مع تسارع جهود المفاوضات المضنية التي تجري بين حكومة السودان الإنتقالية والحكومة الأمريكية ، الرامية الي تحقيق إختراق في ملف تسوية تعويضات أسر ضحايا تفجيري سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبي ودار السلام في عام 1998، والتي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص منهم 12 أمريكيا ، وتفجير الباخرة الامريكية كوول في عام 2000، التي قتل فيها 17 جنديا امريكيا أثناء رسوها قبالة ميناء عدن اليمني. وهي قضايا منظورة أمام المحاكم الامريكية ضد حكومة السودان بتهمة الضلوع في تلك الاحداث . وبحسب أفادة السيد وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري في مؤتمرة الصحفي الأخير بأن الحكومة الانتقالية التي ورثت هذة القضية الشائكة والمعقدة قد قطعت شوطا بعيدا في طريق طي هذا الملف قريبا ، مقرونا هذا بتصريحات متفائلة صدرت مؤخرا عن سفير السودان بواشنطن السيد نور الدين ساتي، قال فيها بأن هذة التسوية سوف تنقذ الاقتصاد السوداني المتعسر في وقت دقيق وحساس من تاريخ البلاد. تأتي هذة المساعي الحثيثة لتوقيع هذة التسوية في وقت يحاول فيه السودان جاهدا التحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية وتحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة بعد الأطاحة بنظام البشير. أذي يعول السودانيون كثيرا علي تسوية هذة القضية و شطب أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، مما يعزز بشكل كبير الحكومة المدنية الإنتقالية الجديدة في البلاد وتقويتها وفك عزلتها الدولية في مواجهة المتربصين بالتحول الديمقراطي ، بالأضافة الي تطبيع علاقات السودان مع مؤسسات التمويل الدولية والاستفادة من خدماتها وعلي رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، وجذب الأستثمارات الاجنبية. شبح أحداث 11 سبتمبر بيد أن هذة التسوية سوف تواجه معضلة كبري يصعب تجاوزها ، وهي أن الدستور الامريكي يعطي الكونغرس صلاحية إبطال هذ التسوية خلال 45 يوما من تاريخ مصادقة الرئيس ترامب عليها . وسبب هذا التهديد هو الحملة الشرسة التي تستهدف الضغط علي أعضاء الكونغرس لأيقاف هذة التسوية، وهي حملة تقودها السيدة كريستين بريتوايزر(Kristen Breitweiser) ، وهي أرملة قضي زوجها في مدينة نيويورك في هجمات 11 سبتمبر من بين 2753 شخصًا قتلوا معة في تلك الأحداث الارهابية المؤسفة . أذ تري عائلات ضحايا 11 سبتمبر ، بأن السودان ساعد تنظيم القاعدة بشكل او آخر قبل وقوع تلك الهجمات و لذلك ينبغي محاسبتة علي تلك الجريمة قبل الشروع في إزالة اسمة من قائمة الدول الراعية للإرهاب .وتمثل مفوضية أسر ضحايا 11 سبتمبر ، وهي هيئة ذات نفوذ قوي تعني بالبحث في الملابسات والظروف التي سبقت وقوع تلك الاحداث ، وتحظي بتأييد كبير في أوساط أعضاء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين علي حد سواء، تحديا حقيقيا لهذة التسوية ولايمكن تجاوزها في قضية حساسة بحجم احداث 11 سبتمبر التي غيرت وجة العالم .أذ تتبني هذة المفوضية وجهة نظر تقول ، بالرغم من أن أسامة بن لادن قد غادر السودان في عام 1996 قبل وقت طويل من وقوع تلك الاحداث في 2001 ، إلا ان أموالة التي خلفها وراءة في السودان ظلت تشكل إحدي مصادر تمويل نشاطة الارهابي. لكي لا تضيع هذة الجهود الكبيرة التي تضطلع بها وزارتي الخارجية والعدل السودانيتين سدي، وفي ظل تشدد أسر ضحايا 11 سبتمبر ومحاموهم وتأثيرهم القوي علي أعضاء الكونغرس الامريكي، ولكي نضمن اتفاقا وتسوية نهائية تحصن السودان من أي دعاوي قانونية مستقبلية يمكن ان ترفع امام المحاكم الامريكية ، يجب علي الحكومة الإنتقالية أن تتبني مسارا مختلفا يعمل بالتوازي مع الجهود الرسمية السياسية والقانونية . فالأستعانة بالدبلوماسية الشعبية يمكن ان يكون لها صدي في نفوس من فقدوا أحبائهم من الامريكان ويخفف من مصابهم وآلامهم . أن تشكيل وزارة الخارجية السودانية لوفد مصغر من 6 نساء سودانيات – 2 من معسكري كلمة وأبوشوك و2 من جبال النوبة و2 من أمهات ضحايا مذبحة فض الأعتصام - من اللواتي فقدن أحبائهن في ظروف مأساوية مماثلة جراء بطش نظام البشير، وسفرهن الي الولاياتالمتحدة لمقابلة أسر ضحايا 11 سبتمبر وأسر ضحايا تفجيري نيروبي ودار السلام والباخرة كوول، يمكن ان يرسل رسالة مباشرة للأمهات والأرامل الامريكيات المكلومات ، بأن نساء السودان يكابدن ذات المصاب. وأن عدم رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وانزلاقة نحو الفوضي لن يجلب إلا مزيدا من الدماء و الأحزان لنساء أخريات في السودان وفي الاقليم ، ويتسبب في مآسي لشعب ناضل وأفلح في الإطاحة بالديكتاتورية. لذلك علي الشعب الأمريكي ان لايهدر فرصة مد يد العون للسودان في هذة الظروف الحرجة التي يكابدها السودانيون الذين كانوا أكبر ضحايا نظام البشير الفاشيستي علي مدي ثلاثة عقود . أن السودان الجديد يمكن ان يكون صديقا حقيقيا للولايات المتحدة وجسرها الذي يربط بين الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء بموقعه الجيوإستراتيجي المتميز . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.