1) حلول ازمة الاقتصاد السوداني والبديل الثوري قال كونفشيوس` في ظل حكومة فاضلة الفقر عار، وفي ظل حكومة سيئة الغنى هو العار` عندما طالب أحد حضور المؤتمر الاقتصادي 2020 من وزراء الفترة الانتقالية ان يقفوا مع الشعب في صفوف الخبز والبنزين والغاز كان يريد توجيه أكثر من رسالة لرئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك وللشعب أيضاً منها ان من لا ينظر لمشاكل الاقتصاد بمنظار الجماهير التي أتت به للسلطة بمنظار معاناتها اليومية وإحباطاتها المستمرة سوف لن يرى حقيقة المشكل الاقتصادي وبالتالي سوف يعجز عن توليد الحلول الثورية العاجلة التي لا تحتاج درس عصر. تتحدث الأممالمتحدة عن ان الوضع الاقتصادي في السودان والذي يتميز بارتفاع معدلات التضخم، مزرٍ جداً وأسعار الأغذية تضاعفت 8 مرات خلال عام واحد. لكن ماهي حقيقة المشكل الاقتصادي نفسه. عندما تطالب الجماهير وقواها الثورية بتصفية التمكين الاقتصادي للنظام المدحور ومحاسبة المفسدين واسترداد الأموال المنهوبة والسيطرة على جماح السوق فإنها تحدد هذه العلة واسبابها. لا يخفى على أحد التفاوت الطبقي الكبير في السودان بعد ثلاثون عاماً من حكم الإنقاذ حيث لا يوجد الا طبقة طبقتي الفقراء والأثرياء من صناعة التمكين الاقتصادي او من أثرى على حساب الشعب بمضاعفة الأرباح الفاحشة التي وصلت 200% بينما كانت في الماضي القريب لا تتجاوز 20% كل ذلك في زمن تحرير التجارة والتهرب من دفع الضرائب والتي قبل أن تكون حق الدولة هي حق الشعب في العلاج والتعليم. في زخم تلك السياسة الحمقاء وفوضى الأسعار التي قصد منها تمكين منسوبي الحركة الإسلامية وإفقار الشعب للسيطرة عليه بالمال تولدت وتكاثرت وتضخمت هذه الطبقة الطفيلية تحت مظلة التحرير الاقتصادي وتناسلت مع بعض على حساب الفقراء والمساكين تدفعها للأسف سلوكيات اجتماعية دخيلة على المجتمع السوداني من رشوة وانعدام للوطنية والأنانية وأكل المال الحرام والغش والخداع في الإقرارات الضريبية وحتى إقرارات الذكاة. في وقت ما وعندما اتضح جلياً لأصحاب الاعمال التجارية في السودان ان حكومة الإخوان الفاشية لا تشجع الإنتاج ولا تبذل جهدا في منع التهرب الضريبي بل تعفي شركات بعينها وجمعيات خيرية وهمية تنافسهم في السوق، باع الصناعيون مصانعهم وسلموا رخصهم التجارية ودخلوا سوق السمسرة لتتحول الصناعة لتجارة والتجارة لفهلوية وسمسرة وتهرب من الضرائب ولتتحول `ضهرية` العربية الي قسم حسابات وخزانة. كل ذلك حدث لغياب الفكر الاقتصادي والرؤية الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي حيث واجهت كوادر الحركة الإسلامية التي وثبت الى السلطة في تسعينات القرن الماضي في غفلة من الزمن قضايا اقتصادية شائكة بخبرات قيادة اتحادات الطلاب الفطيرة وبمجرد مقولات ضبابية مثل الإسلام هو الحل. إن المار بشوارع الخرطوم سوف يشاهد هذا الكم من السيارات الفارهة والعمارات الشاهقة لن يصدق ان هذا البلد فقير وعلى حافة الإفلاس وسوف يتساءل سؤالاً بريئاً: هل يدفع أصحاب هذه السيارات والعمارات ما عليهم من ضرائب وذكاة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فلماذا كل هذا الفقر ولماذا هذا التدهور البيئي حيث لا شوارع اسفلتية ولا أرصفة ولا مجاري ولا مياه ولا كهرباء في أرقى الأحياء. وهنالك واجهة فساد أخرى وورم سرطاني خطير جداً في الجهاز العصبي للاقتصاد السوداني يشل حركته حيث انه وبعد ان