بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة الثالثة تناول المعلّق في الحلقة الأولي بعض المحاور المذكورة في مقدّمتها وسيواصل بعضاً من المحاور في هذه الحلقة وننصح القارئ الكريم بالرجوع لبداية الحلقة الأولي لقراءة المحاور المقصودة وقد كرهنا إعادتها خوف الإطالة. من أجل خلق وطن معافي سنحاول أن نقنع صنفين من الفاعلين: الصنف الأول يسعى للوصول للسلطة من غير الطريق الديمقراطي، والذي يكون الوصول للسلطة فيه عبر الانتخابات. وصنفٌ آخر امتلك السلطة ولا يود أن يسمح للأخرين بامتلاكها. وسنستخدم طريقة عقلانية شبيهة بالطريقة التي استخدمها (هوبز) للانتقال من الحالة الطبيعية للمجتمع إلى حالة يسودها حكم القانون. والحالة الطبيعية حسب وصف (هوبز ) لها: تكون قصيرة وحشية كريهة ....إلخ، لا يأمن الإنسان فيها على حياته في أي لحظة، ففي كل لحظة يمكن أن يُعتدى على حياته. ولذلك عقلاء الناس يفضلون أن يعيشوا حياة يأمنون فيها على حياتهم وممتلكاتهم. وطريقة الإقناع تكون عن طريق مصلحة الفاعلين والعقل يقتضي المحافظة عليها. وهذه الطريقة الطريقة تختلف عن طريقة المشاعر الأخلاقية والدينية، وتختلف عن طريقة القانون والجزاء العقابي لأنه لا يوجد في المجتمع مبادئ أخلاقية أو دينية أو قانون يحكمها ولذلك فهي حالة بدائية أقرب للفوضى والهدف من تغييرها أن تتحول إلى حالة يسودها القانون والنظام. الفئة الأولى تقول أن رؤيتها وبرنامجها أفضل من أي رؤية أخرى منافسة، وأن برنامجها يحقق تقدم ومصلحة البلاد، ولكنها لن تصل للسلطة لتحقيقها، عبر الانتخابات، لأن الناخبين لن يصوتوا لها وينتخبوها لعدم وعيهم بمصالحهم، ولتضليل المنافسين لها لهم، أو لولاءتهم القبلية والطائفية والعرقية أو المذهبية والأيدولوجية الضيقة. إذن فلا سبيل لهم للوصول للسلطة عن طريق الانتخابات الديمقراطية. نقول لهذه الفئة أن السبيل للسلطة هو عدم العجلة والسعي لتثقيف المواطنين وتوعيتهم، فإذا لم تكسبوا تأييدهم اليوم، فقد تكسبوا تأييدهم غداً، ونقول لهم أيضاً أنّ التعليم باستمرار يقلل من قبضة الولاءات التقليدية. فإذا لم يقتنعوا نقول لهم إن الناخبين كبار وراشدين فدعوهم يتحملوا مسؤولية خياراتهم، ويتعلموا من تجاربهم ولا ينبغي أن تكونوا أوصياء عليهم. ونقول لهم ماذا سيحدث لو أنّ أطرافاً أخري لها رؤية مختلفة عنكم، واتخذوا نفس الطريقة والأسلوب؟ أمّا الفئة الثانية فهي التي ملكت القوة والسلطة ولا تريد أن تعطي المعارضين فرصة عبر الانتخابات، وقد يكون السبب في ذلك أنها تريد الاحتفاظ بالسلطة لمصالحها الشخصية، وقد يكون السبب أنها ترى نفسها أفضل من يحكم البلاد. نقول لهذه الفئة أنّه قد تكون لديك اليوم قوة لا تنافسها قوة، لكن ليس هناك ضمان أن يستمر هذا الحال في المستقبل، فقد تتغير الموازين وتصير القوة بيد غيرك، فيعاملك بنفس الطريقة التي عاملتيه بها. فقد يقولون نحن سنمنع أي منافس من أن يمتلك القوة. فنقول لهم ليس بالضرورة أن تنجحوا والتاريخ يعلمنا أن الايام دول. أما إذا كان سبب احتفاظهم بالسلطة ومنع الاخرين للوصول اليها هو اعتقادهم أنهم أفضل المنافسين وأنهم أفضل من يحققون مصلحة البلاد، فنقول لهم ما قلناه للفئة الأولى. أمّا إذا لم تنجح الطريقة العقلانية فيمكن اللجوء إلى طريقة التربية والتثقيف في المدى البعيد، وأما إذا لم تنجح