منافذ السفر . صباح اليوم هاتفت أهلي بود السيد/ القضارف، مهنئا بالعيد ، فوجدتهم في فرحتين .. "معيدين وممطورين" .. في انتظار أن تخف قليلا "سارية تبقبق للصباح ما انفشت " ، ليلحقوا بالصلاة في المسجد .. إذن أمطرت ولم نحضر .. وما أكثر من لم يحضروا العيد بين أهلهم وإن تفاوتت الأسباب .. وما أكثر ما سال من أحبار وما نظم من أشعار في تعداد الأسباب التي باعدت بين الأحباب في العيد . لا تذكر الأشعار التي نظمت عن الأعياد .. إلا و حضر أبو الطيب المتنبي - مالئ الدنيا وشاغل الناس - بقوافيه الشرد السائرات: عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيدا دونها بيد في زمن "كورونا" والتباعد الاجتماعي ، تثب أبيات المتنبي الجبال وتخوض البحار ، لتكتسب مساحات إضافية ، في وجدان الملايين الذين كانوا يمنون أنفسهم بحضور العيد بين الأهل والأحباب قبل أن تتقطع بهم السبل ، وتتبخر أحلامهم في السفر ، ولم يبق لهم غير استعادة ذكرى أعياد فائتة ، أو اطلاق العنان لخيالهم فيعيشون للحظات بين أهلهم يصافحون وجوههم ويتبادلون التهاني بالعيد، ريثما يصحون مرة أخرى على حقيقة البحار والمحيطات التي تفصلهم عن أحبابهم . شاعرنا محمد عوض الكريم القرشي ، عاش تجربة فقد الأحبة في العيد ، عندما وجد نفسه سجينا بين جدران مستشفى الخرطوم - في الزمن الجميل - محروما من باقة الزهور ومن طلة البدور التي اعتاد عليها مع إشراقة كل صباح قبل أن يفتقدها طيلة عطلة العيد : عدت ياعيدي بدون زهور وين قمرنا وين البدور غابوا عني سجنوني داخل قصور قالوا عيان لشفاك ندور وإن كان المتنبي يأسف لبعده عن الأحبة في العيد .. وود القرشي يفتقد القمر والبدور .. فإن الحاردلو شاعر البطانة الأشهر ، آثر قرب الأحبة في العيد غير آبه بما يجره ذلك عليه من لوم ، عاذرا في الوقت ذاته "ناس عبدالله" شقيقه وإن لم يعذروه : الزول السمح فات الكبار والقدرو كان شافوهو ناس عبدالله كانوا يعذرو السبب الحماني العيد هناك أحضرو درديق الشبيكي البنتو في سدرو وعلى خطى شاعر البطانة الأشهر ، مشى عكير الدامر ، مضحيا برفقة أصحابه في يوم العيد : الناس عيدت مرقت على أصحابها وأنا فريت على الجاهلة السمح ترحابها فاطراً يحكي براق البدودي سحابها لفت قلبي زي لف طرحتها اللافحابها عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