نجح تنظيم الإخوان المسلمين في مطلع التسعينات وبعد تمكين كوادره في كل دواوين الدولة عمل على توفير الدعم المالي الكافي الذي سوف يمكنه من السيطرة على البلاد والعباد كما كانوا يظنون. وتم العمل عبر واجهات مختلفة معروفة للجميع من شركات وصرافات ومنظمات خيرية لا تدفع جمارك او ضرائب تنافس القطاع الخاص منافسة غير شريفة. لذلك وجب تصفية هذه الواجهات قبل الحديث عن أي إصلاح لحال الاقتصاد السوداني وكل المعالجات التي تمت عبر لجنة إزالة التمكين لم تكن كافية بل مجرد علاجات عرضيه في حين ان المطلوب هو إزالة الورم بعملية جراحية ثورية لا تبقي له أثر. أن المعالجات يجب ان تكون في إطار تخطيط استراتيجي متكامل ووفق منهج ورؤية وفكر ثوري يهدف لإعادة توازن المجتمع السوداني وإزالة الفوارق الطبقية وتشجيع الإنتاج ولجم الاستهلاك البذخي طريق بديل ثوري: 1) حزمة إصلاح اقتصادي واجتماعي شامل يستلهم تجارب الدول الأخرى مثل البرازيل وإثيوبيا يتضمن استخدام التقنيات الرقمية لإلزام الكل بدفع ما عليه من التزامات مالية للدولة بما في ذلك السماسرة والوريقة ورفع قيمة الضرائب على ذوي الدخل العالي مع إعطاءهم حوافز اقتصادية وسن قانون يلزم الجميع بدفع الضرائب بدلاً من الوضع الحالي حيث يدفع الضرائب الكاملة والحقيقية موظفو الدولة (وغالبيتهم من الفقراء) والمغتربين فقط قبل تلقي أي خدمة من الدولة مثل اذن السفر والتمويل المصرفي والترشح للانتخابات...إلخ. 2) عودة الدولة لممارسة دورها الطبيعي في التخطيط للاقتصاد السوداني وهو مطلب ثوري لا يجب ان نتخلى عنه بحجج واهية مثل التحرير خروج الدولة من الاقتصاد لصالح القطاع الخاص او تحت ضغط البك الدولي وسياساته. علينا وعلى قوى الثورة الحية الضغط بقوة لعودة مؤسسات تسويق الإنتاج الزراعي التي تخلص منها أو الغي امتيازاتها أو خربها بالتمكين نظام الإنفاذ المدحور مثل مؤسسات الحبوب الزيتية والسكر والصمغ العربي وتسويق الماشية والأقطان. 3) عودة التعاونيات الاستهلاكية ودعم تكوين التعاونيات الإنتاجية. مما لا شك فيه إن التعاونيات التي تقدم خدماتها للناس بدون تفرقة بينهم وتعالج التفاوت في الدخل تقدم المواد الاستهلاكية للمشتركين بأسعار معقولة هي أفضل النظم الاقتصادية لمعالجة مشكلات الاقتصاد السوداني. كما أنها وسيلة الفقراء من أجل العيش الكريم الشريف وتهدف لتحقيق العدالة الاجتماعية وللتعاون في البناء والإعمار والتنمية حيث لا تهدف لتحقيق الأرباح. لكل ذلك لمحاربة السمسرة فإن الجمعيات التعاونية الزراعية سوف تضمن دخل أعلى للمزارع ومنتجات معقولة السعر لجموع المستهلكين عبر الجمعيات التعاونية الاستهلاكية. انها ليست بأحلام وردية ولكنها بديل ثوري واضح المعالم وحلول قابلة للتنفيذ رغم التحديات المتوقعة ويمكن ان تكون المخرج الآمن من أزمات الاقتصاد السوداني. إنها مجرد محاولة لرسم خارطة طريق ثوري بديل ورؤية تحتاج مذيد من النقاش والتحسين والتطوير وهذه دعوة للجميع. لست اقتصادياً ولا ادعي مطلق الحكمة لكني مؤمن بوجهة نظري وكما قال الإمام الشافعي `رأيي صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأ، و رأيُ غَيري خَطأ يَحتَمِلُ الصَّوابَ` `الذي قال إن الفقر ليس عيباً كان يريد أن يكملها ويقول: بل جريمة، ولكن الأغنياء قاطعوه بالتصفيق الحار( تشي جيفارا)` والله من وراء القصد. (ونواصل) عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.