الطريقتان فلن يبقى إلا التفاوض وهو لا يحدث عادة إلا إذا تكافأ ميزان القوى، حيث لا يستطيع طرف تحقيق رغباته عن طريق القوة. وإذا حدث تفاوض ولم تكن قوة المتفاوضين متكافئة فإن ذلك قد يخل بنتائج التفاوض. ومن الضروري على الطرف القوي أن يدرك أنه إذا تم اتفاق غير متوازن وغير عادل، فإنه معرض للنقد والنقض في المستقبل إذا تمكن الطرف الضعيف من امتلاك القوة وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة. ومما يخل بتوازن القوى التدخلات الخارجية. وسبب التدخلات الخارجية ظلم الاغلبية للأقلية فتحدث في نفسها غبناً ومرارة تجعلها تتعاون مع جهات خارجية، أو قد يكون السبب طمع الاقلية ورغبتها في الهيمنة وأخذ أكثر من حقها. وتجدر الإشارة إلى أن من بين المتنافسين من قد يقول: إن الشعب السوداني شعب مسلم ولذلك ينبغي أن يكون الحكم مُعبراً عن هويته. هذا كلام في جملته صحيح؛ لكن هناك مشكلات تتصل بهذا القول، وهي أن هذا الشعب حدثت فيه اختراقات جعلته في وعي كاذب، أو ليس في الوعي المطلوب منه، فالاستعمار أحدث أثراً سلبياً في أحواله فصارت القوانين التي تحكم حياته العامة قوانين وضعية، وصار أسلوب حياته متأثراً بأسلوب الحياة الغربية. الأمر الثاني فقد وفدت إليه فلسفات وأيدولوجيات ونظم حياة مخالفة للإسلام كالماركسية والليبرالية والقومية والعلمانية. الأمر الثالث فقد بعُدت الشُقّة في المجتمع بين الفكر الإسلامي والفقه الإسلامي والحياة العامة، فأحدث ذلك فجوة علمية تحتاج الى اجتهاد لسدها. والأمر الرابع هو أن حكم الإنقاذ كان له أثر سلبي على صلاحية تطبيق الإسلام في الشأن العام، ومما فاقم هذا الأثر استغلال الجهات المعادية لفشل نظام البشير لإقصاء الاسلام أن يحكم الشأن العام. بالإضافة إلى ذلك فإن قادة الاتجاه الإسلامي لم ينجحوا في توحيد المسلمين، وهذا جعل من الصعوبة الحكم على من يمثل المسلمين، مما أضعف قوة الكيان العام للمسلمين وشاعت شعارات مضللة ومغلوطة مثل: أفضل لي أن يحكمني ملحد يوفر لي ولأولادي عمل وعيش كريم من أن يحكمني مسلم لا يوفر لي ذلك. فكان قدر المسلمين الذي لا فكاك منه بين هذين الخيارين، ولماذا لا يكون الخيار بين ملحد يوفر لي ولأولادي عمل وعيش كريم، وبين حاكم مسلم يوفر لي هذه التي يوفرها الملحد ويوفر لي أشياء لا يوفرها لي الملحد في حياتي الدينية والتي لها أهمية كبيرة عندي؟ من ناحية أخرى هناك من يشير إلى احتمال أن تكون هناك أغلبية تتفق على نظام سياسي ديمقراطي وأقلية تخالف هذه الاغلبية وتتمرد على النظام. في هذه الحالة من الأفضل تلمُّس مطالبها، وما هو ممكن تلبيته فإنه ليس من المصلحة أن تقوم بأعمال تضر بالاستقرار ومصلحة البلاد خاصة وقد تلجأ إلى قوة خارجية، تجد منها سنداً يمدها بقوة لم تكن تمتلكها. فإن أبت وتعنتت فحينذاك يجب قسرها. 1- مشكلة الحكم حاليا في السودان يود أن يختم المعلق الحديث عن مشكلة الحكم حاليا في السودان باقتراح، يقدمه كحل للتوافق بين المكونات الفاعلة في السودان، وقد يستغرب الكثيرون من هذا الاقتراح، ولا غرابة فيه. أقترح أن تكون مرجعية الفاعلين هي مبادئ الاسلام. لماذا يعتبر الماركسيون والليبراليون الماركسية والليبرالية مرجعية لكل القضايا البشرية ولا يعتبر الإسلام الذي من العليم الخبير مرجعية لها؟ البعض عندما يذكر الإسلام كحل، يقول تودون إعادة حكم البشير الفاسد والاستبدادي، وهؤلاء أنفسهم يقولون إن البشير وأتباعه شوهوا الإسلام، وأن الإسلام دين العدالة ودين الكرامة والحرية. نقول لهم لماذا لا تحققوا الإسلام أنتم؟ ألستم مسلمين؟ ألم يأمر الله المسلمين بتنفيذ أحكام معينة في شأن حياتهم العامة؟ مثلاً في مجال التجارة والبيوع وفي العلاقات الأسرية وفي العقوبات وفي علاقة مجتمع المسلمين بغيره من المجتمعات، أحكاما واضحة جلية؟ لماذا لا تقوموا أنتم بتنفيذها على الوجه الصحيح السليم؟ الإسلام لم ينزل في عهد الإنقاذ ولم يكن أول تطبيق له في عهد البشير. بل إن تنفيذ أوامر الله واجبة على كل مسلم يُسأل عنها يوم القيامة كل مسلم فردا. ونقول للماركسيين والليبراليين أنتم تبحثون عن مبادئ الحق والخير والإسلام سبق كل الفلسفات والنظم بها، فلماذا لا تأخذونها منه؟ 2- نشأة دولة الانقاذ بغرض الجهاد والتبشير قال دكتور عبد الله: لا ينبثق المطلب لإرساء الدولة المسلمة في السودان في حاجة باطنية للمسلمين تجسد أشواقهم للتقوى والعدل الاجتماعي، فقد كان دائما لحاجات الجهاد والتبشير الخارجية اعتبار كبير في هذا المطلب. إن الحديث عن النيات والدوافع جائز، ولكن ينبغي عند الحديث عنها توخي الحذر، لأنها ليست من الأمور المشاهدة، فهي عادة تعرف باعتراف صاحبها، وقد لا يكون صادقا، وقد يكون مضللا، أو تُستنبط من سلوكه وهذه قد يحدث فيها خطأ. القول بأن الإنقاذ أقامت دولتها من أجل الجهاد والتبشير، ممكن منطقيا، لكن لا يكفي أن تطلق مقولة، لمجرد أنها ممكنة منطقيا، إذ ينبغي أن يدلل صاحبها على أنها محتملة احتمالا يسمح بالاعتقاد في صحتها، خاصة وأن هناك احتمالات أخرى تنافس المقولة. ودكتور عبد الله لم يعط دليلا على مقولته وإنما أطلقها إطلاقا. قال دكتور عبد الله: إن الدافع الكبير لإقامة دولة الانقاذ هو الجهاد والتبشير الخارجي. ويلزم من قوله هذا، أن هناك دوافع أخرى، غير الجهاد والتبشير ولكنه لم يشر إليها، بل نفى ما قد يتبادر إلى الذهن أنه دافع لقيامها، فنفى أن يكون القصد من إقامتها، إرساء قواعد العدالة، ونفى أن يكون القصد أشواق التقوى. قد يقصد بأشواق التقوى محبة طاعة الله وخشيته. لكن الجهاد والاستشهاد قد يكون بدافع طاعة الله أيضاً، والتبشير؛ أي الدعوة؛ قد تكون لأجل نيل رضى الله ونيل ثوابه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم). وقد يكون الجهاد لنيل حظ من حظوظ الدنيا. إن هاجس الدعوة كان حضوره في ذهن الدكتور كبيرا بقوله إن كادر منظمة الدعوة هو الذي حكم الإنقاذ، وقيام دولة الإنقاذ كان بغرض التبشير؛ أي الدعوة. وتكاد تكون ممارسة الدعوة هي التي خلقت مشكلة الجنوب، بالرغم من أن المشكلة جذورها بعيدة من زمن الاستعمار، ومحاولته فصل الجنوب عن الشمال، وفعل المبشرين وبعض التجار والنخب ذات الأيدولوجيات، والإنقاذ والسياسات غير الرشيدة للحكومات المتعاقبة التي حكمت السودان، فكلّها عوامل كان لها دور مؤثِّر. والجدير بالذكر أن قادة الإنقاذ لم ينشغلوا كثيرا بالدعوة وأوكلوا أمرها لكيانات أخرى كعلماء السودان، وأمانة الفكر والدعوة ومنظمة الدعوة الإسلامية، وكانوا منشغلين بتثبيت الحكم. على أية حال نحن غير ملزمين بإيراد أدلة تدحض مقولة دكتور عبد الله فعبء الإثبات يقع على عاتقه. إن قيام دولة الإنقاذ كان بعد انقلاب 1989. وقد يكون من المفيد أن نسأل لماذا قامت الحركة الاسلامية أو قادتها بهذا الانقلاب؟ هناك تفسيرات مختلفة ذُكرت نذكر بعضها: هناك من يقول إن الجيش السوداني قبل الانقلاب كان في حالة ضعف شديد قد يؤدي الى انتصار جيش الحركة الشعبية، ولو تم ذلك لأدى لتغيير كبير في السودان قد يصل الى تغيير الهوية السودانية، ويتم القضاء على المسلمين والعرب. ومن الناس من يقول إنّ هذا القول المراد منه تبرير الانقلاب ولكن وفي الحقيقة فالانقلابيون كانوا يودون تنفيذ برنامجهم الإسلامي. ومنهم من يقول إن الانقلابين يرغبون في السلطة من أجل السلطة وما تحققه لهم من مصالح. فلماذا اختار دكتور عبد الله الجهاد والدعوة فقط؟ من الطبيعي أن تقوم الدولة أولا بمهام كثيرة ذكرها علماء المسلمين منها وظيفة مهمة وهي الدعوة. ومشروعية القتال في الإسلام تكون إما للدفاع عن النفس ورد عدوان أو لنصرة مظلوم أو لإزالة عائق يمنع حرية الدعوة. والبلاد التي تشن حرباً ضد بلد آخر يكون عادة دافعها الحصول على ثروات ذلك البلد، أو لصرف الأنظار عن مشكلات داخلية، وقد يكون لنشر عقيدة معينة. إذا كان غرض الإنقاذ الاساس والغرض الوحيد من قيامها أن تفرض الاسلام على الجنوب، لماذا تتخلى عن سبب قيامها وتوافق أن يحكم الجنوب بغير الشريعة؟ ولماذا قبلت بانفصاله؟ الراجح أنها فعلت ذلك لأن لدولتها مقاصد أخرى. 3- منظمة الدعوة الإسلامية تعمل بالوكالة قال دكتور عبد الله: إن منظمة الدعوة الاسلامية في السودان كانت تعمل بالوكالة. ووصف عملها بالوكالة بلغة قوية، فقال: (كانت بعثة تبشيرية من الخارج). ووصفها بأنها كانت تعمل لما هو مرسوم لها، وأن هناك مهمة موكلة لها لتنفيذها. وساوى في الوصف بين منظمة الدعوة الإسلامية والمعهد الدولي للغة العربية ولم يميز بينهما. ولم يعط دكتور عبد الله أدلة واضحة وحاسمة لهذه المقولة الصارمة. ولكن القارئ لمقالته يجد في ثناياها مبررات لهذه المقولة، تخص منظمة الدعوة الإسلامية وأخرى تخص المعهد الدولي للغة العربية. فقد قال عن العاملين في منظمة الدعوة الإسلامية، إن دافع عملهم في المنظمة المنفعة المادية فقال: (بشروط خدمتها الميسرة وأجرها بالدولار). يعني العاملين فيها، إذا استخدمنا لغة قوية كالتي يستخدمها دكتور عبد الله، مرتزقة. ارتزاق العاملين في المنظمات الدولية، قد يعتبر ظاهرة تحدث بالفعل فقد قال لي حد العاملين فيها، بصراحة إنه يعمل في إحداها للعائد المادي المجزي فيها. ولكن لا يصح تعميم ذلك على كل العاملين في المنظمات الدولية، وخاصة منظمة الدعوة الاسلامية بالسودان. في ما يلي بعض الحقائق التي تدحض أو تشكك فيما قاله دكتور عبد الله. إن أول مدير لمنظمة الدعوة الإسلامية في السودان كان مبارك قسم الله، والذي أسس العمل فيها. لقد كان من الذين يشهد له الكل بالزهد والنزاهة (والاخلاص). ولأنه كان بهذه الصفة كان يعتبر العمل في المنظمة لا ينبغي ان يكون لعائد مادي لذلك خصص أجورا قليلة للعاملين فيها، حتى اشتكوا من ذلك للأمين العام فقال الأمين العام لمبارك إن العاملين لهم حاجات معيشية ينبغي أن تلبى. وفي نهاية الأمر تم تعين مدير آخر للمنظمة ولكن الأجور لم تتغير كثيرا. ومن الطريف أنه يحكى أنه وصل للممولين للمنظمة في الخارج، أن مبارك قسم الله يصرف في المنظمة ببزخ وعلى نفسه. فجاء وفد منهم إلى السودان، دون سابق إنذار في زيارة تفقدية لكي يروا الحقائق في الواقع، ووصف لهم منزل مبارك الذي كان بالثورة، وعندما وصلوا حسب الوصف وجدوا أن مظهر المنزل متواضع، فظنوا أن الوصف كان خطأ. ولما تأكدوا وفتح لهم أحدهم المنزل وجدوا ولدهشتهم الشديدة أن مبارك كان جالسا يغسل في ملابسه بنفسه. ومن يومها قرروا أن يدفعوا أي مبلغ يطلبه مبارك قسم الله دون تردد. إن فكرة قيام منظمة الدعوة الإسلامية جاءت من السودان فكيف يفسر عملها أنه كان بالوكالة؟ يرى المعلق أنه من الأنسب أن يفسر عمل المنظمة بأنه كان بالشراكة، والشراكة لا تعارض الأصالة لأنها باختيار، خاصة وأن دكتور عبد الله قال في موضع من مقاله: وهذه طريق الدعاة الذين فتحوا السودان لمؤسسات الدعوة العربية الإسلامية لتعينهم ويعينوها. لتعينهم وليعينوها هذا يعني أنّها شراكة. إن العمل يكون أكثر أثراً وفاعلية إذا تعاون على فعله جمع من الناس، خاصة إذا كانت طبيعة العمل المراد فعله يقتضي التعاون، ولا تكفي لإنجازه فئة محدودة. فمثلاً في مسألة الدعوة التي نحن بصددها قد تحتاج إلى: تمويل، ودولة مقر، وإلى تخطيط، وإلى إدارة وعاملين. وما دام العمل الخيري جائز؛ بل مستحب، وأنه برضى المُستهدفين، فإنه من المناسب أن يُختار لكل وظيفة ما ومن يناسبها لمن يقوم بها. من ناحية أخرى، فإن المعهد الدولي للغة العربية، هو معهد فني مختص في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، لأجل ذلك فإن الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا - وفيها اللغة العربية ضمن لغات التدريس فيها -، استعانت في تدريس اللغة العربية للملاويين ولغير الناطقين بها من طلابها بأساتذة من السودان. إن المعهد الدولي للغة العربية فرع من فروع وذراع من أذرع منظمة التربية والثقافة والعلوم العربية بتونس وتتبع لجامعة الدول العربية. والتي كانت برئاسة، في ذلك الوقت الدكتور محي الدين صابر، فاختير السودان ليكون مقراً للمعهد الدولي للغة العربية. وللمنظمة خمسة أذرع وفروع، اختيرت دول أخرى اعتبرت مناسبة لتكون مقرها ولوظائف أخرى، منها مركز البحوث والترجمة في دمشق، ومعهد المخطوطات العربية بالقاهرة. السؤال: هل منظمة الدعوة الاسلامية فرضت شيئا بالقانون في أنشتطها التي تقوم بها بطريقة غير شرعية؟ منظمة الدعوة تدعو الأفارقة والجنوبيين للإسلام، ولها مدارس خاصة وتقوم بمساعدات خيرية. وهي لا تقسر أحدا عندما تدعوه للإسلام. القسر في مسألة الإيمان لا جدوى له لأنه لا يحدث إيمانا لأن الإيمان مسألة قلبية. أما مدارسها فمدارس خاصة، مثلها مثل المدارس الخاصة المسيحية حيث يختار الآباء لأبنائهم المدرسة التي يريدون. وتجدر الإشارة أن قسيسا اختار لبناته مدارس منظمة الدعوة الاسلامية، والسبب في ذلك كما قال إنها مدارس منضبطة خاصة في اللبس. وكثير من الآباء في الشمال يختارون لأبنائهم مدارس منظمة الدعوة الخاصة لكفاءتها ونظامها ومناهجها. أما كونها تدرس باللغة العربية، فإن الكثير من المدارس المسيحية تدرس باللغة العربية لأن اللغة العربية (عربي جوبا) هي اللغة المشتركة لكثير من الجنوبيين في جنوب السودان. بقي قول لا أرغب في الخوض فيه وهو أن الرجل العادي ليست لديه مشكلة حقيقية مع الإسلام وإنما المشكلة مع الأيديولوجيين الماركسيين والعلمانيين. وسنواصل إن شاء الله عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.